تخليد الذكرى الخامسة عشرة لوفاة الملك المغفور له الحسن الثاني


حقائق بريس
الخميس 24 يوليو/جويلية 2014



بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لوفاة الملك المغفورله الحسن الثاني( 9 ربيع الثاني 1420 الموافق لـ 23 يوليوز 1999) يستحضر الشعب المغربي بكثير من الفخر و الاعتزاز مواقف و منجزات هذا الملك العظيم ، التي جعلت المغرب يتبوأ مكانة متميزة بين الأمم .
فبفضل سياسته الحكيمة جعل من المغرب دولة حديثة و حقق وحدتها الترابية و ثبت ركائز مؤسساتها في شتى المجالات ،
و في مجال استكمال الوحدة الترابية ، أبدع رحمه الله أهم حدث سياسي عرفه المغرب الحديث الا و هو المسيرة الخضراء التي استرجع بها المغرب صحراءه .
و على الصعيد الاقتصادي فإن من أبرز الانجازات التي تم تحقيقها في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني ، هيكلة كل القطاعات من اجل الرفع من مردوديتها و خاصة القطاع الفلاحي الذي يعد ركيزة الاقتصاد الوطني ، حيث اولاه الملك الراحل اهتماما خاصا تجلى في سياسة تشييد السدود بهدف سقي مليون هكتار و استصلاح الاراضي الزراعية و تطوير اساليب الانتاج فضلا عن خلق صناعات تحويلية مرتبطة بالمنتوج الفلاحي و تسويق تلك المنتجات في الداخل و الخارج .
و في المجال الحقوقي ركزت مقاربة الملك الراحل لهذا الملف على تدعيم المؤسسات الديمقراطية في البلاد من خلال احداثه مؤسسة وطنية للنهوض بحقوق الانسان و حمايتها ، وعلى المستوى الدولي برهن جلالة المغفور له الحسن الثاني دوما بفضل ما تحلى به من حكمة و بعد نظر و سداد راي و حضور قوي و متميز طبعته الشجاعة في الحفاظ على المصالح الوطنية و القومية و في الدفاع عن القضايا العادلة العربية و الإسلامية على انه رجل الدولة المؤمن بالحوار كنهج و بالدبلوماسية كسلوك .
و من السمات البارزة لشخصية المرحوم الحسن الثاني انه كان منفتحا عن الفكر الإنساني بكل أبعاده عاشقا للفلسفة و التاريخ و العلوم القانونية محبا للتواصل الثقافي و التفاعل الفكري و التسامح الديني شغوفا بالفنون و التراث و في هذا الصدد أقام الملك الراحل علاقات و طيدة مع جل أقطاب السياسة و الثقافة في مختلف أنحاء العالم .
و بمثل ما كان المغفور له قائدا سياسيا محنكا استطاع أن يرسي أسس الدول المغربية الحديثة فانه كان كذلك رمزا دينيا و قائدا روحيا و أميرا للمؤمنين يزكيه نسبه الشريف الى البيت العلوي ، و سعة اطلاعه على أصول الدين الاسلامي و مصادره و علومه .
ان الشعب المغربي و هو يحيى الذكرى الخامسة عشرة لوفاة جلالة المغفورله الحسن الثاني ليغمرهم فخر و اعتزاز كبيران و هم يرون وارث سره جلالة الملك محمد السادس و هو يواصل الجهود الجبارة في البناء و التشييد تعكسها المشاريع و الاوراش الكبرى التي اطلقها جلالته في مختلف ربوع المملكة

المغفور له الحسن الثاني كان رمزا لكل التحديات

لم يكن الحسن الثاني ملكا عاديا بل ظل رمزا للتحديات و كان هاجسه على الدوام تهييئ بلده الى القرن 21 و هو يمتلك من المؤهلات ما يسمح له برفع تحدياته و الاستجابة لمتطلباته و استطاع جلالة المغفور له أن يجعل من البلاد أرضا لتلاقح الحضارات تحافظ على هويتها الإسلامية و المغربية الاصيلة مع استدماج مختلف أوجه الانفتاح و التقدم الحضاريين اللذين حملتهما تكنولوجيا العصر ، و استطاع ان يجعل من المغرب شجرة عروقها في افريقيا و جذعها عربيا و أغصانها تشرئب الى الشمال مستلهمة مستجدات التطور العلمي و الافكار الانسانية الجديدة .
كانت خطواته رحمه الله رصينة في بناء دولة الحق و القانون و أصبحت حقوق الانسان واحدة من الانجازات التي اصبحت تشكل شبه استثناء في القارة ، و عملت فلسفته في اقرار التناوب السياسي الى منح البلاد امكانية تغيير التصورات و المناهج و اليات التسيير و هو ما جعل تجربة المغرب بالخارج تشير التنويه و الاعجاب .
لم يكن رحمه الله مغربيا فقط بل انسانا كونيا ، فهو لم يتوان ابدا عن دعم القضايا الانسانية الكبرى ، و لم يال جهدا في استتاب الامن و السلام في العالم ، و كانت مساعيه الحميدة في حل كثير من بؤر التوثر وازنة و ذات مصداقية ، و يشهد له التاريخ بدورة الكبير في مسلسل السلام بالشرق الاوسط مما اكسبه احترام و تقدير كبار القادة و مختلف الشعوب المحبة و التواقة الى السلام .
لقد كانت رغبته ان ينقل الطمانينة التي يعرفها الشعب المغربي الى كل بقاع العالم .
و كان مسلما متسامحا يؤمن بتقارب الديانات و بضرورة التسامح الديني و هو جعله محط احترام و مختلف رجالات الدين على اختلاف مللهم .

23 يوليوز 1999 .. وفاة الملك الحسن الثاني

ولد الحسن الثاني في الرباط يوم 9 يوليوز سنة 1929 ، و دخل الحياة السياسة بعد وفاة والده الملك محمد الخامس يوم 26 فبراير 1961 ، حيث تم تنصيبه ملكا ، درس القانون في الرباط و حصل على الشهادة فيه في مدينة بوردو الفرنسية .
كان يقوم بعدة مهام و هو ولي للعهد و نفى مع والده محمد الخامس من طرف الاستعمار الى كل من كورسيكا و مدغشقر ، و هذا ما الهب شرارة انتفاضة شعبية كبرى خاصة بعد تعيين الاستعمار ابن عرفة ملكا على المغرب ، و الذي نجا من محاولة اغتيال من طرف أحد المقاومين المسمى علال بن عبد الله و سميت هذه الفترة " ثورة الشعب و الملك " و كان الحسن الثاني هو الذي يحرر المراسلات و ترجمة الرسائل لوالده في المنفى ، ثم عاد محمد الخامس و ولى عهده الحسن الثاني من المنفى الى المغرب ليتم استقلال المغرب عام 1956 .
في سنة 1961 تولى الحسن الثاني حكم المغرب بعد وفاة والده ، و تعرض الحسن الثاني للعديد من محاولات الاغتيال في ال 38 سنة التي قضاها في الحكم ، و كانت محاولة " الصخيرات " سنة 1971 و من بعدها محاولة " القنيطرة " سنة 1972 من ابرز ما واجهه الملك الحسن .
في عام 1971 و أثناء حفل الذكرى ال42 لميلاد الحسن الثاني ببلدة الصخيرات الواقعة قرب الرباط العاصمة ، هاجم 1400 جندي الحفل مخلفين 100 ضحية من بينهم سفير بلجيكا في المغرب ، كما جرح أكثر من 200 ، و نجا الملك الحسن عندما اختفى في احد جوانب المكان ، و قد سحقت قواته الموالية المتمردين في الساعات نفسها التي تلت الهجوم ، و بعد اقل من سنة من محاولة الصخيرات و عند رجوع الملك من زيارة لفرنسا ، تعرضت طائرته لهجوم من أربع طائرات مقاتلة من نوع اف .5في محاولة اغتيال من تدبير انقلابي تزعمه محمد اوفقير وزير الداخلية ، و نفذه طيار و القوات الجوية المغربية ، فهبطت طائرة الملك اضطراريا بمطار الرباط سلا مما دفع المقاتلات الى قصف المطار ، و لم يتوقف القصف الا بعد ان قام الملك بالاعلان عبر مساعديه انه قد مات و ان محاولة اغتياله نجحت ، و ما ان توقف القصف حتى شملت الاعتقالات جميع الانقلابيين و اعتقلوا بسجن تزمامارت على رئسهم محمد اوفقير ، لاتهامه بالضلوع في هذه المحاولة الانقلابية .
اهم حدث للحسن الثاني هو " المسيرة الخضراء ، حيث طالب المغرب و بشدة في بدابة السبعينات ضم الصحراء الغربية ، التي كانت تحت السيطرة الاسبانية ، و توج الامر بمسيرة تم خرلها ضم الصحراء ، ضمت تلك المسيرة 350 الف مغربي و مغربية اجتازوا حدود " الصحراء الغربية " يرفعون المصاحف الشريفة و الاعلام المغربية ، في السنة نفسها انسحبت اسبانيا من الصحراء بعد تجزيئها حسب معاهدة مدريد الى : تلثين للمغرب ( الساقية الحمراء ) و ثلث لموريتانيا ( وادي الذهب ) تفاديا لحدوث نزاع بين الدولتين )
توفى الحسن الثاني في مثل هذا اليوم عام 1999 ، اثر نوبة قلبية لينتقل الحكم كما هو في الدستور المغربي الى الابن الاكبر سنا و هو محمد السادس .


مقالات ذات صلة