HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

تفكيك مؤسسة الأسرة وتدمير الطفولة من انتاج العولمة وعملائها


-محمد الحجام-
الاربعاء 19 أبريل 2017




تفكيك مؤسسة الأسرة وتدمير الطفولة من انتاج العولمة وعملائها






لم يحدد 12 أبريل كيوم عالمي لأطفال الشوارع، الا تأكيدا على تكاثر الظاهرة، حتى أصبحت جزء من التشكيلة الاجتماعية الثابتة والمتصاعدة، رغم اختلاف أسبابها المتعددة لدى الشعوب، والتي تترجم تفاقم التفكك الأسري والقيمي، فاذا كانت المجتمعات الصناعية قد انتفت فيها العائلة الممتدة المرتبطة بالجذور الزراعية، لصالح العائلة النووية والحجرة الفريدة، إلى عائلة السندويتش، حيث لا وقت للزوجين للاجتماع والطبخ واعالة الأطفال، الذين يوضعون لدى دور الحضانة، وتتم زيارتهم في عطلة نهاية الاسبوع، ليكبروا محرومين من الرضاعة الطبيعية والنوم والنمو بجانب الابوين، بل الاكثر من هذا شيوع ظاهرة كراء الأرحام، وشرعنة زواج المثليين ذكورا واناثا، بل شرعنة هؤلاء بحق التبني، فكيف سينمو هؤلاء الأطفال، ولمن سيقولون بابا وماما؟

كل هذا يتم في الغرب بشكل عام باسم حقوق الأفراد والأجساد، وماهي في الحقيقة إلا حلول غير طبيعية لإفرازات مرضية مجتمعية عنوانها الكبير تفكك الأسرة، كنواة أساسية في البناء والسلابة والأخلاق والقيم المجتمعية.

وقد أكدت عديد من الدراسات السوسيولوجية أن تصاعد الإجرام وظهور أنواع جديدة منه تحمل بصمات انفصام وعدوانية في الجريمة، يعود في أساسه لهذا الوضع الذي وصلته مؤسسة الأسرة.

أما في المجتمعات النامية أو المتخلفة، فرغم سيادة مفهوم الأسرة بمعناها المغلق والذكوري، فإن أساسها مختل، حيث تفككت القيم والأخلاق لصالح شرعنة ما من شأنه أن يسد رمق العيش واستمرار الأسرة ولو بالتماسك الشكلي والتصالح مع الدعارة والغش وبيع الذمم، أمام اتساع نسبة الفقر والبطالة والجهل والمرض.

فهل البشر يتجهون نحو تدمير كل مؤسسات الاجتماع البشري والتي توجد الأسرة كأساس لها من أجل رعاية الأطفال وإعدادهم في أحسن رعاية وتربية لضمان مستقبل البلاد والعباد.

خصوصا ما تفعله الحروب المدمرة للمجتمعات العربية بغرض تفكيكها والسيطرة عليها مثل سوريا واليمن وليبيا والعراق وقبلهم فلسطين، من تدمير للإنسان واغتيال للطفولة وأحلامها ومستقبلها، بل وحقها في الحياة.

وفي المغرب نستحضر التقرير الصادم الذي أعده المركز المغربي لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي لأطفال الشوارع، حيث أكد التقرير على ضوء المعطيات الميدانية، التي عاينها، في مختلف المدن المغربية، حيث أكد أن ظاهرة أطفال الشوارع ببلادنا تزداد بشكل مهول، كما ونوعا، ويتجسد ذلك في الآتي:

1- يشهد المغرب ولادة أكثر من 100 طفل يوميا بدون هوية الأب، ويعتبر نصفهم مشروع أطفال شوارع...

2- تشهد العديد من الأسر ظواهر تفكك عديدة، يمكن تقدير معدلها إلى أسرة جديدة من عشرة أسر في السنة، يذهب ضحيتها بالدرجة الأولى الأبناء، مما يتسبب في القذف بهم نحو الشوارع، بلا معيل، وأحيانا بلا مأوى...

3- يحرم أطفال الأسر المعوزة من مقومات التربية والرعاية السليمتين، في ظل منظومة تعليم عمومي مهترئة، ومشاكل اقتصادية جمة، مما ينجم عنه افتقاد الأطفال لشروط التحصيل المعرفي والتهذيب التربوي، الشيء الذي يترتب عنه نزوح نحو ثلاث أطفال من عشرة إلى الشوارع، وممارسة الإدمان بكل أشكاله.

ـ إن أطفال الشوارع يشكلون المصدر الرئيسي لظاهرة الإجرام المتزايد ببلادنا، وتبني مواقف متطرفة، ويشكلون النسبة الأكبر من المتورطين في جرائم اعتراض سبيل المواطنين، وفي الفوضى التي تشهدها بعض الملتقيات الرياضية، وفي السقوط في أحضان الإرهاب، وكذا في ارتفاع نسبة حالات الانتحار في صفوف الشباب، وتعنيف وقتل الأصول.

ـ إن أطفال الشوارع أكثر عرضة للانتهاكات الواسعة لحقوقهم، ومصدر اعتداء ممنهج على كرامتهم، في ظل غياب شبه كلي لسياسة عمومية ناجعة للحد من هذه الظاهرة الخطيرة، التي تمس بمستقبل البلاد.

ـ إن الوضع الاقتصادي لغالبية الأسر المغربية، وضعف الوازع الأخلاقي والديني وورح المسؤولية لدى بعض أرباب الأسر، وتنصل الدولة المغربية من مسؤوليتها في هذا الاتجاه، عوامل رئيسية في تفاقم وازدياد ظاهرة أطفال الشوارع ببلادنا.

ـ إن القضاء المغربي للأسف الشديد، يساهم بشكل مباشر في تفكك العديد من الأسر المغربية، وفي زيادة ظاهرة أطفال الشوارع، بسبب اعتماده مقاربة المساطر القانونية المتشددة والمجردة، دون مراعاة للتداعيات الإنسانية المستقبلية لبعض القرارات على الأطفال، ودون الاكتراث لوضعهم أصلا.

وعليه، فإن المركز المغربي لحقوق الإنسان:

ـ يدق ناقوس الخطر إزاء الازدياد المضطرد لظاهرة أطفال الشوارع.

ـ يطالب الحكومة المغربية، بضرورة :

1- إعداد دراسة ميدانية دقيقة، لضبط ظاهرة أطفال الشوارع بشكل دقيق.

2- وضع سياسة عمومية ديمقراطية وفاعلة، من شأنها الحد من ظاهرة أطفال الشوارع، وتأمين ظروف ملائمة لحماية الأطفال ضحية السقوط في براثن التشرد والضياع، لكون الخاسر الأكبر والمتضرر الأخطر هو المجتمع برمته.

3- كما يطالبها بتوجيه جهودها من أجل حماية الأسر، المهددة بالتفكك، ودعم الأسر التي تفتقد إلى المعيل، وتنمية مهارات التربية لدى الفئات المعوزة، وتشجيع المشاريع الاقتصادية الصغرى لديهم، باعتباره منفذ وقائي للأطفال.

ـ كما يدعو فعاليات المحتمع المدني، إلى تكثيف جهودها من أجل بلورة مشاريع ومبادرات عملية، لإنقاذ الأطفال من الشوارع، وتنسيق جهودها مع المؤسسات الحكومية بهذا الشأن.

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير