العدالة والتنمية والمعادلة الصعبة


جمال مكماني
الأربعاء 9 ماي 2012



مما لا شك فيه أن تفاعل شروط الوضع الدولي والإقليمي والمحلي ساهم بشكل كبير في الفوز الساحق الذي حققه حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية لـ 25 نونبر، هذا الفوز الذي جاء في ظل مناخ اقتصادي يسوده الاضطراب ومناخ سياسي إقليمي سمته الأساسية تزايد المد الإسلام السياسي ومناخ اجتماعي وطني يتميز بالاحتقان وتزايد الحركات الاحتجاجية التي تكثف نضالاتها تحت يافطة 20 فبراير.

إذا وفقط إذا انطلقنا من هذه المؤشرات السابقة يتضح لنا بالملموس أن المعادلة التي يجب على حزب العدالة والتنمية إيجاد حل لها هي في غاية التعقيد، فالاقتصاد الوطني مطالب أكثر من أي وقت مضى بمناعة قوية تحميه من أنفلونزا الاقتصاد الآتية من أوربا خاصة وأننا نعلم جيدا طبيعة الارتباط الذي يجمع اقتصادنا بالاقتصاد الأوربي، والمغرب في حاجة أكثر إلى سلم اجتماعي يقيه من موجات الغضب والاحتقان والانتفاضات التي تعيشها الدائرة الإقليمية. هذين المطلبين تحقيقهما رهين بتوفر اليقظة والتركيز التام وهو ما يبدو أنه لن يتحقق خاصة مع تزايد احتجاجات 20 فبراير التي تعتبر حزب العدالة والتنمية هو حزب شبيه بجميع الأحزاب السياسية التي دخلت فيما يسمى بالإجماع الوطني أو ما سمته حركة 20 فبراير الإجماع اللاوطني.

إذن، وانطلاقا مما سبق، يتضح لنا أن أطراف المعادلة هي معقدة جدا والجمع بينها يحتاج إلى حكمة وتبصر أظن أنها لا تتوفر في حزب العدالة والتنمية لأن من يمتلكها كان عليه أن يقوم الآن بانحناءة سياسية أمام موجة جماهيرية عنوانها " ارحل".

إن مطالب شعوب المنطقة هي آنية وغير قابلة للتأجيل وهي ليست مطالب إصلاحية أو ترقيعية بل تغييرية بامتياز، ونجاحها في العديد من أقطار الدائرة الإقليمية والتعاطي اللامحدود معها أضفى عليها بعدا جماليا زاد من حماسة الشعوب وطلَّق الخوف بلا رجعة عن شعوب كانت تؤمن إلى أمس قريب بأنه " حتى للجدران آذان"، فهل سوف يكون الرهان على المصباح شبيه بالرهان على الوردة إبان السكتة القلبية؟ وهل الأيادي التي رفعت المصباح لها من القدرة ما يجعلها تمسك بالجمرة المحرقة الآن؟
كل هذه التساؤلات وتساؤلات أخرى تجيب عليها معطيات المستقبل في زمن لا يؤمن بالمعطيات وإنما يؤمن بالوقائع.




مقالات ذات صلة