إذا ساير المصباح المخزن سيصاب بالبركان


ذ. محمد الحجام
الأحد 18 دجنبر 2011



من خصوصيات و تميز و تفرد و غرابة المغرب، "وصول الإسلاميين إلى الحكم " عن طريق الانتخابات " الديمقراطية "الديمقراطية " عكس تونس و مصر و ليبيا، حيث وصل الإسلاميون عبر الثورة و ...، و في ظل الربيع العربي الجاري و الأكيد استمراره.

و التفرد أو الخصوصية المغربية تطال كذلك حتى إسلاميي المغرب الفائزين لكونهم مختلفين عن إسلاميي تونس و مصر و ليبيا ، بكون هؤلاء مستقلين عن أنظمة بلدانهم و نابعين من حركية شعوبهم ، أما إسلاميي المصباح بالمغرب فهم في العمق و الهوية و التشكل جزء من النظام بعد أن تم ترويضهم و تلقينهم الآداب المخزنية تحت عباءة القائد الفذ الخطيب ، رغم تخوف الأحزاب المخزنية منهم من باب مضايقتهم في الكعكة.

لقد تم تعيين / تكليف بنكيران رئيس حزب العدالة و التنمية من طرف الملك بتشكيل الحكومة المغربية المقبلة من عمالة ميدلت و القصر الملكي ؟.
لقد بدأت المشاورات والاتصالات و السيناريوهات لتشكيل الحكومة الواجب توفر شرط الانسجام البرنامجي لمكوناتها مسايرة لعنوان المرحلة الراهنة لمغرب تنزيل الدستور الجديد ، و هي الملف الأول و المهمة المركزية التي ستضع بنكيران و حزبه على المحك ، و بدون تسرع يمكن القول إنها مهمة صعبة لان التحالف الحكومي سيضم لا محالة أحزابا لها باع طويل في المسؤولية عن الفساد المستشري في المغرب في كل المؤسسات بما فيها امتداداته في المجتمع المدني ، مما سيجعل أداء الحكومة المقبلة مكبلا بالأصفاد ذات الصنع المغربي المخزني بامتياز.
فهل يملك بنكيران و قيادته من الاستقلالية و الشجاعة ما يجعله يجهرون و يخبرون الشعب بالعراقيل و حقيقة الأصفاد و المصالح و لوبيات الفساد المتجدرة في دواليب القرار؟ أم سيغلبون الحكمة و الواقعية السياسية و الحفاظ على الإسرار تحت حجة : ما كل شيء يقال للعامة ، و هكذا سيعيدون الخطأ القاتل ضمن الأخطاء الثلاثة القاتلة للحركة الوطنية في تحليل الاختيار الثوري للشهيد المهدي بنبركة سنة 1962 ، و هو عدم تجنب الصراع المغلق مع الحكم و عدم إشراك الشعب فيه.

هذه الوضعية ستضع إسلاميي المغرب في المحك أمام الملف الثاني بمحاربة الفساد، و هي القضية الأساس التي شكلت قاعدة مناضليه و متعاطفية ضد باقي الأحزاب الرسمية الأخرى.
أما الملف الثالث الذي سيضع الحكومة / الحزب في المحك فهو العلاقة مع الحراك الاجتماعي و في مقدمته حركة 20 فبراير و العدل و الإحسان و أحزاب اليسار المقاطعة.

و من خلال خصوصيات و ثوابت السياسة المغربية فان كل التجارب السابقة تؤكد مسايرة كل من شارك في السلطة إلا و نضج عقله بسبب نضج بطنه و غلب العقل على الرغبة و المسايرة بدل المشاكسة و تحميل المسؤولية للعامة في تخلفها عن خاصة ، فإذا حكم قيادة العدالة و التنمية هذا المنطق فانه لا محالة سيواجه الحراك الاجتماعي بدل مواجهة الفساد و سيصاب المصباح بالبركان و سيلفظ حمما على شاكلة التحاقات جماعية و فردية بالعدل و الإحسان ، و ستتمكن جيوب المخزن ومهندسيه من إظهار أن الإسلاميين غير أهل للحكم وتسيير الشأن العام، وهي الميزة والتفرد المغربي الذي سيؤكد للربيع العربي إساءة الاختيار في تونس وليبيا ومصر، قبل أن يستقروا في الاختيار، رغم نجاح النموذج التركي.

وبنفس قدر الصعوبات التي ستواجه بنكيران في تشكيل حكومة منسجمة وقوية، تواجه جيوب المخزن هي الأخرى صعوبات في تشكيل معارضة رسمية منسجمة وقوية لتمكين العربة من العجلتين الضروريتين للسير، حيث أن ما سيتبقى من أحزاب المعارضة الرسمية، سيكون ضعيفا أمام الحراك الاجتماعي ومكوناته الرافضة أصلا للخريطة الرسمية بشقيها الحكومي والمعارض، هذا المد المحتمل إتساع قاعدته إذا فشلت التجربة الحكومية المقبلة المحاطة قبل انطلاقتها بالبنادق الموجهة لها من طرف البام ومن يدور في فلكه وكل من لم يشارك في الحكومة، قبل مكونات الحراك الاجتماعي، بالإضافة إلى ثقل الأزمة وشموليتها لكل القطاعات وضعف نسبة النمو، فإن الرابح الأكبر مستقبلا هم ورثة البركان اللافظ لحمم المخزن وربما ستكون المرحلة تأسيسية لوضع مغاير وجدري، لأن الأمر لم يعد يحتمل العبث مهما بلغت عبقرية مخططي جيوب إعادة إنتاج الفساد، وأن المغاربة لا يسعون لأكثر من العلاج إذا مرضوا والعدل إذا ظلموا والشغل لأبنائهم خصوصا أنهم درسوا، و السكن إذا أنجبوا.

مقالات ذات صلة