الوجه الاخر للفساد بمراكش: تعاونية الحليب الجيد بين غموض وضعيتها القانونية بعد تحويلها إلى شركة واثقال كاهلها بقروض ضخمة


حقائق بريس
السبت 7 يوليو/جويلية 2012



قضية تعاونية الحليب الجيد بمراكش لم تنته بعد مع عودة الفلاحين العمال إلى الاعتصام المفتوح بمقر التعاونية والتنديد بسوء التدبير والتسيير وتماطل المسؤولين في إحالة المتورطين في نهب مالية التعاونية والمتسببين في تفويتها بطريقة ملتبسة للقطاع الخاص في شخص شركة بيست ميلك .وعن قانونية هذا التفويت في ظروف احتجاج المتعاونين وإثقال كاهل التعاونية بقروض ضخمة تعد بالملايير إلى درجة مطالبتهم بتأسيس تعاونية بديلة ومطالبتهم بتمكينهم من مستحقاتهم المالية التي هي بذمة التعاونية، وكانت مدينة مراكش قد عاشت احتجاجات و اعتصامات منخرطي ومستخدمي هذه التعاونية قبل ثلاث سنوات منددة بخطورة ملف ثقيل بالتجاوزات والاختلاسات وانتهاكات الفلاحين والمستخدمين من طرف كل من رئيس مجلس إدارة التعاونية ومديرها، اللذان حولا أموال التعاونية إلى أرصدتهما وممتلكاتهما ، وكان واضحا ان القضية لن تنتهي الا بفتح تحقيق في موضوع هذه التعاونية التي تم تفويتها لإحدى الشركات ضد على القانون في ظروف غير عادية، وكانت خطورة كل الاتهامات الموجهة لادراتها إلى الجهات المسؤولة انذاك والتي لم تتحرك للتأكيد من حقيقة كل ما يجري ويدور بالتعاونية ، تتجلى في الاختلاسات المفضوحة واتهامات بالتزوير في الفواتير وفساد في الإدارة وتمكين المقربين من أموالها، حيث أن هذه التعاونية كانت مصدر عيش عشرات الآلاف من الفلاحين وأكثر من ألف عامل ، وأن أموال التعاونية وممتلكاتها والأرباح التي كانت تجنيها سنويا لا يستفيد منها الفلاحون الذين يرجع إليهم الفضل في بنائها منذ أزيد من 80 سنة خلت . ولم يسلم أي مرفق من مرافق هذه التعاونية من انتقادات الفلاحين المنخرطين الذين يحملون كل الدلائل التي يكشفون من خلالها في التسيير والتدبير وانطلاقا من التدبير السيئ لمالية التعاونية سبق لعامل إقليم سيدي يوسف بن علي بمراكش سابقا قد اصدر قرار عاملي ضد التعاونية في شخص مديرها بفرض عقوبة مالية بعد الوقوف على عدد من الفواتير غير القانونية، وذلك بعد أن سجلت لجنة مراقبة الأسعار ومحاربة الغش عدم تضمين بعض الفواتير لأسماء وعناوين الزبناء وتضمين أخرى بيانات غير واضحة إلى غير ذلك من ممارسات كرسها مدير التعاونية كتعيين عدد من أقربائه في عدد من مواقع المسؤولية بأجور وتعويضات خيالية إلى جانب مقربين آخرين يحضون بنفس الامتيازات، إضافة إلى التغاضي عن عمليات الغش التي ظلت تطال جودة الحليب والسماح لفئة معينة من كبار الفلاحين المتعاونين بإضافة كميات كبيرة من الماء وما كان يطال مصلحة المنتجين من خروقات وما كان يحدث بالمصلحة للعلف.

ويزيد من ضعف ومراقبة وتدخل الجهات المسؤولة والصمت أوالتغاضي على كل ما يقدم عليه المهيمنون على التعاونية – الشركة – من تجاوزات التي هي في طريق البدء اعلان افلاسها، حيث ان اقتطاعات مستحقات الصندوق التكميلي للتقاعد من رواتب المستخدمين لم تؤد لمصالح الصندوق المذكور بالاضافة لاداء مستحقات التامين التي كانت الادارة تعمل على اقتطاعها من رواتب المستخدمين كذلك.

وهكذا انخرط المتعاونون الفلاحون والمستخدمون في كفة واحدة فحملوا شعار المطالبة بايفاد لجن افتحاص وتحقيق للتاكد من طريقة تدبير وتسيير هذه المؤسسة الاقتصادية الهامة بجهة مراكش إلى جانب فتح تحقيق قضائي في موضوع كل التجاوزات والخروقات بالتعاونية قبل اعلان افلاسها برغبة من مدير التعاونية ورئيس مجلسها.

وقد اعتبر المحتجون ان انشاء الشركة جاء للتغطية على جملة التلاعبات التي طالت تسيير وتدبير شؤون التعاونية وتبذير ماليتها، وكانت تلك بداية الحقائق وواقع إفلاس التعاونية خصوصا بعد ان طلب من العمال الذين قضوا أزيد من ربع قرن بين احضان التعاونية بالتوقيع على عقد شغل يحدد العلاقة بينهم وادارة الشركة الجديدة، وكانت أصابع الاتهام تشير صراحة إلى الثراء الفاحش وغير المنطقي الدائم ظهر على كل من مدير التعاونية ورئيس مجلس ادارتها في زمن قياسي بعد تربعهم على كرسي تسيير وتدبير شؤون التعاونية .

ومع أن كل الدلائل تضع المسؤولين عن التعاونية في قفص الاتهام لم يلاحظ عليهم اي علامة من علامات الانزعاج، بل ينامون على اريكة من حرير الثقة والاطمئنان لاقتناع أن السلطات المعنية عاجزة عن مسهم، لكن يبقى التساؤل المطروح ما دواعي استثناء التعاونية الفلاحية للحليب الجيد مراكش من تحقيق نزيه في الانتهاكات المتعلقة بنهب المال العام .

مقالات ذات صلة