HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة
تصفحوا العدد 328 من جريدة حقائق جهوية الكترونيا pdf






علاقة مضامين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالواقع المغربي، وفي إقليم الرحامنة


محمد الحنفي
الاربعاء 28 يونيو 2017




علاقة مضامين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالواقع المغربي، وفي إقليم الرحامنة

ونحن في معالجتنا لهذه العلاقة، سوف ندمج ما هو وطني، بما هو محلي / إقليمي، نظرا للتداخل القائم بينهما، ونظرا لأن المسؤولين في مختلف الجهات، وفي مختلف الأقاليم، غالبا ما يكونون محكومين بنفس العقلية، في تعاملهم مع حقوق الإنسان، التي صارت تشكل هاجسا مخيفا بالنسبة إليهم.

وحتى نضع القارئ الكريم في الصورة، فإننا سننطلق من نفس الترتيب، الذي اتبعناه في رصد مضامين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

في مضمون التقديم:

نجد أن الناس إذا كانوا يولدون متمتعين بحقوق متساوية، وحريات أساسية، نجد أن سكان إقليم الرحامنة، كما في المغرب، لا يولدون كذلك، بل تبعا لنوعية الطبقة، التي ينتمي إليها الآباء، ولا يتمتعون بنفس الحقوق، كما لا يتمتعون بنفس الحريات الأساسية، وأن سكان إقليم الرحامنة، لا يومنون، في غالبيتهم، بحقوق الإنسان الأساسية، وبكرامة الإنسان، وقيمته.

في الديباجة:

وإذا كانت الديباجة تسجل أن الاعتراف بالكرامة الإنسانية، وبالحقوق المتساوية الثابتة، أساس الحرية، والعدل، والسلام، فإن المسؤولين في إقليم الرحامنة، وعلى جميع المستويات، يبنون ممارستهم على أساس الإهانة المتواصلة، لجميع سكان الإقليم، ولا يعترفون بحقوقهم المتساوية، والثابتة، ويحرمونهم من ممارسة حرياتهم، ومن تمتعهم بالعدل.

فازدراء حقوق الإنسان، وانعدام حرية العقيدة، والحرمان من التحرر من الفزع، والفاقة، وانعدام تولي القانون حماية حقوق الإنسان، والحرمان من المساواة الكاملة بين النساء، والرجال. كل ذلك يحكم ممارسة المسؤولين، على اختلاف مستوياتهم، ويسود بين السكان الذين يقبلونه، باعتباره مسالة عادية، وأكثر من هذا، باعتباره قدرا من عند الله، فكأن الله لم يسلط جام غضبه إلا على سكان إقليم الرحامنة، كباقي الأقاليم المهمشة، التي سلط عليها من ينهب أموال سكانها، ويهضم حقوقهم، وليس ذلك نتيجة لسياسة الدولة المخزنية الفاسدة فقط.

في نص الإعلان:

فالمساواة بين الأفراد، التي أكدت عليها المواد من1 إلى 16، غير واردة في ممارسة المسؤولين، الذين يتعاملون مع السكان على أساس المحسوبية، والزبونية، والإرشاء، والارتشاء، وكل ما يحط من كرامة الإنسان، إلى درجة أن المواطن البسيط، صار يعتبر كل هذه الأمراض مرتبطة بطبيعة الحياة نفسها، أي أن قبول الفساد الإداري، والسياسي، صار من مكونات الحياة العادية، بالنسبة لسكان إقليم الرحامنة.

والحقوق الاقتصادية، يكاد يحرم منها معظم الشباب، وهم من خريجي الجامعات، والمدارس العليا، ومن الثانويات، والإعداديات، إلا إذا تعلق المرء ببنات، وأبناء الطبقات الإقطاعية، أو شبه الإقطاعية، أو البورجوازية، أو حضرت المحسوبية، والزبونية، والإرشاء، والارتشاء.

وفي ما يخص الحقوق المدنية، والسياسية، الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:

ـ فإن حرية التفكير، والضمير، والتعبير، تكاد تكون منعدمة في إقليم الرحامنة.

ـ وحرية التجمع، والتظاهر، غالبا ما تنتهي بالقمع.

ـ وحرية الاعتقاد، غير واردة إطلاقا، كما هو الشأن بالنسبة لمجموع الأقاليم المغربية.

ـ واحترام كرامة المرأة، كما تنص على ذلك اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، غير وارد في مجتمعنا، نظرا لكثافة الإهانات، التي تلاحق المرأة، من الصباح إلى المساء.

ـ وجميع القوانين المعمول بها، لم تتم ملاءمتها مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

ـ والحريات السياسية، لا تعدو أن تكون مجرد حريات شكلية.

ـ فالفساد السياسي في أي محطة انتخابية، هو الذي يتحكم في تشكيل الخريطة السياسية.

ـ وتحكم المؤسسات المخزنية، عبر أجهزتها الإدارية، هو الذي يقوم بإخراج الخريطة السياسية.

وبالنسبة للحقوق الاجتماعية نجد:

ـ أن التعليم يأخذ طريقه إلى الانهيار الشامل، على مستوى المدرسة، والجامعة العموميتين، في مقابل دعم المدرسة، والجامعة الخصوصيتين، بإمكانيات لا حدود لها، لتكريس التعليم الطبقي الفعلي.

ـ أن الصحة العمومية في الطريق إلى الخوصصة الشاملة، ليحرم الكادحون، وبسطاء الناس، من العلاج المجاني، الذي لم يعد واردا بالنسبة إليهم.

ـ أن الشغل غير مضمون بالنسبة لخريجي المدارس، والجامعات العمومية، ولكل من وصل إلى سن العمل.

ـ أن السكن اللائق غير مضمون، لكل ذوي الدخل المحدود، ولمن لا دخل لهم.

ـ أن الترفيه، ووسائله المختلفة منعدمة تماما في إقليم الرحامنة.

وفيما يخص الحقوق الثقافية نجد:

ـ الترويج المكثف للثقافة المخزنية، التي لا تنتج إلا القيم المخزنية.

ـ غياب التنوع الثقافي، المنتج للتفاعل بين القيم الثقافية المختلفة.

ـ سيادة التعصب للثقافات القبلية الضيقة، المنتجة للتخلف، بمعناه الواسع.

ـ غياب إشاعة الثقافة الحقوقية، ومحاصرتها، حتى لا يترتب عنها وعي حقوقي معين.

ـ سيادة، وتحكم الثقافة الأصولية / الإسلاموية، التي تقف وراء التكفير، والتلحيد، ومعاداة الانفتاح، والعلمانية.

ـ الاهتمام الزائد بالمؤسسات الدينية، بدل الاهتمام بالمؤسسات الثقافية، التي تقوم بدور رائد، على مستوى التفاعل الثقافي.

ـ غياب خزانة عامة، وغياب خزانات مختلف المؤسسات، التي يمكن اعتمادها في إغناء ثقافة الأجيال المتوالية.

ـ محاصرة الجمعيات الجادة، والهادفة إلى الترويج للثقافة التقدمية، والديمقراطية، التي تمد المجتمع بقيم نقيضة للقيم المخزنية، والأصولية المتخلفة، كما هو الشأن بالنسبة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في إقليم الرحامنة، المحرومة من إيداع ملفها لدى السلطات المحلية، وتسلم وصل الإيداع، حتى تتمكن من استغلال الأماكن العمومية.

وفيما يخص المختلفات نجد:

ـ أن شعور المواطن بنظام دولي، تتحقق فيه الحريات، والحقوق، ويقوم فيه كل فرد بواجبه نحو المجتمع، يكاد يكون منعدما في إقليم الرحامنة.

ـ وما يمارسه معظم الأفراد في الإقليم، يتناقض مع أغراض الأمم المتحدة، ومع مبادئها.

ـ اعتماد التأويلات المختلفة، المساهمة في عدم احترام الحقوق، والحريات، الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

استنتاجات:

وإذا كان هناك شيء يمكن استنتاجه من هذه القراءة البسيطة، والسريعة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما مدي احترام الحقوق الواردة فيه، في إقليم الرحامنة، على مستوى الحقوق المدنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، فإننا نجد:

ـ أن بونا شاسعا يقوم بين مضامين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبين ما يمارس في إقليم الرحامنة بصفة خاصة.

ـ أن الثقافتين: المخزنية، والأصولية، تشكلان سدا منيعا، أمام تسييد ثقافة حقوقية رائدة في الإقليم.

ـ أن الثقافة القبلية المنغلقة على نفسها، تحول دون تفاعل السكان، مع مختلف الثقافات الوطنية، والقومية، والعالمية، وخاصة ثقافة حقوق الإنسان، وقيمها.

ـ أن البون شاسع على مستوى الوعي الحقوقي، بين إقليم الرحامنة، وبين العديد من الأقاليم المغربية.

ـ أن سكان إقليم الرحامنة، هم بمثابة فئران التجارب، التي يجريها النظام المخزني المغربي، قبل تعميمها على جميع الأقاليم المغربية، إن نجحت، وإلا فإنها تبقى حبيسة إقليم الرحامنة.

ـ أنه يصعب ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان في إقليم الرحامنة، نظرا لإفساد المسلكيات المختلفة للأفراد، والجماعات، على حد سواء، ونظرا لتعود سكان الإقليم على ممارسة، وتقبل الفساد الإداري، والفساد السياسي، باعتبار كل ذلك، وسيلة لممارسة كافة أشكال الانتهازية، التي تنعكس سلبا على الواقع الحقوقي، بالخصوص.

ـ أن التعود على إرشاء المسؤولين، من أجل القيام بالخروقات القانونية، وبخرق حقوق الإنسان، لصالح الراشي، أصبح هو السمة المميزة لسكان الإقليم، إلا من تشبع بالتربية على حقوق الإنسان.

ـ أن الإشعاع الحقوقي في الإقليم، منعدم جملة، وتفصيلا.

ـ أن سكان الإقليم، لا يميزون، في تعاملهم، مع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بين النزاعات القائمة بين الأفراد، وبين خروقات حقوق الإنسان، التي يقوم بها المسؤولون.

ـ أن معظم الناخبين، في مختلف المحطات الانتخابية، يتاجرون بضمائرهم، أو يتجيشون وراء من يستغل الدين الإسلامي، في الأمور الأيديولوجية، والسياسية.

خلاصة عامة:

وما نستخلصه مما سبق:

1 ـ أن دور الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في المجتمع، وفي التربية على حقوق الإنسان، وفي النضال من أجل مناهضة الخروقات المختلفة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

2 ـ أن على جميع أعضاء الجمعية، أن يقوموا بدورهم في التعريف بحقوق الإنسان، كما هي في المرجعية الأساسية، للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والمتمثلة في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى تصير تلك المرجعية مصدرا لكل المعارف الحقوقية، عند سكان الإقليم.

3 ـ أن تكوين أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، المعنيين بإشاعة حقوق الإنسان، بين سكان الإقليم، يعتبر مسالة أساسية في الواقع، الذي يعيشونه في هذا الإقليم.

4 ـ أن بعض الحقوق، لا زالت في حاجة إلى بذل المزيد من الجهد، من أجل إقناع المواطنين بها، وخاصة تلك المتضمنة في اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وحرية الاعتقاد.

5 ـ أن حقوق العمال، لا زالت بعيدة عن اهتمام الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وعن اهتمام الأعضاء، مع أن جميع العمال، وباقي الأجراء، يعانون يوميا من توالي الخروقات، التي يقوم بها أرباب العمل في حقهم.

وكيفما كان الأمر، فإن حقوق الإنسان، كما هي في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي باقي الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، هي المدخل الأساس، لأي حداثة، يمكن أن يعرفها الإقليم مستقبلا، وهي الوسيلة لامتلاك الوعي بمختلف الخروقات، التي يمارسها المسؤولون، في حق سكان الإقليم، الذين يجهلون كل شيء عن حقوق الإنسان، وعن مرجعية الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير