HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

أعلنت عليك هذا الحب


عبد الكريم التابي
الخميس 3 فبراير 2011




أعلنت عليك هذا الحب
أنوال فينيقية الملامح ..ريفية الهمة
يامغناجا ..متى تقيمين عرسك؟!
آتيك بالقرابين فجرا !
مع صيحة الديك
أحمل أرغفة خبز وملح
تتسللين ، وأبقى وحيدا
أحرث تراب الأزقة الصماء...

1. خجولا أطل من وراء نافذة الأربعاء :
كان عبد الرفيع جواهري الشاعر والصحفي والمحامي ورئيس اتحاد الكتاب السابق والعضو الحالي بالمكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي يطل في أواسط الثمانينات كل أربعاء من نافذة خاصة به بجريدة " الاتحاد الاشتراكي " أيام كان الحزب معارضا يشغل الناس بأصوات برلمانية التي تجلجل في القبة المحترمة.وبالذراع الصاعقة لمركزيته النقابية العتيدة آنذاك ، وعلى صفحات جريدته كانت كتابات جواهري ساخرة لاذعة في نقد وزراء الحكومة وعلى رأسهم صاحبه " بوكرفادة "كما كان يحلو له أن يسميه .وكانت إلى حد ما تشبه كتابات رشيد نيني على صفحات " الصباح " وكانت هي الأخرى تلقى استهلاكا كبيرا ، إلا أنه لم يكتب لها ولن يكتب لمثيلتها لرشيد نيني الديمومة والخلود ، ولن يكون في مقدورها أن تبقى وشما في قلوب القراء لكونها لم تكن تقول للناس سوى المستساغ عن أحوال وتصريف تفاصيل يومية مملة لشخصيات لم يكن لها من صفة الوزير إلا الإسم وتدشين مشاريع الصنابير وأحجار الأساس المغشوشة...وأذكر أن أولى الخطوات التي قادتني إلى جحيم الصحافة اللذيذ كانت رسالة بكرا عذراء بعثتها إلى الأستاذ عبد الرفيع جواهري في صيف أواسط الثمانينات تحت عنوان " خجولا أطل من وراء نافذة الأربعاء " ونشرت بالصفحة الأخيرة بجريدة الاتحاد الاشتراكي عبرت من خلالها عن عتاب دافئ للأستاذ جواهري حينما فضل نزولا عند رغبة الرقيب طوعا أو قسرا أن ينصرف في ذاك الصيف الحار حرارتين :حرارة الله وحرارة المخزن ، إلى الإسهاب لدرجة الضجر في الحديث عن خصمه " بوكرفادة "في الوقت الذي كان المخزن بكل طواقمه : عماله وباشواته وقواده وشيوخه ومقدميه يغير في حرب ضروس على الشعب المغربي ليدفع " الجزية " مكرها لبناء المسجد الذي يعرف اليوم بمسجد الحسن الثاني.
2 -" وكان عرشه على الماء ":
وجدها بعض رجالات المخزن وأعوانهم حجة مسنودة باسم الله وباسم الملك ليشنوا غاراتهم الكاسحة على الناس شاهرة سيفا - لم يستثنوا فقيرا ولا معد ما .كانوا يجوبون أسواق المغرب وقراه بالطول والعرض ويتنافسون حول من يجمع أكثر..ويجتهدون في إذلال " الرعايا " وابتزازهم بلزومية الدفع أو رشمهم في خانة أعداء الله والملك !!!لم أكن وقتها منخرطا بمعنى من المعاني في حزب ما ، ولكن كانت تستهويني أشعار " غارسيا لوكا " و" اللعبي " و" زريقة " الذي كان يكتب كدب جريح :
وأنا عجبت كيف يصرف مال الفقراء...
في شراء جلد السياط...
وبناء بركة المتوكل...
وأنا حين أقول : الجوع مخلوق ، القتل مخلوق ..
تأخذني شرطة مكة وتعصب عيني بالعمامة وتساومني بالسياط.
فلم أدركيف صرت أشعر بنوع من الريبة وعدم الاطمئنان للذي استهوتنا كلماته في " ميعاد " ورفعنا إلى السموات السبع ب " رموش " ساحرة في ليلة " القمر الأحمر " التي كانت فيها سعيدة بنت مراكش " راحلة " في الأعالي إلى " قصة الأشواق ".
3 -أعلنت عليك الحب ...:
لم يكن الإعلان عن هذا الحب سوى عنوان لقصيدة جميلة صاخبة ناعمة للشاعر الراحل عبد الله راجع .شاءت الصدف أن يكون فاتحة لأول مقالة نشرت لي على جريدة " أنوال " لسان منظمة العمل الديمقراطي الشعبي ، والتي ولدت في المنفى بفرنسا سنة 79 في كنف " منظمة 23 مارس " وسماها المناضل محمد بنسعيد وتحمل إدارة النشر بها المرحوم الحسين كوار ورأس تحريرها طالع سعود الأطلسي وسهر على تربيتها رفاق فرقتهم السياسية ومقالب المخزن ، فمنهم من أضناه المسير وتوقف في منتصف الطريق ، ومنهم من توغل جهة اليمين ، ومنهم من تاهت به الدروب وراح يهيم في أرض الله الواسعة ، ومنهم من آثر أن ينجو بنفسه وبجلده ،ومنهم من لازال يتحرك نحو السموات السبع.
-4ومازلت أعلن عليك ذاك الحب :
في يوم 13 من سنة 96 في يوم الاستفتاء على الدستور تم توقيف جريدة " أنوال " بأمر صادر عن السيد رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط ، يقضي بإيقاف صدور " أنوال " مع النفاذ المعجل وعلى الأصل وقبل التسجيل !!!وأصدرت محكمة الاستئناف بعد ذلك حكما باستئناف إصدار " أنوال " لفائدة المنظمة إلا أن المخزن لم يكن ليقبل أن ينتصر القضاء عليه فقرر منع إعادة الإصدار !!!وجاءت بعدها " الأنوار " و" المنظمة "و" العمل الديمقراطي " و " اليسار الموحد "..إلا أن أنوال تحتل مساحات كبيرة في القلب.
5 -ضريبة " أنوال " ..
قالت والدتي : ما خطبك ياولدي ؟ لقد شابت شواتك ونتف الزمن شعر رأسك.أما آن لك أن تركن إلى نفسك؟؟؟وقال صاحبي الذي رحل إلى الجهة الأخرى : ما أتفه تفكيرك !وما أكبر سذاجتك ! ماذا جنيت من كل هذا الوهم ؟ونوض دبر على راسك ...ولا تبقى تابع لي الخوا الخاوي!!وقال أحد الجيران بعفوية وصدق :
-" كول لي أوليدي ، شحال كيعطوك هدوك مولين الجورنال اللي كنتي كتضل تكتب معاهم ؟ "
-" راه أنا نعم أسيدي اللي كنت كنخسر الفلوس ديالي باش نصيفت ليهم المقالات والتصاور في البوسطة والتليفون والفاكس .ولا ملي كتمشي لعندهم للرباط والدارالبيضاء"
-آش أوا كتكول !!!مايمكنش!!!وعلاش أسيدي كاع هاد تمارة كلها ؟
-راه ماشي غير أنا بوحدي..راه كاينين الخوت اللي خسرو كتار من هاد الشي ، وبلا جميل ...ونزيد نكول ليك على قبال هاداك الجورنان عندي نعم أسيدي ربعة ديال الدعاوي في المحكمة دوزتهم.فيهم ثلث شهور ديال الحبس سورسي والغرامة وست أيام نافذة كنت يا الله غادي ندوزها في هاذ الشهر على واحد المقر ديال المنظمة ما تخلصوش فيه شي شهورا وحصل في أنا من الانتخابات ديال 97 ..كانو ترشحو فيه شي وحدين ، فيهم واحد نجح في المجلس ودكتور وولى اليوم زعيم كال ليك أسيدي باغي ينمي البلاد!!!وكانو حتى المعطلين ساكنين في هداك المقر شي عام ديال ليام ...ونزيد على هاد الشي جوج ديال المناضلين ديال آخر الوقت شفوني كنكل العصا في البار اللي كانو كيشربو فيه وبقاو كيتفرجو في وأكثر من هاد الشي شهدو في زور في الكوميسارية وفي المحكمة وكالو ليهم " كاع ما تنعرفوهش!!!إيوا شفتي الخلاص ديال الجورنان كيداير !!!
6-" حقائق " :المستقبل للإعلام المحلي والجهوي :
كان للتوقف الاضطراري للصدور اليومي لإعلام المنظمة واليسار الموحد لاحقا أثر في تحويل وجهتي نحو الإعلام الجهوي وذلك تقديرا مني للدور الحيوي والهام الذي يمكن أن يلعبه ، وقدرت أن يكون انخراطي في هذا المشروع الإعلامي حسا استباقيا لما يمكن أن تكون عليه حاجيات الجهة مستقبلا ، وأصبحت مقتنعا اليوم أكثر من ذي قبل أن المستقبل لن يكون إلا للإعلام المحلي والجهوي ..
وقد وجدت في جريدة " حقائق " مجالا رحبا فسيحا احتضن كثيرا من مواقفي السياسية والفكرية دون رقابة أو حذف أو خوف وكثيرا من شغب الصبا وحماقات المشعل وذكريات افريقيا وحروب المنظمة وآمال اليسار.



         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير