HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

تصريح حكومي/برلماني والشعب في المعارضة


محمد الحجام
الاثنين 10 أبريل 2017




تصريح حكومي/برلماني والشعب في المعارضة




وأخيرا رضخ العثماني لشروط المخزن في تشكيل الحكومة، بعد أن أتبث حزب "العدالة والتنمية" بقيادة بنكيران قدرة كبيرة على المناورة والمراوغة، وأكثر من ذلك برهن على أنه حزب مستقل في قراره، وهذا واحد من أهم نقاط قوته، لكنه حزب ضد "التحكم" أي "الدولة العميقة" و في نفس الوقت يسعى إلى خطب ودها والتقرب منها. وهو يقاوم الضغط الذي يمارس عليه وفي نفس الوقت يقدم التنازلات التي تطلب منه، لأنه أي الحزب يعرف أن قوته في توسعه الأفقي، كنسيج اجتماعي ترتبط تنظيماته في اندماج السياسي بالاجتماعي في أفق التوسع الأفقي، وهو ما يتيحه الهامش الذي حدده المخزن للعبة الانتخابية، خصوصا أن الأحزاب الأخرى هشة، وبعدما أجهض المخزن في 2002 أرضية اليوسفي التي ابتدأت بالتناوب التوافقي للانتقال إلى التناوب الحقيقي، والتي كانت أرضية من ذهب قدم خلالها اليوسفي الرأسمال التاريخي والرمزي للحركة الاتحادية للقصر، مقابل بناء أسس ملكية برلمانية يتنازل فيها القصر عن بعض سلطه لصالح المؤسسات لممارسة اختصاصاتها وكسب رهان مجتمع أو دولة المؤسسات، مما يتيح وضوحا في المسؤولية والمحاسبة وتقوية المجتمع المدني، حيث تكون رئاسة الحكومة مؤسسة قائمة، وهو ما لم يقبله المخزن.

فكان الانقلاب على اليوسفي ووضع جطو مكانه، فكانت صرخة اليوسفي بالخروج عن المنهجية الديمقراطية، وبدل أن تتمثل قيادة الاتحاد الاشتراكي آنذاك قرار كاتبه الأول والرجوع للمعارضة، قررت الدخول في حكومة جطو، فكانت الرصاصة الأخيرة في رأس الحزب، ومن تم استحالة رهان القوى الحداثية التقدمية على تحقيق الملكية البرلمانية بالتدرج، واستحكام المخزن لقبضته الحديدية على المسرح السياسي الذي أصبح بدون موضوع حداثي، مما فسح المجال لخطاب الإسلام السياسي بشقيه الموالي: العدالة والتنمية وبعض التيارات السلفية، والمعارض العدل والإحسان وبعض المجموعات السلفية.

لقد كان حزب "العدالة والتنمية" إلى حد ما صنيعة القصر لاحتواء الإسلاميين وتقسيم صفوفهم حتى لا يستأثروا بالمعارضة، كان ذلك عام 1997 حيث سمح لأول مرة لحركة "التوحيد والإصلاح" الإسلامية بالالتحاق بأحد الأحزاب المحسوبة على القصر للمشاركة في اللعبة السياسية، قبل أن تندمج الحركة والحزب ويؤسسان ما بات يعرف اليوم بحزب "العدالة والتنمية". والذي رغم مرونته وبراغماتية قادته إلا أنه يخيف السلطة لنجاحه إلى حد ما في هزم النظام الانتخابي الذي تتحكم من خلاله السلطة في صنع الخارطة السياسية والتحكم القبلي في نتائج الانتخابات، عبر آليات نمط الاقتراع والتقطيع الانتخابي ولوائح الناخبين.

وكل هذه العمليات تشرف عليها وزارة الداخلية التي غالبا ما يرأسها وزراء غير منتخبين يعينهم الملك ولا سلطة لرئيس الحكومة عليهم. و هو واحد من أهم مفاتيح التحكم في الخريطة السياسية في المغرب التي ظلت السلطة تحتكر صناعتها طيلة العقود الأربعة الماضية، والتي شكلت نتائج انتخابات 7 أكتوبر 2016 فشله أو تأزمه، رغم أن هذه الانتخابات تمثل نسبة المقاطعة أو العزوف عنها ما يقارب 80 في المائة، يعلم الله ما يجري داخلها، رغم بروز العدل والإحسان والهيئات الحقوقية وروافد الحراك الاجتماعي لحركة 20 فبراير، والريف وبعض تيارات اليسار والمجموعات السلفية.

إن نجاح حزب العدالة والتنمية في التكيف مع المخزن وحفاظه على قاعدته الانتخابية، بل توسعها، رغم قبوله بتنفيذ كل القرارات الضارة بالمستوى عيش وخدمات جل الفئات الشعبية، وإجهاضه لتطلعات حركة 20 فبراير واجتهاده في تقوية الإسلام المخزني وتصديه للإسلام المعارض (العدل والإحسان وبعض السلفيين) إلا أن القصر لا يريد أي شريك له في السلطة، كيفما كان انتماء هذا الشريك وشرعيته وحتى لو كان مواليا له ومستعدا لخدمته، لغياب عامل الثقة بين القصر والإسلاميين، رغم مرور خمس سنوات على قيادتهم للحكومة المنتهية ولايتها، وحتى لو كان هدف هؤلاء الإسلاميين هو فقط الحصول على رضا القصر ومباركته.

ويبقى الأكيد من كل ما وقع هو أولا: عدم وجود إرادة سياسية حقيقية لدى السلطة للتأسيس لنظام ديمقراطي شفاف تكون فيه صناديق الاقتراع هي المرجع والحكم في تمثيل إرادة الشعب، وثانيا: إذلال وشق حزب العدالة والتنمية، لإضعافه في الوصول إلى تشكيلة حكومية هجينة برئاسة العثماني شكليا وأخنوش فعليا وحلقات المسلسل لازالت مستمرة، بل هناك من داخل المخزن من يدفع لأبعد من إضعاف المصباح، بل تكسيره وتشتيته، وفي هذا مغامرة لأن الوقود المتبقي و الذي سيسيل بعد تكسير المصباح، سيقوي مباشرة الإسلاميين المعارضين، وسيوسع رقعة العازفين عن التصويت ويمنحها في شقها الإسلامي السياسي موضوعة إمارة المؤمنين كمكون مركزي في المنطقة الرمزية المؤسسة لسلطة الحكم، فحذري من النتائج العكسية، خصوصا وأن باقي مكونات المسرح السياسي الرسمي هشة وخطابها التبريري تفنده الوضعية الاجتماعية والخدماتية للسكان وعلى رأسها الخدمات السيادية والوطنية التي هي حقوق واجبة، في التعليم للناشئة والصحة للمرضى والعدل للمظلومين، والشغل للعاطلين، والتنمية.

وختاما أيها المقررون أو العفاريت، أيها المخزن، وفروا هذه الخدمات/ الحقوق واحكمونا إن شئتم بالاستبداد وسنسميه عادلا، ولكن الاستبداد والجهل والمرض والبطالة والظلم لا يمكن أن يشكلوا قاعدة اجتماعية للاستقرار ولا للشرعنة.

فهل هذا سيجيب عنه التصريح الحكومي/ البرلماني؟ أم ستصدق حكمة الفايسبوكيين بادخال البام والاستقلال الى الحكومة واسناد المعارضة للشعب؟

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير