HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

هجرة الأدمغة


بريك عبودي
الاربعاء 27 ماي 2015




هجرة الأدمغة







حسب بعض الإحصائيات غير الرسمية، يشتغل ما يزيد عن 700 من الباحثين المغاربة مع المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا، وهو رقم مهم ضمن فريق البحث بهذا المركز، كما أن هناك 600 طبيب اختاروا الاشتغال خارج المغرب، سواء هاجروا بعد تخرجهم أو فضلوا الاستقرار هناك بعد إنهاء دراستهم، وإذا علمنا أن عدد الذين يحصلون سنويا على دبلوم مهندس في المغرب لا يتعدى 200 مهندس أدركنا أهمية ما تعنيه أرقام المهاجرين منهم، مهما كانت صغيرة، مع أنها ليست كذلك على أي حال، إذ تتجاوز نسبة المتخرجين من مدارس المهندسين الذين يفضلون الالتحاق بالخارج ما يقارب 60 في المائة، ليساهموا في تنمية مجال البحث العلمي هناك وإمداد مؤسسات بطاقات إضافية كان من الممكن ان تعمل على توفير بنك أفكار من اجل تنمية الوطن، إلا أن هذا مجرد وجه واحد للخسارة التي يتكبدها المغرب نتيجة هجرة كفاءاته التي حصلت على تكوين جامعي. ذلك ان الـ 200مهندس الذين يتخرجون سنويا يكلفون الدولة ما يناهز المليون درهم خلال المرحلة الجامعية فقط.
لقد سهل انفتاح الاقتصاد العالمي وزحف العولمة تنقل الأشخاص والأموال ويسر تداول المعلومات والافكار بحيث اصبح كل شيئ مكشوفا، وبإمكان أي كان اجراء المقارنات بين مستويات الحياة المختلفة في هذا البلد او ذلك، ويجعله بالتالي نهبا للإغراءات التي تقدمها الدول المتقدمة لاستقطاب الكفاءات المتفوقة، ويمكن قراءة هذه الاجراءات والمظاهر التي تحكمها نظرة براغماتية جدا راي فيها البعض نوعا من استمرار التفكير الاستعماري أي ان الدول الاستعمارية السابقة اصبحت تنظر الى العالم الثالث كخزان للكفاءات على غرار ما كان في الماضي، خزانا للمواد الاولية، اضافة الى ادماج القضية في نوع من صراع المصالح للحيلولة دون تنمية مستعمراتها السابقة فمثلا اذا كان المغرب يخسر اكثر من مليون درهم سنويا على التكوين الجامعي لـ 200 مهندس، فهو لا يكتفي بهذه الخسارة، بل يساهم في توفير هذا المبلغ بالنسبة للدول التي تستقبل هؤلاء المهندسين، اكثر من ذلك فهؤلاء من خلال افكارهم ومساهمتهم في البحث العلمي يعمقون الفجوة بين بلادهم والدول التي استقروا فيها، ويرى العديد من الخبراء من بينهم المهدي المنجرة، ان هجرة الادمغة المغربية اضطرارية وليست اختيارية، وهم يقدمون مجموعة من الحجج التي تدفع هذه الاطر للبحث عن افق افضل خارج المغرب وعلى رأسها منظومة الفساد المستشري في مختلف دواليب الادارة،الامر الذي يكرس واقع المحسوبية في التوظيفات، على قلتها، وهو واقع يعمل على تغييب الكفاءات الحقيقية وتهميشها او في افضل الحالات، يتم الزج بها في مجالات لا علاقة لها بتخصصها، كما نعزي هذه الهجرة ايضا الى ضعف الاقتصاد المغربي على استيعاب هذه الكفاءات والاعتراف بطاقاتها وتمكينها من الوسائل اللازمة لتفجير هذه الطاقات وهذا الضعف يتجلى في ندرة الموارد المالية، اضافة الى الاختلاس الذي تتعرض له هذه الموارد وايضا في ضعف البنيات المؤسساتية التي تشجع البحث وتحتضن الباحثين.

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير