إما الإيمان ... أو اللجوء خارج البلاد


عبد الرحيم الوالي - آي بي إس
الأربعاء 14 دجنبر 2011



عندما قرر قاسم الغزالي التعبير علنا عن آرائه في الإسلام، لم يكن يعلم أنه سيتعرض للضرب وأن حياته ستصبح مهددة. وبالرغم من ذلك، فهو يواصل نضاله أثناء لجوئه لبلد آخر، من أجل ضمان حرية الإعتقاد في المملكة المغربية، وكان قاسم الغزالي قد دعا المجتمع الدولي في العام الماضي للتدخل لإنهاء الشريعة الإسلامية في الدول العربية والإسلامية. وأحل دمه أحد وعاظ المساجد، وكان الغزالي قد تلقى، وهو طالب، عدة تهديدات عن طريق البريد الالكتروني والهاتف. كما تعرض لاحقاً للضرب المبرح من الطلاب الآخرين والموظفين الإداريين في مدرسته الثانوية. عندئذ، نظم نشطاء حقوق الإنسان حملة للتضامن مع الغزالي، الذي حصل أخيراً على حق اللجوء السياسي إلى سويسرا في إبريل 2011.

وكان الغزالي، الذي ولد وترعرع في مدينة مكناس على بعد 230 كم شمال شرق الدار البيضاء، قد تلقى تعليماً دينياً مكثفاً من والده الذي أراد له أن يكون إماماً، لكن هذه التنشئة الدينية أدت لنتائج عكسية، فقد أصبح الغزالي يرى الدين على أنه "فلسفة للإضطهاد والقمع تلقي بكل الإجابات على الأسئلة الهامة خارج مجرتنا"، إلا أن دولة المغرب "الحديثة والديموقراطية" لم تتسامح مع هذه الآراء التي أعلنها الغزالي على مدونته، وذلك بالرغم من سياسة الإنفتاح الرسمية. فحرية الدين، وهي حق مكفول بموجب الدستور المغربي، مازالت حقاً بعيد المنال في حياة المغاربة، فيفرض القانون الجنائي المغربي عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات على الشخص الذي "يزعزع" إيمان المسلمين في المملكة. وفي الواقع، يعتبر المغاربة الذين يولدون مسلمين ثم يغيرون ديانتهم أو يصبحون ملحدين ضمن هذه الفئة.

لم تتمكن رياح الربيع العربي من إحداث فصل بين السياسة والدين في المملكة المغربية ذات 32 مليون نسمة. ولا يزال الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، وفقاً لأحدث دستور تم إقراره في يوليو من هذا العام، كانت المطالب العلمانية قد طرحت خلال الإنتفاضة المسماة "حركة 20 فبراير"، لكن "دخول الاسلاميين في الحركة أفسد المشهد، وأدى لتحديد تلك المطالب قبل استبعادها تماماً، كما قال الغزالي لوكالة إنتر بريس سيرفس، لكن بعض الناشطين في الحركة لا يتفقون مع هذا الرأي. فقد قال محمد أمين المنار، من الدار البيضاء، لوكالة إنتر بريس سيرفس إن المغرب من البلدان التي تحترم حرية الدين. والدليل هو أن اليهود المغاربة كان لهم دائماً الحق في ممارسة شعائرهم الدينية. ودولة المغرب لديها جالية يهودية تتجاوز 200,000 يهودي، يعيش معظمهم في الخارج.

إلا أن هذا التسامح تجاه ديانات التوحيد لا يشمل أولئك الذين يخرجون من الإسلام، ''هذا يشكل تعديا على الحريات الشخصية للمواطنين وإنتهاكا خطيراً لحقوق الإنسان، بحسب الغزالي الذي لا ينوي التخلي عن قضيته برغم وجوده في المنفى كلاجئ سياسي، وقال أنه يتوجب بناء التوازن السياسي أولاً إذا أردنا الدفاع عن الحريات الفردية في المغرب، وهذا ما أفعله من خلال كتاباتي والحملات التي أقوم بتنظيمها، لابد من توعية كل المغاربة، والسياسيين ، فضلا عن عامة الناس، بهذه القضية، وفقا للغزالي الذي يعتبر أن أفضل وسيلة هي إطلاق نقاش عام واسع النطاق بشأن حرية الدين يتسم بالجرأة والمسؤولية.

ومع ذلك، فإن المخاطرة تتجاوز كونها مجرد تحدي ثقافي بالنسبة للبعض. فقد علق منار علي ذلك بقوله أن إحترام حرية الديانات في المغرب لن يأتي بفضل ثقافة التسامح، بل سيكون ثمرة لضغوط المجتمع الدولي، وأوضح الغزالي أن خلط الدين بالسياسة قد أنتج في نهاية المطاف الإسلام السياسي الذي يرفض العلمانية، والذي لا توجد لديه حتى الآن أي خطط لحل مشاكل المواطنين، تبدأ فوائد الإسلام السياسي في المغرب بالدولة. لذا، فهم لا يستطيعون التخلي عن فكرة الدين الرسمي. هذا هو دين الغالبية التي تفضل جميع أشكال الاضطهاد إلا أن تتوقف الدولة عن حماية الدين، وفقا للغزالي، الذي أضاف أن ''الدستور المغربي ينص على أن الملك هو أمير المؤمنين، وهو ما يجعله شخص مقدس لا يستطيع أحد انتقاده أو توجيه تساؤلات بشأنه، وإختتم قائلا أن 'هذه القدسية هي التي جعلت الشعب المغربي راضياً -على العكس من الشعوب الأخرى في المنطقة– بما ينشر من إدعاءات بخصوص الإصلاحات بدلا من إسقاط النظام''.

مقالات ذات صلة