57 سنة من الاستقلال: مشعل الجهاد الاكبر ... وتستمر ملحمة الاستقلال


حقائق بريس
السبت 17 نونبر 2012



في يوم 18 نونبر 1955 عاد جلالة المغفور له محمد الخامس من المنفى بعد ان كلل نضاله المتسق مع نضال شعبه الوفي بالانتصار وبطلان معاهدة الحماية واعتراف فرنسا باستقلال المغرب . وهو بذلك يكون قد بر بوعده في خطاب طنجة ليوم 10 ابريل 1947 عندما قال " ثم اذا كان ضياع الحق في سكوت اهله عنه فما ضاع حق ورائه طالب . ان حق الأمة المغربية لا يضيع ولن يضيع . فنحن – بعون الله وفضله – على حفظ كيان البلاد ساهرون ولضمان مستقبلها الزاهر المجيد عاملون ، ولتحقيق تلك الامنية التي تنعش قلب كل مغرب سائرون ..." كما لبى مطالب الحركة الوطنية الواردة في وثيقة الاستقلال ليوم 11 يناير 1944 ، وبالفعل وبفضل ثورة الملك والشعب تحققت تلك الامنية وهي عودة الامور الى نصابها ، وعودة الملك الى عرشه واستعادة الشعب لكرامته ، وقد كان زعماء العالم يعرفون ان المغرب سينال ما يريد بفضل هذا الالتحام ، فهذا الامبراطور غيوم الثاني قد خاطب الألمانيين سنة 1905 قائلا : " ان المغرب بلد مستقل انه مستقل واؤكد انه سيبقى مستقلا " ، منددا بذلك بالاطماع الفرنسية والاسبانية ، وهذا الرئيس الامريكي فرانكلان روزفيلت وعلى هامش مؤتمر انفا استقبل جلالة المغفور له محمد الخامس يوم الجمعة 22 يناير 1943 فيلا السعادة بالدار البيضاء ، وصرح ( حسب كتاب التحدي لجلالة المغفور له الحسن الثاني ) بتطلعه الى اليوم الذي سيصل فيه المغرب بيسر الى الاستقلال وفقا لمبادىء الحلف الاطلسي .

ولم يكن جلالة المغفور له محمد الخامس يكل من المطالبة بالاستقلال فهو مثلا عند استقباله لسفراء الدول الاجنبية بتاريخ 11 ابريل 1947 في لقاء حبي قال : " من الحق ان ينال الشعب المغربي حقوقه الشرعية وان يقع تحقيق ما نتمناه ويتمناه الشعب المغربي من المطامح التي نتوق اليها كسائر الامم ".

وفي اكتوبر 1950 شد جلالته الرحال الى فرنسا من اجل مفاوضات سياسية تحدد مصير المغرب ، وتحدثت انذاك الصحف الباريسية عن ملتمس السلطات بفتح حوار مثمر حول استقلال المغرب ، ولكن فرنسا اكتفت بتحقيق بعض المطالب منها التقليص من تعسفات المقيم العام ، مما اضطر سيدي محمد بن يوسف الى تقديم ملتمس اخر في 2 نونبر 1950 يطالب فيه بالغاء معاهدة فاس والاعتراف باستقلال المغرب ، وهو مطلب اكده في خطاب العرش يوم 18 نونبر 1950 . كما ان مطالب المغرب نالت الشرعية الدولية حيث ان محكمة العدل الدولية بلاهاي اصدرت في 27 ابريل 1952 قرارا يؤكد استمرار شخصية المغرب السياسية بالرغم من خضوعه لنظام الحماية ، وانه يشكل من الناحية القانونية دولة ذات سيادة. وتواثرت الاحداث وكان اغتيال الزعيم التونسي فرحات حشاد مناسبة لانفجار الشعب المغربي ضد تماطلات فرنسا فشن اضرابا عاما ، واغتنمتها الاقامة العامة فرصة لإطلاق حملتها القمعية ( 6-10 دجنبر 1952 ) واستمر الامر هكذا الى ان جاءت مؤامرة النفي يوم 20 غشت 1953 ، وانطلقت شرارة المقاومة المسلحة والكفاح المستمر الى ان عاد الملك الهمام الى ارض الوطن يوم الاربعاء السادس عشر من نوفمبر 1955 والقى اول خطاب للعرش بعد رجوعه من المنفى يوم 18 نونبر 1955 ، ولقد دارت المفاوضات الفرنسية المغربية بين غشت 1955 واكتوبر 1956 انتهت الى استقلال المغرب وتوحيد المنطقتين الفرنسية والاسبانية ومنطقة طنجة الدولية . ففي 2 مارس 1956 استعاد المغرب استقلاله ولكن صلاحياته الدولية لم يباشرها الا في 28 ماي 1956 اذ نصت المعاهدة الفرنسية على فترة انتقال انتهت بتوقيع معاهدة ديبلوماسية يوم 28 ماي 1956 بالتشاور بين البلدين وتقديم فرنسا المساعدة الى المغرب . وفي 8 اكتوبر 1956 عقد في فضالة ( المحمدية ) مؤتمر انتهى بضم طنجة الى باقي المملكة .

وهكذا انتهت ملحمة التحرير المحمدية بعودة الكرامة الى المغاربة وانتهى الجهاد الأصغر ليبتدىء الجهاد الاكبر الذي واصله جلالة المغفور له الحسن الثاني بكل نجاح وتسلم مشعله جلالة الملك محمد السادس لتستمر بذلك ملحمة البناء واستشراف المستقبل .


مقالات ذات صلة