واقع الحال بالمراكز أو المدن الفوسفاطية ببلادنا ينذر بتفاقم خطير للاوضاع الاجتماعية والاقتصادية بعد اكثر من 90 سنة من استخراج الثروة الفوسفاطية بالرغم من أهمية الثروة التي يحتكرها المغرب على مستوى تجارة الفوسفاط عالميا .فأبواب التشغيل مغلقة في وجه أبناء هاته المناطق من حاملي الشهادات والخبرات والسواعد وأبناء العمال المتقاعدين الذين يعيشون في ظروف بئيسة وهم يتطلعون الى مستقبل أفضل من واقع الاباء الذين أفنوا زهرة عمرهم داخل مناجم الفوسفاط بكل من اخريبكة واليوسفية وبدأو رحلة عذاب لانهاية لها مع الامراض والتهميش ومنحة التقاعد البئيسة ، ناهيك عن ابناء الذين انتزعت أراضيهم بأبخس الاثمان من لدن المجمع الشريف للفوسفاط .
وسبق للعمال المتقاعدين وأبناء العمال المتقاعدين والارامل وأبناء المنتزعة اراضيهم الفلاحية ان اعلنوا احتجاجهم في أكثر من مناسبة على المسؤولين بهذا القطاع الحيوي سواء بادرات المراكز الفوسفاطية بكل من ابن جرير واخريبكة واليوسفية أو أمام الادارة المركزية للمجمع الشريف للفوسفاط بالدار البيضاء احتجاجا على حرمانهم واقصائهم من التشغيل بالقطاع ، فالادارة المركزية للمجمع الشريف للفوسفاط لا تفكر اطلاقا في حل مشكل التشغيل لابناء المناطق الفوسفاطية ، بقدر ما اصبحت فئة من المسؤولين بهذه المراكز تستفيد من مناصب الشغل لفائدة الابناء والاقرباء وغيرهم ، ناهيك عن تبديرهم للاموال الطائلة في الحفلات والسهرات والاسفار كما هو الامر في تفويت الاشغال لشركات المناولة بتكاليف لا تتناسب والواقع لاشخاص نافذين .
ويبقى مركز ابن جرير وحده ضحية السياسات المتعاقبة لادارة المجمع الشريف للفوسفاط في مجال تشغيل ابناء المنطقة منذ بداية الاستغلال به الى حدود اليوم ، سياسة قدفت بابناء المنطقة نحو المجهول والى النفق المسدود والى الخراب ، سياسة عنصرية ضد ابناء المنطقة التي تم تخريب وتدمير اهم اراضيها الفلاحية وتلوث طبيعتها ومواطنيها .
تصاعدت موجة احتجاجات الشباب في المدة الاخيرة بمدينة ابن جرير والاكيد انها احتجاجات اجتماعية حقيقية بعيدة عن تخمينات البعض من الانتهازيين المستفيدين من الوضع الحالي ، محتجون همهم الوحيد هي لقمة عيش ولا شيء غير ذلك ، فئة متضررة جراء البطالة التي طالتهم لسنين ، يرفعون اصواتهم طلبا للعمل الذي سيحفظ لهم كرامتهم بالمجمع الشريف للفوسفاط ، فلم يجدوا سوى المحاصرة الامنية والتضييق رغم ان وقفاتهم سلمية ولا تحتاج لكل هذا الرعب الذي يمارس بالشارع العام عبر اصطفاف سيارات الامن وانتشار عناصره في حين ان مثل هذه الاحتجاجات والوقفات تعرفها عاصمة المملكة يوميا وامام قبة البرلمان ولا تعرف كل هذا الانزال الامني .
معطلون يئسوا الانتظار ولن يجدوا سوى الخروج للشارع والتعبير عن مطالبهم .
ومن خلال ما تعرفه مدينة ابن جرير من احتجاجات وصفها البعض بربيع الغضب الشعبي جراء السياسة المنتهية التي لم تزد الاوضاع لدى عموم ساكنة هذه المدينة وخاصة الشباب الا استياء وتدمرا في غياب تام لايجاد حل لمعضلة البطالة التي تنخر شباب المنطقة الغنية بالفوسفاط .