الطريق قبل الرفيق


ابراهيم السروت
الخميس 15 شتنبر 2011


يكاد ينفرد المشهد السياسي المغربي بهشاشة بنيته، فمنذ الوهلة الأولى للتأسيس لمغرب ما بعد الإستقلال، تجسدت للقائمين على شأن الدولة، خطورة المشهد السياسي في شقه الانتخابي الذي أفرز نخبة أعلنت القطيعة مع نمطية الحزبية القائمة على تقديس زعامات اختارت التنكر لمؤسسات فكرها ولضوابط عملها في الميدان السياسي، كما اختارت أن تظل وافية لقناعاتها المبنية على قدرتها وحدها للذهاب بالسفينة إلى الشاطئ التي تختاره هي لا التي يريدها الشعب.


مبادرة أفرزت اختيارا مضادا، لدى شريحة من الشباب التي ارتأت أن تناضل إلى جانب الشيوخ والفقهاء من اجل استقلال المغرب، لكنها وحال تحقيق ذلك اختارت الطريق قبل أن تختار الرفيق خاصة وأن رفقاء الأمس في المسار النضالي أصبحوا يشكلون لوبيا يتحكم في توجيه السياسة إلى محطات كثر فيها الرفاق ولم تتضح فيها الطريق، اختلط الحابل بالنابل، واتسع الخرق على الرقيع، ولم تعد الوطنية المزيفة تقنع الكثيرين بالاستمرار في دهاليز التآمر على المواطن وعلى مصير البلاد تحت ذريعة الخوف الذي مكنته وقوته أساليب التحييد والتغييب وإشباع المواقف بخطابات التخوين، وبأناشيد الحجر والوصاية، وكان ما تحقق في حل من كل انتقاد، وفي منأى عن كل اتهام.

كانت المرة الأولى التي خرج فيها الشباب المغربي دون هرج أو لغط لانتقاد وضع أصبح من المستحيل أن يكسب ورقة المشروعية لضمان استمراره، وحصانته من النقد والتجريح، كانت عدالة الشباب آنذاك أقوى من الإيديولوجيات المكلسة والمتكلسة، وأقوى من زعامات (هلامية) خططت لمستقبل ما بعد الاستقلال بعد أن حققه الشعب المغربي، كل الشعب المغربي، وعلى أكتاف الشباب بدأت طريق النضال ضد النمطية الحزبية الموغلة في التجاذبات والإخفاقات التي لم تكن لتجعل الشباب منعزلا عن معركة التغيير بعزيمة ثفل الحديد، ولا تعرف المستحيل.

لقد اختار هذا الشباب طريقه وسط زوابع المكر السياسي، وسلطة النخبة المنبهرة بقوة الإنجاز وجديدية المرحلة وماكان لها إلا فعل ذلك حين أدركت أن تحقيق الاستقلال لايمكنه أن يكون غاية فريدة في حد ذاتها، ولا أن تقف عنده عجلة التاريخ وتتكلس حوله إرادة التغيير، بل أدرك الشباب أن مرحلة الاستقلال لا تبدو أن ترتدي لبوسا مغايرا، وإرادة مغايرة تخطط وتبرمج لما يجب أن يكون عليه المغرب، وتلك كانت لحظة البداية، بداية نحو الانصهار في دفع ضريبة التحرر، وضريبة الديمقراطية التي تلقفها الشباب الجديد ليسير بها نحو آفاق تقتضي كثيرا من التأمل والدرس في عبر التاريخ، الذي يبقى المورد الحقيقي لحشد الطاقات، والدفع بالهمم نحو التغيير.

مقالات ذات صلة