HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

الامن ورجاله


الكاتب ذ.عبد الكبير مولوع
الثلاثاء 17 مارس 2015




الامن ورجاله





يشكل مطلب الأمن بالنسبة لكافة أفرد المجتمع من المواطنين المطلب الذي يفوق في أهميته باقي المطالب الأخرى المرتبطة بالحقوق المدنية و الاجتماعية والاقتصادية ،لأن الحياة في نواحيها الأخرى يمكن استدراك أمرها بشكل أو بآخر،طالما أن البحث جار عن سبل تحقيق التنمية .
إلا أن ما يجد المواطنون أنفسهم في أمس الحاجة إليه دون صبر أو تأجيل هو أمنهم وطمأنينتهم في البيت والشارع والعمل.
ورجال السلطة الموكول لهم هذا الأمر، و الآخذين على رقابهم هذه الأمانة هم من يمكنهم ضمان الحماية للمواطنين وتأمينهم من أي خوف، وإشعارهم بالطمأنينة وإبعادهم عن كل أسباب التظلم والتعسف ، مما يدخل الرعب إلى القلوب والنفوس ويجعلها مرتبكة ومضطربة لا تقدر على القيام بواجباتها على الشكل المطلوب.
فإذا كان استقرار البلاد أمرا موكولا للدولة والمواطنين أيضا كمجتمع مدني مشارك، فإن سيادة الأمن هي ما يعطي للمجتمع ُبعده الحضاري الذي يتخلص به من نزعات السلوك المنفلت الذي تحركه نزعات وغرائز الشر بكل تمظهراتها في العلاقات بين الناس في كل أشكال الروابط و القرابات .
والأمن لا يسود إلا برجاله. وإذا لم يقدره رجاله حق قدره فقد يعطلون فعاليته كفعل حضاري بفرض سيادة القانون المدني ويخلص المجتمع من انتشار سلوكات الأهواء الفردية النزاعة بتخبطها إلى تدمير كل ما هو بعيد عن نطاق أنانية الذات وتحصينها من الآفات طالما أنها قادرة على ذلك بينما لا تراعي بغريزتها التدميرية مصالح الغير وسلامة ذاوتهم .
ولا أدل على ذلك من رؤية البشر يتعدى بعضهم على بعض، ويسرق بعضهم البعض ،ويقتل بعضهم البعض ضربا أو شنقا أو رمينا بالرصاص أو تفجيرا .
ولقد راهنت بلادنا مند عقود على إحكام نظام الأمن وجعله يغطي كل الفضاءات ويقترب من كل المرافق والبنايات ومن كل الأفراد والجماعات ،ويحمي الحريات ويصون الممتلكات كما وفرت العدة لما يجعل العمل نافذا وسير المواطنين في حياتهم عاديا ،وحرية التنقل وتجول المواطنين أو الزائرين والسائحين امرا اعتياديا .
وبفعل التحولات المجتمعية التي كانت سببا في تحولات القيم لدى أفراد المجتمع بكل فئاته وخصوصا الشباب تضاعف مجهود رجال الأمن والساهرين على خدمة المواطنين في قضاء أغراضهم الإدارية بالإضافة إلى الازدياد الملحوظ في الكثافة السكانية وتفشي ظاهرة الفوارق الطبقية وعجز الدولة على تلبية الحاجة إلى التشغيل واقتحام الشباب مجالا ت العمل غير القانوني وممارسة النشاط التجاري غير المهيكل. كل هذا فرض تحديا سينضاف الى أعباء ضبط سلوكات الشباب و المراهقين الذين لم يعودوا يسلكون وفق ما تقتضيه القيم و الاحترام الواجب للمؤسسات ورموزها و الاسرة وحرمتها . و ذواتهم وسلامتها وصحتها بدنيا ونفسيا .
فكيف يكون لجهاز الأمن ومديرية الأمن الوطني دورا فاعلا و مشهودا له في اضفاء مزيد من سيماء علاقات التحضر بين أفراد المجتمع وسائر المواطنين؟
وكيف يمكن أن يهي ء جهاز الأمن برنامجا ذا طابع بيداغوجي مكمل للإجراءات الزجرية والعقابية لكي يستقيم حال الناس والناشئة على الخصوص ؟
ولدي يقين تام بأن مبادرات شبيهة بالتي قام بها رجال أمن مخلصين في إطار الشراكة بين مديرية الأمن الوطني و وزاه التربية الوطنية من أجل خلق جسورمن التواصل والشرح والتفسير والتنوير من أجل محو الصورة التقليدية للشباب عن رجال السلطة والأمن والذين في نظرهم ليسوا إلا ممثلين لجهاز قمعي متربص .
ولقد أظهرت تلك اللقاءات التواصلية مع التلاميذ والشباب في الثانوي والإعدادي ،مدى التجاوب والاستجابة، ومدى التأثير الإيجابي حيث زالت الحواجز وتحول الضابط ورجل الأمن إلى أستاذ ومربي وداعم متعاطف مبديا كل استعداده لتقديم الدعم والمساعدة في الاحاطة بالأخطار المحذقة بمحيط المؤسسة وفي الشارع وآفة المخدرات وعواقبها على الخلق والنفس والجسد وكيفية مواجهة التحرش الجنسي ،بالإضافة إلى ما ينبغي أن يتعلمه الشباب و يقرأون عنه من قوانين مدنية تساهم في جعل الفرد مواطنا صالحا يتصرف وفق ما يقتضيه السلوك المدني المتحضر .
فتحية صادقة لكل رجل أمن مخلص في عمله ،غيور على أمن وطنه ،وسلامة مواطنيه بكل نزاهة وتجرد ونكران للذات .

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير