HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

صافي الدين البدالي: مسار التعليم بقلعة السراغنة و المؤامرات الخبيثة


الكاتب : صافي الدين البدالي
الثلاثاء 25 أبريل 2023




صافي الدين البدالي: مسار التعليم بقلعة السراغنة و المؤامرات الخبيثة
منذ قبل الإستقلال و مدينة قلعة السراغنة تعرف التهميش على مستوى التعليم منذ سنة 1947؛ وبالضبط لما تقرر تأسيس مؤسسة التعليم الثانوي بسيدي رحال فاتح أكتوبر(1958)، و اصطلح على تسميتها ابن الحجاج ،لتكون بذلك أول إعدادية تأسست بدائرة القلعة زمران، لما اعترض على تأسيسها بمركز قلعة السراغنة قبل هذا التاريخ؛ أي في فترة الإستعمار من طرف أحد قياد الإستعمار بالمنطقة ،ومعه بعض الأعيان بدعوى حماية أبناء القلعة من "الفرنسيين"، وظل أبناء القلعة الذين يحصلون على الشهادة الإبتدائية لا يستطيعون متابعة دراستهم بثانوية ابن حجاج بسيدي رحال لظروف اجتماعية . وكانوا يقبلون على العمل في الإدارة كأعوان مؤقتين بدون ترتيب في سلم الوظيفة،ومنهم من ظل على ذلك الحال حتى السبعينات من القرن الماضي حيث ترقى الى درجة خليفة قائد وقليل منهم ممن استطاع متابعة دراسته بثانوية ابن الحجاج collège ibn) Hajjaj. وهكذا ظل أبناء قلعة السراغنة ينتظرون حقهم في التعليم الإعدادي ببناء مؤسسة لهذا الغرض.وسيستمر الوضع على ما هو عليه، مما تسبب في الإنقطاع عن الدراسة و الهجرة لبعض المدن حيث إمكانية الإستقرار لمتابعة الدراسة الثانوية ، كمراكش والدار البيضاء أوالرباط. وقليل من هؤلاء الذين هاجروا من استطاع الإستمرار في التحصيل العلمي. لا أحد سيرفع عن القلعة الحصار المعرفي من سلطات وأعيان حتى بعد الإستقلال سنة 1956 خاصة وأن القلعة كانت تحت نفوذ إقليم مراكش، الى أن تم تأسيس عمالة قلعة السراغنة سنة 1973.لم يكن للقلعة حظ من المدارس الإعدادي ( collèges ) أو مدارس ثانوية ( lycées مما ضاعف من ظاهرة الإنقطاع عن الدراسة كرها أولجوء بعض التلاميذ إلى مدارس التكوين؛ كمدرسة الفوارات لتربية الخيول أومدرسة البحرية أو مركز ابن أحمد للفلاحة، سيرا على نهج الجنرال ليوطي من خلال مذكرته المشؤومة الصادرة في أكتوبر سنة 1912 التي تنص على توجيه أبناء الفقراء " les indigènes" الكادحين إلى المدارس التكوينية للقيام بالأعمال المهنية والولوج الى سوق الشغل ،و بالمقابل تنص على توجيه أبناء الوجهاء والأعيان إلى التعليم العالي ليحتلوا المناصب العليا في الإدارة والتجارة . إن هذه السياسة التعليمية اتجاه قلعة السراغنة كانت لها خلفيات استعمارية، الهدف منها إقصاء أبناء السراغنة من تعليم عالي حتى لا ينفذوا إلى مراكز القرار وحتى لا يشيع الوعي لدى شباب المدينة ونواحيها، و هو الوعي الذي كان يخاف منه قياد الإستعمار؛ وذلك لما كان يعرف عن أبناء القلعة من نباهة و من ذكاء ومن تشبعهم بالقيم الوطنية والدينية ومن حفظهم للقرآن الكريم وانخراطهم القوي في صفوف المقاومة وجيش التحرير ضد الإستعمار وتمردهم على قيادية ومحاولة اغتيال بعضهم؛ كما عرفوا بتشبعهم بالروح الوطنية و بسرعة تكيفهم مع التحولات التي تعرفها الساحة السياسية، وهوما جعل الإستعمار يقسم المنطقة إلى عدة قيادات قصد التحكم والحصار،نذكر منها قيادة الدشرة و قيادة القلعة زمران، قيادة سيدي أحمد، لكن كان لشباب المدينة رأي آخر، إذ أخذوا يتحدون الحصارو يتحملون عبء الدراسة في مراكش بمدرسة ابن يوسف (دار البارود) أو بأحد المعاهد بالدار البيضاء.
وظل الإنقطاع عن الدراسة كرها لعدد هائل من التلاميذ إلى حدود السنة الدراسية 1962- 1963 ،حيث تم تخصيص قاعة بمقر القوات المساعدة بشارع محمد الخامس قبالة الدائرة سابقا.وكان بعض التلاميذ الناجحين في نهاية الإبتدائي يتلقون دروسهم في وضعية لاتربوية حيث تنعدم أبسط الشروط للدراسة من حيث الأساتذة(معلمون منتدبون ) وأساتذة أجانب في إطار الخدمة المدنية لبلدانهم ودون عتاد ديداكتيكي ولا فضاء تربوي مناسب. وهي وضعية كمثل وضعية اللاجئين. في حين استفاد شباب زمران والنواحي من ثانوية ابن الحجاج و استطاعوا الولوج الى التعليم الثانوي بمراكش ثم التعليم الجامعي. وفي السنة الدراسية1963 /1964تقدمنا، نحن مجموعة من التلاميذ إلى البرلماني آنذاك الراحل مبارك بن خالق بطلب الدفاع عنا من أجل بناء إعدادية بالقلعة على غرارثانوية ابن الحجاج بسيدي رحال. وللتاريخ فإنه تفهم الوضع ووعدنا أن يقوم بالمطلوب. و بالفعل تم اتخاذ مدرسة اليهود بالقلعة الراشية مع إضافة قاعات أخرى على حساب ميزانية الإنعاش الوطني و سميت هذه المؤسسة رغم تواضعها بثانوية مولاي اسماعيل، ولو أنها لا ترقى إلى مستوى الثانويات بمدن أخرى. وكانت ثانوية بصفة مؤقتة حيث تم نقلها الى المدرسة المركزية الإبتدائية من السنة الدراسية 1965 - 1966 حتى حدود 1977- 1978 ، ليتم نقلها إلى البناية الجديدة الحالية. ورغم ذلك كانت هناك مقاومة من بعض الأطراف ضد التعليم الثانوي بهذه المؤسسة حتى تظل إعدادية فقط ،لكن مجموعة من الأساتذة،أغلبهم من أبناء القلعة،كرسوا جهودهم من أجل التصدي للعقلية المخزنية التي كانت نستهدف تقدم التعليم بالقلعة حتى لا يكون متكامل الأسلاك من الإبتدائي إلى التعليم الثانوي .وقد برهن الأساتذة والتلاميذ على النتائج المحققة في امتحانات الباكلوريا حيث كانوا يتبوأون المراتب الأولى مما فرض على الوزارة ترسيم التعليم الثانوي بمؤسسة م.إسماعيل وأيضاً برمجة ثانوية تساوت للتعليم الثانوي كذلك، وثانوية التعليم الأصيل بعد لجوء المجلس البلدي آنذاك سنة 1978 إلى الراحل العلامة ذالرحالي الفاروقي الذي تدخل من جانبه من أجل إنقاذ التلاميذ الذين لم يتمكنوا من متابعة دراستهم في التعليم الثانوي المزدوج .
ظلت العقلية الاقصائية لتقدم التعليم بالقلعة حتى يرقى إلى التعليم الجامعي تطارد شباب المدينة، رغم العدد الهائل من التلاميذ الذين يحصلون شهادة البكالوريا كل سنة. وظل الإنتظار و الأمل سيد الموقف في انتظار تحقيق ما وعد به عدد من المسؤولين، لكن كان موقف الوزير الأسبق أحمد اخشيشن مخيبا للأمل لما اعترض على تأسيس كلية بالقلعة، وتم الإقتصار على مركز جامعي مؤقتا فقط إلى حين ...

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير