الرحامنة والمخزن ... على ضوء بعض التواريخ


إعداد : ابريك عبودي
الجمعة 28 أكتوبر 2011



الرحامنة : بطاقة تعريف

تقدر ساكنة منطقة الرحامنة حسب احصاء 1994 ب 241729 نسمة منها 47.080 نسمة لبلدية ابن جرير ، مناخها شبه جاف مناخ قاري يمتاز بارتفاع المدى الحراري السنوي وبقلة التساقطات ، وتكون الفلاحة والرعي هما الدعامتان الاساسيتان لاقتصاد المنطقة اذ يشتغل أزيد من 70% بالفلاحة لكن هذا لايساهم بشكل فعال في الرفع من مستوى دخلهم السنوي بسبب ضعف الانتاج الفلاحي لما يعترضه من سلبيات العوامل الطبيعية والبشرية ، كما تتمير المنطقة بانتاجها الفوسفاطي .

الرحامنة هم من أصل عربي صحراوي من المشرق العربي من بلاد اليمن ونساء الرحامنة اللواتي يرتدين " الخنت " ينتمين الى قبائل السادة الصالحين ( الركيبات ، النواجي ، سلام ) فطبيعتهم الفروسية والكرم تتماشى مع ما يمكن أن نسميه الطبيعة العربية ، لغتهم هي العربية ، واسم الرحامنة هو من الاسماء العرقية المنتشرة بافريقيا الشمالية . واشتهرت قبيلة الرحامنة بتمرداتها العنيفة وفي ذات الوقت اقترن اسمها بعدد من الاعلام الذين بزغوا في ميادين العلم والتدريس والقضاء كما شغل عدد من الرحامنة مناصب هامة في المخزن المغربي .

ومنطقة الرحامنة عموما تنحصر ما بين نهر ام الربيع شمالا وسهل الحوز جنوبا والسراغنة شرقا وغربا دكالة وعبدة واحمر ، وتعتبر منطقة الرحامنة منطقة اتصال بين الشمال والجنوب وظلوا يتنقلون غربا الى ان استقروا بالصحراء الغربية في موريطانيا حاليا الى حدود نهر السينغال وبهذه المنطقة تفرقوا لعدة قبائل من بينها الرحامنة ،وان أول من أشار الى تواجد الرحامنة بالصحراء الغربية هو المؤرخ فرنانديز ( 1506-1507م ).

وقبيلة الرحامنة قد عرفت منذ أواخر العصر الوسيط وطيلة التاريخ الحديث حركة مد وجزروتنقل مستمر عبر الجنوب الغربي الى ان استقر بها المطاف في النهاية على ابواب حوز مراكش وهذا راجع بالاساس لتطور الظروف التاريخية للمغرب خلال تلك الفترات ويذكر كذلك بانهم تواجدوا منذ فجر القرن 15 م بموريطانيا ووادي الذهب ، كما ان الرحامنة أقوى قبائل بني معقل بالمنطقة واعتمدوا في نشاطهم الاقتصادي على الرعي بالدرجة الاولى .وكان الرحامنة يلعبون دور الوسيط في الرواج التجاري الثلاثي الذي كان يتم بين الافارقة السود بالسينغال وسكان الجنوب الغربي حول آسفي ثم الايبيريين فقد كان الرحامنة يشترون الخيول من اسفي ويستبدلونها بعبيد السينغال الذين يتم بيعهم للبرتغال بمنطقة " اركوين" وقد خول هذا الرواج للرحامنة جمع ثروات هامة واتاح لهم فرصة الاطلاع على الشمال وخيراته ، واشتهرت قبيلة الرحامنة بتاريخ المغرب بتمرداتها العنيفة وفي ذات الوقت اقترف اسمها بعدد من الأعلام الذين بزعوا في ميادين العلم والتدريس والقضاء كما شغل عدد من الرحامنة مناصب هامة في المخزن المغربي سواء في جهازه المركزي او المحلي .

منطقة الرحامنة على ضوء بعض التواريخ

- سنة 1517م : وصل الرحامنة الى بلاد سوس الى جانب بعض القبائل الاخرى ، وقد شهد التاريخ مشاركتهم في الهجوم على البرتغاليين بميناء سانتا كروز سنة 1525 وكانت مشاركتهم فعالة اذ أن أحد قادة الفرق الاربعة التي حاربت البرتغاليين كان من الرحامنة .

- بين 1525 و1565 : توافدت القبائل المعقلية الاتية من الصحراء الغربية وضمنها الرحامنة على حوز مراكش بعدما استولى عليه السعديون منذ سنة 1520م ، وتواجد الرحامنة بشكل أهم بمنطقة الحوز حول الطريق الرابط بين مراكش واسفي حيث ظلوا يتنقلون بقطعان ماشيتهم الى غاية العقود الثلاثة الاولى من القرن 17م ومع مطلع هذا القرن تغيرت علاقة الرحامنة بالسعديين حيث ثاروا ضد السلطان المولى زيدان السعدي سنة 1619 م ثم ضد السلطان عبدالمالك سنة 1628 وهو في طريقه الى مراكش نحو آسفي .

- وفي النصف الثاني من القرن 17 م تحالف الرحامنة مع عرب الشبانات عندما تدهور السعديون ، فظلوا يتنقلون بخيامهم في منطقة الحوز بحثا عن المراعي فيما استقر عرب الشبانات بالمناطق الزراعية السقوية ، حيث خول لهم تحالفهم هذا مع الشبانات نوعا من الاستقرار بالحوز وتملكوا بعض الاراضي التي لازالت بحوزتهم الى يومنا هذا .

- وخلال سنة 1668م تمكن المولى الرشيد السلطان العلوي من الاستيلاء على مراكش والحوز بعد فرار عرب الشبانات نحو الجبال ، ومن بعده المولى اسماعيل سنة 1679 الذي عمل عى نقل جزء منهم نحو وجدة وذلك ليخفف من عصبيتهم خاصة وانهم كانوا من أقوى عناصر جيش أهل سوس السعدي ، وان هذا أدى الى فقدان الرحامنة لحلفائهم بالحوز وأصبحوا في مواجهة الجيوش العلوية التي استولت على المنطقة ، وهكذا قامت الجيوش العلوية بمنع الرحامنة من الاستفادة من مراعي الدير وطردهم من منطقة الحوز حيث حوصروا شمال نهر تانسيفت ومنذ ذلك الحين ظل الرحامنة لمدة قرنين من الزمن يعيشون مرحلة مد وحزر في صراع من اجل احتلال بعض المناطق بالحوز لكنهم لم يتمكنوا من ذلك فانتهوا بخضوعهم للقوانين المخزنية بعدما استقروا في منطقتهم الحالية الممتدة بين وادي تانسيفت ومرتفعات الجبيلات جنوبا الى مشارق نهر ام الربيع شمالا .

- 1790 : ناصر الرحامنة هشام ابن السلطان محمد بن عبد الله طامحين في ذلك الاستيلاء على جنوب الحوز بعد وفاة السلطان محمد بن عبد الله بعد الخلاف الحاصل بين ابنائه : يزيد وهشام وسليمان والحسين ، كما ناصر أهل فاس يزيد وتارودانت سليمان .

- 1822 : عرفت هاته السنة صراعا بين الرحامنة والشراردة حول أراضي نفيس الحصبة انتهى لصالح الزاوية الشرادية اذ تمكنت من الاستيلاء على اراضي الرحامنة ، وفي عهد مولاي عبد الرحمان تمكن هذا الاخير من القضاء على الشراردة بمساعدة الرحامنة .

- 1861 : بعد ان حط المخزن بكل ثقله شرق المغرب وشماله بفعل التدخل الخارجي الاوروبي هاجم الرحامنة مدينة مراكش وتمكنوا من السيطرة عليها .

مقالات ذات صلة