لازال الحدث المأساوي الذي عرفته جماعة بوشان باقليم الرحامنة " حدث محاولة اغتصاب فتاة قاصر " يسيل الكثير من المداد الى اليوم ، الحدث الي تداولته عدة مواقع الكترونية وصحف وطنية وفعاليات مدنية مستنكرة الفعل الشنيع الذي قام به وحش آدمي " مراهقا " جريمة نكراء ادمت القلوب ، جريمة يمكن تصنيفها من بين الجرائم الناجمة عن امراض اجتماعية وظواهر خطيرة وفاسدة نتيجة الادمان على المخدرات والقرقوبي ، والاستسلام لليأس والاحباط اللذان يتمكنان من ضعيفي الشخصية وقليلي العزيمة ، ونشير مرة اخرى بهذه المناسبة الاليمة بان انتشار هذا النوع من الجرائم التي تدخل في خانة جرائم الشدود وارتفاع عدد المنحرفين وحالات الاعتداء والعيش على الهامش راجع لانعدام المرافق الترفيهية والرياضية والتربوية التي تساهم في خلق جيل يتحمل المسؤولية ويساهم في بناء مغرب الحداثة والرفاهية والتقدم والعدالة الاجتماعية.
لم يخطر ببالي البثة ان اكتب عن جريمة مثل هاته التي تم توثيقها بالصوت والصورة من لدن الجاني حيث قام بتصوير فيديو الجريمة بدافع الاستهتار والابتزاز بجماعة تعاني أبشع صور التهميش والاقصاء امام انعدام فرص الشغل وغياب تنمية محلية بهذه الجماعة الترابية والتي حتما ستشهد مزيدا من المظاهر السلبية ، جماعة تعاني التهميش الذي يشمل مختلف الاصعدة ، والزائر لهذه الجماعة التي تسكنها ساكنة بسيطة تعتمد على الزراعة وأبسط طرق كسب العيش الكريم سيتوقف عند مغرب آخر مستبعد من كل اهتمامات التنمية فهذه الواقعة الخطيرة التي تفاعلت السلطات الامنية بسرعة فائقة معها ترجع أحداثها الى شهر يناير المنصرم وتتلخص وقائعها كالتالي :
مباشرة بعد مغادرة الفتاة الضحية "خ.ل " لثانوية بوشان حيث تتابع دراستها في الثالثة اعدادي في الطريق الى منزلهم بدوار المعلمين الذي لا يبعد عن الثانوية سوى ب 1.5 كلم رفقة صديقتان لها ، قبل ان يهاجمها الجاني ، وتلوذ الصديقتان بالفرار حيث احكم الجاني " ي.ل " الضحية وأسقطها أرضا تم جردها من سروالها بالإكراه وهي تصرخ مستنجدة " واش معندكش اختك " وذلك باتفاق مع المتهم الثاني " ح .ص" الذي كان يوثق اللحظة المشهد بكاميرا هاتفه المحمول من اجل الاحتفاظ بالشريط كوسيلة لابتزاز الضحية وتهديدها بنشر الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي في حال رفضها الخضوع لنزواتهما الجنسية .
وتبعا لمجريات عملية البحث التمهيدي في القضية من لدن المركز القضائي بسرية ابن جرير ، لم يكن الجاني الرئيسي المشتبه فيه " ي .ل" سوى عاملا مساعدا لاحد المقاولين لا يتجاوز عمره 21 سنة الذي تم توقيفه يوم 27 مارس 2018 الى جانب شريكه في الجريمة "ح.ص" الذي قام بتصوير الفيديو وشخص ثالث يدعى " ي .ع" حلاق بمركز بوشان والبالغ من العمر 24 سنة الذي توصل بالشريط عبر تقنية " الواتساب " من "ح.ص" دون ابلاغ المصالح المختصة بمحاولة الاغتصاب ، وقد تم تقديم الجناة امام أنظار السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش بتهم : هتك عرض قاصر باستعمال العنف والمشاركة وعدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر وبعدم التبليغ عن جريمة .
واذا كان العنف من السلوكات التي تنتهك الاخر بفعل الاعتداء عليه باستخدام القوة عبر انتهاك حريته وكرامته سواء على المستوى النفسي او على المستوى الجسدي بغية تحقيق مصالح أنانية ، ففي مجتمعنا لا تزال المرأة تخضع بشكل مستمر للسيطرة الذكورية ولشتى أنواع العنف ، وهذا له انعكاسات سلبية على الاسرة وعلى المجتمع ، والضحية " خ .ل" بعد أن اذاقها هذا الوحش الجبان ابشع صور الالم ، فهي الان انقطعت عن الدراسة وتمر من أزمة نفسية حادة ، فهل ستستيقظ الضمائر الحية بهذا الاقليم بعيدا عن اصحاب الشعارات الفضفاضة لمناهضة العنف ضد المرأة لتعيد للضحية اعتبارها بكون تبقى انسانا كسائر البشر ، وبالتالي لابد من فعل شيء ما لمؤازرتها بعيدا كل البعد عن الساسة الانتهازيين المعلبين في جمعيات آخر ساعة.