HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

ومع ذلك 20 فبراير : ستستمر حتى إسقاط الفساد


- ذ محمد الحجام * -
السبت 28 فبراير 2015




ومع ذلك 20 فبراير : ستستمر حتى إسقاط الفساد


في هذه الأيام تخلّد القوى الحية حركة 20 فبراير في ذكراها الرابعة. وهي مناسبة تستعيد حراكًا اجتماعيًا وسياسيًا طبع المغرب لأشهر متوالية وفتح نقاشًا عميقًا حول ضرورة الإصلاح، في هذا الإطار، أصدرت مجموعة من تنظيمات المجتمع المدني كتيّبًا يتضمن مقالات توثق لآراء شباب الحركة سواء إبّان توهجها أو بعد خفوتها، زيادة على عدد من البيانات والبلاغات التي رافقت الحركة في أشهرها الأولى، في بادرة تسعى حسب أصحابها إلى "حفظ الذاكرة الجماعية للمغاربة، وإحياء ذكرى حراك صنع التاريخ الحديث لشعبنا ووطننا، والمساهمة في توثيق الإرث الأدبي للحركة".

الكُتيّب الذي أتى تحت عنوان:" 4 سنوات بعد انطلاق الحراك.. مسارات و مآلات"، شاركت في إصداره كل من حركة شباب جمعيات أحياء الدار البيضاء الكبرى، والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، وحركة أنفاس الديمقراطية، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وجمعية أطاك المغرب، ونساء شابات ديمقراطية، وحركة نساء جمعيات أحياء الدار البيضاء الكبرى.


وجاء في تقديم الكتيب أن حركة 20 فبراير تعد "رصيدًا نضاليًا ورمزيًا يجب أن يتملكه الشعب المغربي كافة، ونقطة مضيئة في سجل نضالات الشعب المغربي من أجل التحرّر والديمقراطية ومحاربة الاستبداد، ومناسبة عبّر فيها المتظاهرون عن أزمة تدبير السلطات العمومية للشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي".


ومعلوم أن جريدة ملفات تادلة كانت ولازالت تعتبر نفسها رافدا من روافد الحراك الاجتماعي المغربي الحداثي والتحرري، وكنا أول جريدة بل الوحيدة في المغرب التي نشرت البيان/ الولادة لحركة 20 فبراير كاملا في افتتاحية عددها 217 بتاريخ 16 فبراير 2011 تحت عنوان: 20 فبراير من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وبقيت تتابع وتغطي وتدعم نضالات الحركة، حيث نورد النص الكامل لافتتاحية العدد 219 الصادر بتاريخ 16 مارس 2011، لإعادة الذاكرة في الذكرى الرابعة من أجل ليس فقط الاستحضار بل المساهمة في التقييم الهادئ وتحديد ما تحقق وما لم يتحقق في وطننا الجميل والجريح، والذي جاء فيه:


المغرب الجديد ولد يوم 20 فبراير، والطفل الحر ينمو الآن، سواء وصف بالشرعي والناضج أو وصف باللاشرعي والمشبوه، بكل بساطة لأن 20 فبراير أصبحت مرجعا للمستقبل، لكونها محطة تولدت بعد مخاض تاريخي عالمي، إسلامي، عربي، وطني، وبعد تواصل كبير وعميق وهادئ داخل الجيل الحالي الذي شرب وتغذى بالتراكمات النضالية وجراح وطنه وعصره، متقنا تقنيات التكنولوجيا المعلوماتية الحديثة في التواصل، ومتفاعلا مع المد التحرري الجاري في البلدان المحكومة بالأنظمة المغلقة، والمحاطة بأحزاب توفر لها التغطية الإيديولوجية والديماغوجية، بتقنيات وأساليب ومضامين تقليدية، لم يعد لها تأثير وأصبحت غير ذات موضوع.


ولدت 20 فبراير بمسيرات واعتصامات غطت كل أقاليم ومدن المملكة، بشعارات واضحة في شقيها الاجتماعي، الاقتصادي (الحق في الشغل والخدمات والعيش الكريم) والحقوقي السياسي (ملكية برلمانية وإسقاط الفساد)، وفي جو حضاري يناقض ما أعلنته تقارير وزارة الداخلية في العدد والانضباط ووضوح المطالب.


إن القراءة المتأنية لبيان شباب 20 فبراير، تؤكد وبدون مبالغة أو تحفظ أنه أي البيان، أقوى وثيقة أنتجها الشعب المغربي وشرفاءه وجيله الجميل الحالي، بعد وثيقة 11 يناير 1944 للمطالبة بالاستقلال والتي أنجزها شرفاء المغرب في ظل الاحتلال الاستعماري، وتزعمها الملك محمد الخامس وتوجت بثورة الملك والشعب في 20 غشت 1953 بل وغطت هته الثورة البلدان المغاربية في 20 غشت 1955.


من 20غشت 1953 إلى 20 فبراير 2011 عاش المغاربة حركية مجتمعية وسياسية متداخلة ومتنوعة في درجات حدة صراعها ضد المحتلين الأجانب والمحتلين المغاربة، وفي هذا الخضم خاضت الحركة الوطنية ضد الدولة صراعا مكتفا وبثمن باهظ من أجل بناء دولة الحق والقانون تكون في خدمة الشعب وتحت سيادته (المواطنين)، ضد دولة المخزن التي ترتكز على كون الشعب هو الذي يجب أن يكون في خدمة الدولة لأن قوة المخزن مستمدة من ضعف الشعب (الرعايا).


في السنوات القليلة الأخيرة من حكم الملك الحسن الثاني جرت مصالحة تاريخية بين القصر ورموز الحركة الوطنية، وتم ترتيب وتدشين مرحلة الانتقال إلى التداول على السلطة بصيغة تناوب توافقي يقود إلى تناوب حقيقي بعد إنتخابات 2002 بحكومة يقودها الحزب الذي تمنحه صناديق الاقتراع النزيه الأغبلية.


هكذا إذن ورث الملك محمد السادس مرحلة بداية تجسيد هذا التوافق، والمغاربة كلهم حماس خصوصا بعد إعلان الملك الشاب في خطاباته السامية الأولى عن عزمه بتطليق سلطة المخزن لصالح دولة الحق والقانون وإمارة المؤمنين، إلا أن تعيين جطو وزير أول في 2002، أجهض تجربة تدشين المغرب للتداول على السلطة، ودشن مرحلة إحكام قبضة المخزن على الدولة والمجتمع، والتي سماها الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي بالخروج عن المنهجية الديمقراطية، وقررت ما يسمى بقيادة الاتحاد المشاركة في حكومة جطو كخدام مساعدين في التنفيذ فقط، فما بالك التقرير، فكان القرار إعداما لأكبر حزب تقدمي في البلاد، ومنذ ذلك التاريخ لملم السكان جراحاتهم وإحباطاتهم وطلقوا السياسة والانتخابات والأحزاب، التي أصبحت غير ذات موضوع، فكانت نسبة 20% من البلطجية المشاركة في انتخابات 2007 ترجمة واضحة لرفض الشعب لدولة المخزن وتحوله إلى مادة خام يفعل فيها ولا تنفعل، بل يطلب منها التصفيق والمباركة لقيادات أحزاب أصبحت عبارة عن أبواق وحراس مدنيين للمخزن، حيث سارعوا حين أعلن الشباب الفايسبوكي بالمغرب عن حركة 20 فبراير إلى الوقوف ضد، بل شككوا في نوايا الشباب، واتهموهم بالشبهة والعمالة؟ إلا التنظيمات والهيآت المستقلة طبعا.


لكن الخطاب الملكي ليوم 9 مارس والذي تبنى فيه الملك محمد السادس حركة 20 فبراير، واعتبر مطالب الشباب مشروعة، وأعلن عن تدشين، وتسريع مراجعات وأجندة إصلاحية كبيرة، جعلت الأحزاب تعود للتغني بلغة التغيير والإصلاحات الدستورية ومطالب 20 فبراير دون تسميتها، بل فتحت شهيتها للركوب على الاستجابة الملكية لجزء من مستلزمات المرحلة والتاريخ، خصوصا وأن هته الأحزاب أو بقاياها أدخلوا كمكونين في لجان مراجعة الدستور والمجلس الاقتصادي و...


ومادام المولود المسمى 20 فبراير ينمو والوقفات والتظاهرات مستمرة، فإن الأحزاب الممخزنة ستزداد هلعا، وستنتج خطابا مضادا للمغرب الجديد لما بعد 20 فبراير، مما سيجعلهم بلطجية المغرب، ولأن إسقاط الفساد الذي أصبح متجدرا في دواليب الدولة والسياسة والاقتصاد الريعي، عملية صعبة، تستوجب الاستمرار في التظاهر وتقوية عزيمة الملك القوية، التي أعلنها في خطاب 9 مارس، والتي ستجعله (أي الملك) في مواجهة هته اللوبيات المتنفذة محتاجا باستمرار لهذا المد الشبابي وراءه وبجانبه، لتحقيق ثورة ثانية للملك والشعب، مثل ثورة محمد الخامس التي ولدتها وثيقة 11 يناير 1944، ولا خيار لوطننا من ثورة ثانية للملك والشعب على أرضية وثيقة 20 فبراير، ألم يجمع العديد من المتتبعين أن خطابات الملك محمد السادس الأولى، تجعله إمتدادا للملك محمد السادس.

ومهما يكن فالمغرب الجديد ولد يوم 20 فبراير ونموه يخيف الفساد ولا أحد غير الفساد.

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير