HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

الحكومة المغربية المقبلة والذكرى 6 لحركة 20 فبراير


ذ. محمد الحجام
الخميس 2 مارس 2017




الحكومة المغربية المقبلة والذكرى 6 لحركة 20 فبراير






اللقاء الأخير بين أخنوش المحاور الرئيسي لبنكيران في تشكيل الحكومة "المعرقل" تلته تصريحات متفائلة بتقارب بين الرجلين المعنيين، وتقدم في قرب التفاهم على إعلان التشكيلة الحكومية، هذا التفاهم لم يدم 48 ساعة حتى بدده أخنوش بتصريحه أن لا جديد حصل بين الطرفين دون تقديم أي تفاصيل حول ما دار بينه وبنكيران.

ومهما يكن من تطورات، فالكل يجمع أن ما يجري بين الأحزاب في هذا الشأن وما وقع وما يقع، لا يخضع للمنطق الديمقراطي والبرنامجي ونتائج الانتخابات، التي لم ترضي أطرافا وازنة في القرار النافذ، وأن كل السيناريوهات المحتملة، بما فيها حكومة أقلية، أو حكومة ائتلاف أو حكومة انتقالية، لن تخرج عن الخريطة التي رسمت قبل الانتخابات والتي أفسدتها نتائج 7 أكتوبر، والتي وجب إعادة تحققها بما يجري حاليا وما سيحصل قريبا.

وفي هذا الركن من عدد الجريدة 352 لفاتح شتنبر 2016، كنا قد نشرنا افتتاحية بعنوان: التراكتور والمصباح من الشيفور، ومن الكريسون في عربة الحكومة المقبلة؟ ورغم أن الافتتاحية صدرت قبل إجراء الانتخابات البرلمانية، نعيد نشرها كما وردت لأن ما تضمنته لازال قائما وإن تغيرت بعض الأسماء والأقمصة:

التراكتور والمصباح من الشيفور ومن الكريسون في عربة الحكومة المقبلة؟

أي رصد أو قراءة تحليلية للخريطة السياسية وافرازات الانتخابات التشريعية المقبلة وما سيترتب عنها من نتائج وتحالفات في المؤسستين التشريعية والتنفيذية، يستوجب بالضرورة استحضار ظروف تكون تركيبة الخريطة السياسية الحالية، ولن يتأتى هذا دون استحضار انتفاضات حركة 20 فبراير (التي لازالت حية في مواقع التواصل، رغم خفوتها في الشارع) وما تلاها من دستور 2011 وترأس حزب العدالة والتنمية للتشكيلة الحكومية، بعدما كان حزب الأصالة والمعاصرة في أوجه لهذه المهمة، بعد تحوله من حركة لكل الديمقراطيين إلى حزب ابتلع بعض الأحزاب بعد التحالف، في انتخابات 2009 التي جاءت تحت شعار خلخلة الحقل السياسي والحزبي الذي أصيب بالخشبية والشيخوخة، خصوصا في انتخابات 2007 التي شكلت أعلى نسبة في العزوف عن التصويت، نتيجة اجهاض تجربة الانتقال من التناوب التوافقي إلى التناوب الحقيقي التي قادها اليوسفي، بتعيين ادريس جطو بدله في انتخابات 2002، حيث اتهم اليوسفي النظام بالخروج عن المنهجية الديمقراطية وحيث قرر المكتب السياسي للاتحاد بالخروج عن اليوسفي والمشاركة في حكومة جطو لتكون القيادة الحزبية بهذا القرار قد مارست عملية انتحارية، أصبح من الصعب بل المستحيل نجاة الحزب كهيكل منها.

هكذا رجحت كفة المصباح الذي واجه 20 فبراير، لرئاسة الحكومة ومسايرة مرحلة مد الاسلام السياسي في العالم العربي، في حين تم تأجيل تكليف الجرار وتقليص سرعة الحرث، إلى أن ينضب وقود المصباح مثل ما وقع للاتحاد، حيث أن الآلة المخزنية الرهيبة تمتص وقود وخزان كل من دخلها، ليخرج في أحسن الأحوال مكسور الجناح، ومن تم سيعود الجرار أكثر قوة.

إلا أنه وبعد مرور خمس سنوات على المصباح في الحكومة، ورغم تنفيذه لأسوأ القرارات الماسة بالحياة اليومية للمواطنين وخصوصا الفئات الوسطى، وتعرضه لهزة التفجر الحكومي بعد انسحاب حزب الاستقلال، وعدم تنفيذ بن كيران ووزراءه المصباحيين لتهديداتهم بالفضح والانسحاب إذا تمت معارضة وعرقلة مشاريعهم الاصلاحية، بقي المصباح قويا ومتماسكا في هياكله وقواعده، وذلك لكون العدالة والتنمية اتبعت نفس أسلوب حزب الاستقلال في علاقتها بالمخزن، حيث ازدواجية الخطاب والممارسة، ونهج سلوك الانتفاع بنون الجماعة في ارتباط مع الجمعيات والمنظمات الاجتماعية والمهنية الموازية للحزب، من خيرية لرعاية الأيتام والتعليم الخصوصي والسكنيات وصولا إلى قطاع الأعمال والشركات والتعاونيات المرتبطة بمختلف المستويات الاجتماعية للحزب، مما جعل أطر وقيادات الحزب تظهر برصيد أخلاقي جيد بالإضافة إلى تمتين العلاقة الهيكلية للحزب ومنظماته المرتبطة بالمنفعة، تصمد أمام كل الهزات التنظيمية والسياسية، ويمكن القول أن المصباح لم يكتفي بالتوسع الأفقي بل توسع كذلك على المستوى العمودي بإيصال كم كبير من الأطر إلى عدة مراكز هامة داخل بنية الادارة/ الدولة، مستفيدا من مجهودات الأجهزة المخزنية بتقليص هيمنة حزب الاستقلال على الدولة والاقتصاد، منذ عودة المغفور له محمد الخامس من المنفى برأس مال رمزي كبير مقابل هيمنة تنظيمية مطلقة لحزب الاستقلال، الذي أكل غلة المخزن وكان في كل لحظة يمن بدوره في تحقيق الاستقلال (يأكل الغلة ويسب الملة).

وإذا أضفنا لما سبق ضعف الأحزاب وثوابت المخزن القاضية بكونه عربة مزركشة طبعا، تجرها عشرات العجلات، وليس عجلتين، بدون احداهما يتعثر الدوران أو الجر(وهذا ما كان يمنه حزب الاستقلال، وما يسير فيه المصباح)، بل إن المخزن بسلطه المتعددة، وما الدولة ومؤسساتها إلا إحداها فقط، هو في الحقيقة (المخزن) عربة تسيير بعشرات العجلات ولا تتوقف رغم تعثر أو نقصان بعضها.

لهذا من المتوقع أن يفقد المصباح المتعاطفين معه (غير المنظمين) نتيجة أدائه الحكومي، ومن المتوقع أن يحتل هو والجرار الذي اتسعت دائرة حرثه، المراتب الأولى في الانتخابات المقبلة، خصوصا أن زعيم التراكتور إلياس العمري له من المؤهلات الشخصية والعلاقات الدولية، وانجازات حزبية وجهوية، ما يجعله أكثر دهاء من بن كيران ولكن بمضمون سياسي يساري استثماري وليس ديني.

ومهما يكون فالساحة السياسية الحالية والمقبلة يتنازعها قطبين المصباح والجرار، وأن الحكومة المقبلة لا تحتمل بقاء أي قطب منهما خارجها، فمن سيكون ماسكا للمقود/ شيفور، ومن سيقوم بدور المساعد/ لكريسون (للإشارة فقد منحت كلينتون جواز سفر أمريكي لبن كيران وطالبت برئاسته للحكومة المقبلة! بالإضافة إلى الدعم التركي).

في تقديرنا فإن المصباح لن يرفض المشاركة في حكومة يقودها التراكتور، لضمان استمرار مصالح منظماته الموازية وأطره، ولأن التراكتور حتى وأن احتل المرتبة الأولى سيكون في حاجة لوقود المصباح، من أجل حكومة قوية في ظرفية عصيبة لا يمثل المسرح السياسي الانتخابي فيها إلا نصف نصف المسجلين في اللوائح الانتخابية من البالغين سن التصويت، ومع ذلك يستمر رفض اقتراح التصويت بالبطاقة الوطنية.

وفي الختام نحيي روح ونضج ووطنية صيحة حركة 20 فبراير في ذكراها السادسة.

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير