حكومة العدالة، والتنمية: هل تحقق العدالة والتنمية...؟!!!


محمد الحنفي
الاثنين 9 أبريل 2012



إن جميع حكومات تاريخ مغرب الاستقلال السياسي، لم تستطع تحقيق أي عمل إيجابي، لصالح الشعب المغربي، بقدر ما كانت تتعاطى معه، حسب ما تقتضيه مصلحة الطبقة الحاكمة، ومصلحة دولتها المخزنية، ويرجع ذلك إلى طبيعة الدساتير الممنوحة، التي لم تكن تنص على أن الحزب الذي ينال الرتبة الأولى في مجلس النواب، يترأس الحكومة، بقدر ما كان ذلك من اختصاصات الملك، مما يجعل تلك الحكومات تسير بالتعليمات، التي تتلقاها من الطبقة الحاكمة، والتي لا تستطيع الخروج عنها.

وإذا كان الدستور الممنوح، الجديد، يمكن الحزب الأول، في مجلس النواب، من ترأس الحكومة المغربية، بحكم نتائج الانتخابات التي لا زالت تعرف التزوير، في أبشع صوره، فإن نتائج الانتخابات لا تكون إلا مزورة، وأن الحكومة التي تشكلها تلك الأغلبية، لا تكون إلا مزورة. والحكومة المزورة، لا يمكن أن ننتظر منها ما يجعلنا نعتبرها حكومة شرعية، تصير في خدمة الذين صوتوا على أغلبيتها.

وحكومة حزب العدالة والتنمية، هي حكومة مزورة، لأنها منفرزة عن أغلبية زورت الانتخابات لصالحها، حتى تصير في خدمة الجهات التي أشرفت على تزوير الانتخابات.

وإذا كان الأمر على خلاف ما رأيناه أعلاه، وكانت الانتخابات حرة، ونزيهة، فعلا، ليفوز كل حزب بالمقاعد البرلمانية التي يستحقها، وفاز فعلا حزب العدالة والتنمية بعدد المقاعد التي تؤهله لترأس الحكومة المغربية، لكان الأمر يستحق التقدير والاحترام.

فهل يسمح الدستور المغربي، الذي هو دستور ممنوح، ومزور، بأن تصير الحكومة التي يترأسها حزب العدالة، والتنمية، في خدمة تحقيق العدالة، والتنمية، لصالح الشعب المغربي؟

وما هي أوجه العدالة، التي ينتظر من حكومة العدالة، والتنمية، تحقيقها؟

وما هي أوجه التنمية، التي ينتظر من هذه الحكومة القيام بها؟

وهل تسمح الشروط الموضوعية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بقيام حكومة حزب العدالة، والتنمية، بتحقيق العدالة، والتنمية؟

وإذا ما صارت عاجزة عن القيام بتحقيق العدالة، والتنمية، لصالح الشعب المغربي:

فما مبرر وجودها؟

وما هي المصالح التي تخدمها؟

ومن هي الجهات المستفيدة من خدماتها؟

وما مصير الشعب المغربي من تلك الخدمات؟

وهل يستفيد منها؟

هل يتضرر من وجودها؟

كيف تصير نظرة الشعب المغربي إلى حكومة عبد الإله بنكيران، إذا لم تخدم مصالحه؟

هل يستمر الناخبون في التصويت على حزب العدالة، والتنمية، في الانتخابات الجماعية؟

أم أن تموقفهم من العدالة، والتنمية، سيجعلهم يمسكون عن التصويت عليها؟

ما مصير العدالة، والتنمية، بتراجع شعبيته مستقبلا؟

هل يحافظ على أدلجته للدين الإسلامي، التي سوف لا تصير مقبولة من أفراد الشعب المغربي، من ضحايا التضليل؟

أم أنه سيصير حزبا علمانيا؟

إن الدستور الممنوح، والمزور، لا يسمح أبدا بأن تصير الحكومة التي يترأسها عبد الإله بنكيران، زعيم حزب العدالة والتنمية، في خدمة تحقيق العدالة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما لا يسمح باعتماد تنمية اقتصادية، واجتماعية، وثقافية واسعة، تؤدي إلى تشغيل العاطلين، والمعطلين، كما تؤدي، في نفس الوقت، إلى الاستجابة للمطالب الشعبية، في مجالات السكن، والتعليم، والصحة، والترفيه، وغير ذلك، مما يعود بالنفع الكبير على ستقبل الشعب المغربي، ويقف وراء تطور الشعب المغربي.

وعدم سماح الدستور الممنوح، والمزور، لحكومة عبد الإله بنكيران، بأن تقوم بدورها لصالح الشعب المغربي، يرجع إلى:

أولا: كون هذه الحكومة، رهينة بأن تلتزم بما هو منصوص عليه في بنود الدستور، حتى لا تنزلق في اتجاه خدمة مصالح الشعب المغربي.

ثانيا: أنها رهينة بخدمة مصالح المؤسسة المخزنية، الملحة، في كل وقت، وحين، حتى تبقى هذه المؤسسة قادرة على التحكم في المجتمع المغربي، الذي يطلب منه الخضوع المطلق لهذه المؤسسة المستبدة بالمجتمع المغربي.

ثالثا: أنها كذلك رهينة بخدمة مصالح الطبقة الحاكمة، التي تستولي، بحكمها، على الأخضر، واليابس، ولا تترك لأبناء الشعب المغربي إلا الفتات، من خلال تسليط المؤسسات المعنية بتنظيم نهب ثروات الشعب المغربي، حتى يصير أبناؤه عاجزين عن العيش الكريم.

رابعا: خدمة مصالح المستفيدين من الاستغلال الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى يستطيع المستفيدون من الاستغلال، البقاء، والاستمرار، إلى جانب التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، والحاكم، في نفس الوقت. وحتى يستمر دعمه للتحالف المذكور، ومن أجل أن يساهم في دعم نهب ثروات الشعب المغربي، آناء الليل، وأطراف النهار.

خامسا: خدمة مصالح أجهزة الدولة المخزنية، التي تبقى لها اليد الطولى، في نهب ثروات الشعب المغربي، ودون حسيب، أو رقيب، من وزير الداخلية، إلى الوالي، إلى العامل، إلى الموظف، إلى العون، إلى الشيوخ، والمقدمين؛ لأن أجهزة الدولة مشهورة بكنسها لجيوب المواطنين.

سادسا: ولا بأس، أن تخدم الحكومة مصالح المنتمين إلى أحزاب التحالف الحكومي، ومصالح المتحالفين معهم، حتى يضمنوا الاستمرار في نفس الحكومة، وبنفس التحالف.

ولذلك تبقى خدمة مصالح الشعب المغربي، ومنها مصالح كادحيه، غير واردة في البرنامج الحكومي، إلا من باب الديماغوجية فقط، حتى لا يتوهم أبناء الشعب المغربي، بأنهم سوف ينتظرون من هذه الحكومة شيئا.

وأوجه العدالة، التي يتوهم أبناء الشعب المغربي، أن حكومة عبد الإله بنكيران، سوف تحققها تتمثل في:

أولا: العدالة الاقتصادية، التي تقتضي التوزيع العادل للثروة، بين أبناء الشعب المغربي، عن طريق شرعنة، وحماية تقديم جميع الخدمات الاجتماعية المجانية للجميع، والحد من ارتفاع الأسعار، والزيادة في أجور العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتشغيل العاطلين، والمعطلين، أو التعويض عن العطالة، بالإضافة إلى التعويض عن فقدان الشغل، وتعميم التغطية الاجتماعية، والتغطية الصحية، وتمكين المتقاعدين، من جميع القطاعات العامة، والخاصة، من النقل المجاني عبر القطار، وفي جميع الوسائل المرتبطة به... إلخ.

ثانيا: العدالة الاجتماعية، التي تقتضي تمكين جميع أبناء الشعب المغربي، من التعليم المجاني الجيد، وفي جميع المراحل، ومن العلاج المجاني، في جميع المستشفيات، ومن السكن اللائق، غير المكلف للأسر، ومن الشغل المتناسب مع المؤهلات المختلفة، بالإضافة إلى تمكين الذين لا مؤهل لهم، من الشغل الذي يمكنهم القيام به... إلخ.

ثالثا: العدالة الثقافية، التي تقتضي تمكين جميع الثقافات القائمة في الواقع، من التفاعل مع الواقع، بهدف بث القيم الثقافية، النابعة من كل ثقافة، بين جميع المغاربة، حتى تصير شخصية الفرد متفاعلة، مع مختلف المكونات الثقافية، التي يعرفها الواقع المغربي، حتى لا تصير ثقافة معينة، مفضلة على باقي الثقافات، ليصير لها بث القيم في المجتمع، دون باقي القيم ... إلخ.

رابعا: العدالة السياسية، التي تقتضي تمكين جميع المغاربة من الاختيار الحر، والنزيه، للمؤسسات التمثيلية الحقيقية، عن طريق انتخابات حرة، ونزيهة، بعد إقرار دستور ديمقراطي شعبي، وتحت إشراف هيأة مستقلة، بعد العمل على حل جميع الأحزاب الإدارية، وحزب الدولة، باعتبارها أحزابا تم إنشاؤها بأموال الشعب، ومن أجل أن تصير ممثلة للبورجوازية المتعفنة، التي اغتنت، وبالسرعة الفائقة، من نهب أموال الشعب المغربي، ومنظمة لها، ومقوية لتنظيماتها. فالعدالة السياسية، تفرض حياد الدولة، وابتعادها عن الشأن الحزبي، والشأن الانتخابي، وأن تترك الشعب يقرر مصيره بنفسه، وأن لا تقبل إلا بالأحزاب المنفرزة عن الشعب، والتي تأسست بعيدا عن التوظيف الديني، والعرقي، واللغوي، والقبلي، وغير ذلك مما هو وارد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، من أجل تجنب كل ما يوحي بالتمايز بين الناس، على أساس ديني، أو عرقي، أو لغوي، أو قبلي، أو جنسي، وغير ذلك مما يؤدي إلى التمييز بين الناس.

فأوجه العدالة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبالمضامين التي أشرنا إليها، سوف تكون غير واردة، لاعتبارات نذكر منها:

أولا: أن حزب العدالة، والتنمية، هو حزب تأسس على أساس ديني. والأساس الديني مخالف للمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وهو ما يفرض حل هذا الحزب، وبيان مبررات هذا الحل، وخاصة بعد أن صادق المغرب على المواثيق، والاتفاقيات، والإعلانات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

ثانيا: أن هذا الحزب، نشأ، ومنذ الشروع في الإعداد، والاستعداد لتأسيسه، في محاربة اليسار، والعلمانيين، المنفرزين من بين أبناء الشعب المغربي، متخذا سلاح الكفر، والإلحاد، وسيلة لتعبئة أبناء الشعب المغربي، ضد اليسار، والعلمانيين، حتى يصير ذلك العداء مناسبة للفصل بين أبناء الشعب المغربي، وبين اليسار، والعلمانيين.

ثالثا: أن حزب العدالة، والتنمية، حزب متمخزن فكرا، وممارسة، متفوقا، في المخزنة على كافة الأحزاب الرجعية، والإدارية، والعميلة، بما فيها حزب الدولة، وأحزاب الإدارة، التي تأسست تحت إشراف وزارة الداخلية، في عقود استقلال المغرب.

رابعا: أن حزب العدالة، والتنمية، ظهر خلال إعداد الدستور الممنوح، أكثر تمسكا بالصيغة المخزنية التقليدية، دون باقي الأحزاب، مما جعل الدستور الحالي، لا يختلف، لا في شكله، ولا في مضمونه، عن الدستور الممنوح السابق.

خامسا: أن حزب العدالة، والتنمية، قبل بإشراف وزارة الداخلية على الانتخابات، التي يعرف جيدا أنها تتحكم في النتائج، وتخرجها، كما تريد، حتى تبقى متحكمة في الخريطة السياسية، التي تخدم مصالح الطبقة الحاكمة، وهو ما يعني أن النتائج التي حصل عليها حزب العدالة، والتنمية، من فبركة وزارة الداخلية، التي تفبرك النتائج، بناء على تصور معد سلفا.

ولذلك، فنحن عندما نرتبط بحزب العدالة، والتنمية، سوف لا ننتظر منه القيام بأي إجراء، في اتجاه تحقيق العدالة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية؛ لأنه لم يأت لأجل ذلك، بقدر ما أتى إلى إظهار قدرته، وتفانيه، في خدمة مصالح الطبقة الحاكمة، والمؤسسة المخزنية.

وبالنسبة لأوجه التنمية، التي ينتظر من حزب العدالة والتنمية، القيام بها، تتمثل في:

أولا تشجيع إنشاء المقاولات الصغرى، والمتوسطة: الصناعية، والتجارية، والخدماتية، حتى تلعب دورها في اتساع دائرة التشغيل، في صفوف العاطلين، والمعطلين.

ثانيا: دعم المقاولات الصغرى، والمتوسطة، من أجل أن تستمر في دورها التنموي: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي.

ثالثا: إعادة توزيع الأراضي على الفلاحين الصغار، والمعدمين، لإنضاج شروط الاستقرار، والعمل في البادية المغربية.

رابعا: دعم الفلاحين الصغار، والمعدمين، من أجل القيام بدورهم الرائد في المجال الزراعي، حتى تتوفر المواد الضرورية، التي يحتاجها المغاربة، والتي تضطر الدولة إلى استيرادها، وبالعملة الصعبة، من الخارج.

خامسا: السير في اتجاه تعميم مكننة الزراعة، حتى يرتفع مردودها، بالنسبة للفلاحين الصغار، والمعدمين، وحتى يصير العمل، في المجال الزراعي، مستجيبا للحاجيات الضرورية للفلاحين الصغار، والمعدمين.

سادسا: العمل في اتجاه إيجاد صناعة ثقيلة، تستجيب لحاجة المغاربة إلى إنتاج مختلف البضائع الضرورية، والانتقال إلى صناعة وسائل الإنتاج الصغيرة، والكبيرة، في أفق الاستغناء عن استيرادها.

سابعا: إنشاء المؤسسات التعليمية، في مستوياتها المختلفة، من أجل تعميم التعليم، وبالمجان، على جميع أبناء الشعب المغربي، مع الحرص على جودته، حتى تصير مردوديته مرتفعة، ومن أجل أن يصير في مصلحة أبناء الشعب المغربي، من خلال ربطه بالتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، من أجل ضمان تشغيل الخريجين، على اختلاف المؤهلات التي يحملونها.

ثامنا: تعميم المستوصفات، والمراكز الصحية، والمستشفيات، على جميع أماكن تواجد السكان، حتى يصير العلاج المجاني، وفي جميع التخصصات، في متناول جميع المغاربة، مع مد المستوصفات، والمراكز الصحية، والمستشفيات، بالأطر اللازمة، وبكل الوسائل، التي تمكن الأطر، من القيام بمهامهم كاملة.

تاسعا: مد الطرق، وخطوط الكهرباء، وأنابيب المياه، وخطوط الهاتف، إلى جميع أماكن التواجد السكاني، باعتبار ذلك وسيلة للاستقرار الاقتصادي، والاجتماعي.

عاشرا: تحرير وسائل النقل، في مستوياتها المختلفة، وعلى جميع الخطوط، من أجل وضع حد لنظام الامتيازات، واقتصاد الريع، حتى يتمكن المواطنون من التنقل بسهولة، إلى أي مكان من المغرب.

إلا أن هذه الأشكال من التنمية، المطلوبة من حزب العدالة، والتنمية، لا يمكن أن تتحقق، لاعتبارات نذكر منها:

أولا: أن حزب العدالة، والتنمية، هو حزب مخزني في بنياته، وفي فكره، وفي ممارسته، وفي علاقته بالمؤسسة المخزنية، وعلى مستوى الخدمات التي يقدمها للمؤسسة المخزنية، منذ نشأته، وإلى الآن، مما يجعلنا لا ننتظر منه القيام بالتنمية اللازمة لصالح الشعب المغربي.

ثانيا: أن هذا الحزب، رهين بتقديم الخدمات الضرورية، لصالح الطبقة الحاكمة، التي قبلت بتصعيده إلى الرتبة الأولى، من أجل امتصاص غضب الشارع المغربي، المعبر عنه في إطار حركة 20 فبراير، التي لا زالت متواجدة في الشارع، والمصرة على التواجد فيه، بأي شكل قائم، أو محتمل، حتى تحقيق المطالب الواردة في الأرضية التأسيسية، قبل أن تتطور إلى مطالب أخرى، يفرضها الشارع على حركة 20 فبراير.

ثالثا: أن حزب العدالة، والتنمية، وفي إطار تحالفاته، يجد نفسه مضطرا للخضوع لإملاءات تلك التحالفات، التي تعتبر متورطة في مختلف أشكال الفساد، التي عرفها المغرب منذ استقلاله، وإلى الآن.

رابعا: أن ارتباطه بالمؤسسة المخزنية، ومنذ نشأته، يجعله رهينا بقبول الإملاءات المخزنية، التي تفرض عليه أن يعمل على أجرأة تلك الإملاءات، في المجالات المخزنية: ألاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. ومعلوم أن الإملاءات المخزنية، لا يمكن أن تخدم إلا مصالح الأجهزة المخزنية، في كل أماكن تواجدها.

خامسا: أن حرص العدالة، والتنمية، على توظيف الدين الإسلامي يجعل التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، التي يسعى إلى تحقيقها، منسجمة مع طبيعة أدلجة الدين الإسلامي. وهو ما يعني الزيادة في استلاب الشعب المغربي، من خلال تحويل المدرسة العمومية المغربية، إلى مدرسة "إسلامية". والإعلام العمومي، إلى إعلام "إسلامي"... وهكذا.

وهذه الاعتبارات، وغيرها، هي التي سوف تصير مانعا أساسيا، يحول دون إقدام حزب العدالة، والتنمية، على القيام بتنمية حقيقية شاملة، كما وضحناها من قبل، لصالح الشعب المغربي، وهي التي تجعله يستميت في خدمة مصالح المؤسسة المخزنية، ومصالح الطبقة الحاكمة. ولا بأس أن يخدم، إلى جانب ذلك، مصالح المنتمين إلى حزب العدالة، والتنمية، لإقرارهم بضرورة الخضوع المطلق للمؤسسة المخزنية، وللطبقة الحاكمة، ولتمسكهم بأدلجة الدين الإسلامي، ولحرصهم على استحضار تلك الأدلجة، في كل ما يقدمون على تغييره.

والشروط الموضوعية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، القائمة في المغرب، لا تسمح بقيام حزب العدالة، والتنمية، بتحقيق العدالة، والتنمية، لاعتبارات نذكر منها:

أولا: أن الدولة المغربية القائمة، هي دولة رأسمالية تبعية، وأن هذه الدولة، رهينة بخدمة الدين الخارجي، الذي يحول دون قيام تنمية حقيقية، ومتكاملة.

ثانيا: أن الطبقة الحاكمة، تعودت، ومنذ وجودها، على أن تقوم الدولة بخدمة مصالحها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وهي ليست مستعدة لأن تتخلى الدولة عن خدمة مصالحها.

ثالثا: أن الاقتصاد المغربي، رهين بإرادة الشركات العابرة للقارات، والتي تجد نفسها مضطرة لأن تتفاعل مع تقلبات النظام الرأسمالي العالمي، لتنعكس تلك التقلبات عبر الشركات العابرة للقارات، على المغرب.

رابعا: أن الاقتصاد المغربي، مفتوح على تهريب الأموال، وبالعملة الصعبة، إلى الأبناك الخارجية، كما هو مفتوح على تهريب البضائع، من، وإلى المغرب، كما هو مفتوح كذلك على الاتجار في المخدرات، وتبييض الأموال المستخلصة من تلك التجارة، ومفتوح كذلك على كافة أشكال الاحتكار، من البضائع التي يحتاج إليها الناس في الاستهلاك اليومي، إلى التحكم في العقار، من أجل الارتفاع الصاروخي للأثمان، مما يجعل البضائع، والعقار، خارج متناول الغالبية الساحقة من أبناء الشعب المغربي.

خامسا: أن التعليم الذي ينتظر منه أن يكون في خدمة التنمية، صار متدهورا، ولا يتخرج منه إلا المعطلون، من حاملي المؤهلات المختلفة، التي أوصدت في وجهها الآفاق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، لا يمكن أن ينتج إلا المعطلين، من حملة الشواهد المتوسطة، والعليا.

سادسا: أن قطاع الصحة، الذي يفترض فيه حماية صحة المواطنين، الذين يساهمون في رفع مستوى الإنتاج الوطني، لم يعد يقوم بدوره؛ لأنه صار شبه مخوصص، ولأن أطره صارت غير متحملة لمسؤوليتها في حماية صحة المواطنين، في الوقت الذي لم تعمم التغطية الصحية، والاجتماعية على جميع المواطنين، الذين صار معظمهم مهددا بمخاطر المرض، والشيخوخة، دون وجود أي جهة تقوم بحمايتها من آفات المرض، أو الشيخوخة.

سابعا: انعدام فرص الشغل أمام العاطلين، والمعطلين، بسبب عدم وجود تنمية مستديمة، تستوعب الباحثين عن الشغل، سواء كانوا عاطلين، أو معطلين، ونظرا لطبيعة التحالف البورجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف، وللجوء أرباب العمل، إلى التقليص من اليد العاملة، حتى وإن كانت تحمل مؤهلات معينة، ولارتباط الاقتصاد المغربي بالمؤسسات المالية الدولية، وبالشركات العابرة للقارات... إلخ.

ثامنا: الرهان على القطاع الخاص الذي وقفت الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، وراء وجوده، ووراء مده بكافة الامتيازات المعروفة، وغير المعروفة، من أجل قيامه بدوره، غير الوارد أصلا؛ لأن سياسة تقديم الامتيازات، لا يمكن أن تقف إلا وراء انتفاخ التحالف البورجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف، الذي يكن العداء المطلق لأبناء الشعب المغربي.

وهذه الشروط، التي وقفت الطبقة الحاكمة وراء تجذرها في الوقع، صارت وسيلة لحماية الطبقة الحاكمة من جهة، وصارت في نفس الوقت وسيلة لعرقلة أي شكل من أشكال التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، التي لا تخدم إلا مصالح الشعب المغربي، وطليعته الطبقة العاملة، ومن أجل أن لا تتحقق المصلح المطلوبة، والتنمية المستديمة.

وإذا صار حزب العدالة، والتنمية، عاجزا عن القيام بتحقيق العدالة المطلوبة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والتنمية المستديمة لصالح الشعب المغربي، فإن:

أولا: ترأس العدالة، والتنمية للحكومة، وقيادته للعمل الحكومي، انطلاقا من البرنامج الحكومي، الذي تصادق عليه الأغلبية البرلمانية المساندة للحكومة، يصطدم بالطبيعة المخزنية، وبتردي الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وبتفشي الفساد الإداري، والسياسي، في الإدارة المغربية، وفي المجتمع المغربي، وبتفشي المحسوبية، والزبونية، والإرشاء، والارتشاء، وغير ذلك من الأمراض التي صارت بنيوية في المجتمع المغربي، وفي الإدارة المغربية، بما فيها إدارة القضاء، والقضاة.

ولذلك، فمبرر وجود هذه الحكومة، التي تدعي أنها ناتجة عن الحراك الذي عرفه المغرب، في إطار حركة 20 فبراير، غير قائم أصلا، خاصة وأن حركة 20 فبراير، تعتبر أن الدستور مزور، وأن الانتخابات الأخيرة مزورة، وأن الحكومة القائمة، هي نتيجة للتزوير، خاصة، وأن الجهة التي أشرفت على انتخاب مجلس النواب، هي وزارة الداخلية، التي أشرفت على تزوير كل الانتخابات التي عرفها المغرب.

ثانيا: المصالح التي تخدمها هذه الحكومة، هي نفسها المصالح التي خدمتها الحكومات السابقة، في تاريخ استقلال المغرب. وهذه المصالح تتمثل في:

1) مصالح المؤسسة المخزنية، بأجهزتها المختلفة؛ لأن الدولة التي تحكمنا، هي دولة مخزنية. وهذه الدولة المخزنية، يجب أن تستمر برغبة تكريس المخزنة ،الذي ينسجم مع الطبيعة المخزنية لحزب العدالة والتنمية، والذي يعتبر من مكونات المؤسسة المخزنية، منذ نشأته، وإلى أن صار زعيمه رئيسا للحكومة.

2) مصالح الطبقة الحاكمة، المستبدة بالمجال الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى تستمر في استبدادها بكل شيء، وناشرة لكل أشكال الفساد، التي تبرر ذلك الاستبداد، والتي تراكم المزيد من الثروات الهائلة، على حساب تعميق إفقار أبناء الشعب المغربي. فمصالح الطبقة الحاكمة، يجب أن تصير متلقية للخدمات الحكومية فوق كل اعتبار.

3) مصالح التحالف البورجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف، الذي يساهم، بشكل كبير، في تعميق إفقار أبناء الشعب المغربي، من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي تكريس حرمانهم من كافة الحقوق، التي يكفلها لهم قانون الشغل، وتضمنها لهم المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وخاصة في مجال الشغل.

4) مصالح كل المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي للشعب المغربي، ومن الفساد الإداري، والسياسي، والتي لا تشكل إلا الطفيليات، التي تعيش على حساب النباتات النافعة، والذين يتلونون تلون الحكومات المتوالية، ويتمخزنون تبعا لطبيعة التمخزن السائد، حسب المناطق، وحسب الحكومات، وحسب الساهرين على تنفيذ الحكم على أرض الواقع، وحسب مخزنة الولاة، والعمال، والباشاوات، ورؤساء الدوائر، والقواد، والخلفاء، والشيوخ، والمقدمين، حتى يصير ذلك التلوث في المخزنة، في خدمة مصالحهم، وضامنا لحماية تلك المصالح.

5) مصالح أجهزة الدولة الوطنية، والجهوية، والإقليمية، والمحلية، التي تكرس ممارسة الدولة، وممارسة الحكومة، وهي الساهر الحقيقي على فرض الاستبداد في مختلف المجالات، وعلى جميع المستويات.

6) مصالح أعضاء البرلمان، الذين يتمتعون بالحصانة اللازمة للحركة، في مختلف الاتجاهات، وفي جميع الأماكن، من أجل البحث عن سبل مراكمة الثروات، التي يعملون على إفساد الحياة السياسية بواسطتها، والتي تمكنهم كذلك من امتلاك المزيد من العقارات.

7) مصالح الأعضاء الجماعيين، الذين يشرفون على تدبير الشأن المحلي، انطلاقا مما تقرره الحكومة في هذا المجال، والذين يلعبون دورا كبيرا في تضليل الشعب المغربي، حتى يتأتى لهم مراكمة الثروات الهائلة، على حساب السكان.

8) مصالح المنتمين إلى أحزاب الأغلبية الحكومية، وفي مقدمتهم مصالح المنتمين إلى حزب العدالة، والتنمية، الذين يتعيشون على حساب أعضاء الحكومة، والبرلمانيين، والأعضاء الجماعيين، وغيرهم، ممن يمكن أن يساعدهم على قضاء مصلحة معينة.

أما مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، فلتذهب سدى، ليبقى الأمر على ما هو عليه، بالنسبة إليهم، إلى حين.

وبالنسبة للجهات المستفيدة من خدماتها، هي نفسها الجهات التي تخدم مصالحها، مضافا إليها:

1) الرأسمالية المغربية التابعة، التي يجب أن تسعى الحكومة البنكرانية، بأغلبيتها، على خدمتها، وعلى حمايتها، وعلى نموها، وعلى رعاية روابطها، في علاقتها بالمؤسسات المالية الدولية، ومع الشركات العابرة للقارات، ومع الدول التابعة، ومع الدول الرأسمالية الكبرى.

2) المؤسسات المالية الدولية، التي على الحكومة البنكرانية، أن تضمن لها السيولة اللازمة، والناجمة عن فوائد الديون، التي توجد في ذمة المغرب، والتي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، بفوائد سنوية محددة، تؤدى مباشرة إلى المؤسسات المالية الدولية، وبالعملة الصعبة، التي لا يترتب عنها إلا تعميق فقر أبناء الشعب المغربي.

3) الشركات العابرة للقارات، التي احتلت الاقتصاد المغربي، وصارت تسيطر على معظم القطاعات الاقتصادية الأساسية، وخاصة تلك المتعلقة بتقديم الخدمات، وخاصة إمداد المغاربة في العديد من المدن المغربية بالماء، والكهرباء، والصرف الصحي، الذي صار وسيلة لنهب جيوب السكان، الذين صاروا لا يملكون ما يعيشون، نظرا لارتفاع مبالغ فواتير الماء، والكهرباء، والصرف الصحي.

فالشركات العابرة للقارات، ما هي إلا استعمار جديد، لنهب خيرات الشعب المغربي. وعلى الحكومة أن تدلل الصعاب، التي تقود إلى عملية النهب المنظم.

4) النظام الرأسمالي العالمي، الذي يجب أن يجد في الحكومة الخديم الأوفى، الذي يعتبر أن من مصلحته: ممارسة الطاعة العمياء للنظام الرأسمالي العالمي، حتى يتمتع بحمايته، والوقوف إلى جانبه عند الضرورة. وإمداد النظام الرأسمالي بالخدمات، التي تخدم مصالحه، وتحمي تلك المصالح، يؤدي إلى استعباد الدول التابعة، واستعباد حكوماتها، التي لا تنضج إلا الشروط المؤدية بالضرورة إلى استعباد الشعوب المقهورة، والمستعبدة أصلا. ولذلك فالحكومة البنكرانية، لا يمكن أن تكون إلا خديمة للنظام الرأسمالي العالمي، ومستعبدة من قبله، ومستعبدة للشعب المغربي، خاصة، وأنها تمثل بالخصوص حزبا مؤدلجا للدين الإسلامي، الذي تقوم استراتيجيته على مخزنة المنتمين إليه.

ثالثا: مصالح الشعب المغربي، التي تعتبر غير واردة في برنامج الحكومات السابقة، وستكون غير واردة، كذلك، حتى في برامج الحكومة البنكرانية، نظرا لكون هذه الحكومة، سوف لا تختلف عن الحكومات السابقة؛ لأن الدستور الذي أعجب به الحزب البنكراني، هو دستور ممنوح، كباقي الدساتير الممنوحة السابقة.

والحكومة، عندما تتحول إلى مجلس للوزراء، يترأسها الملك. والقضايا الإستراتيجية التي تهم مستقبل الشعب المغربي، هي من اختصاص مجلس الوزراء. أما المجلس الحكومي، فلا يقرر إلا في تدبير الأمور العادية، في مختلف الإدارات المغربية، والتي لا تهم إلا التسيير العادي، وتنظيم عملية النهب الممارسة على مجموع أبناء الشعب المغربي، لصالح الطبقة الحاكمة، والمؤسسة المخزنية، وسائر المستغلين، والمستفيدين من الاستغلال، واقتصاد الريع.

ولذلك نجد أن:

1) الشعب المغربي، سوف لا يستفيد من خدمات الحكومة البنكرانية، التي سوف تظهر بأنها تقوم بثورة، في المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. غير أنها سوف لا تكون إلا ثورة، في الاتجاه المعاكس لمصالح الشعب المغربي.

2) الشعب المغربي، لا يمكن إلا أن يتضرر من ممارسة الحكومة البنكرانية. وهذا الضرر، سوف يتمثل في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما سوف يتمثل فيما يسميه مؤدلجوا الدين الإسلامي، المنتمون، بالخصوص، إلى حزب العدالة، والتنمية، بمحاربة الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ولكن ليس بمفهوم الفساد، كما هو واضح في الواقع، في تجلياته المختلفة، بل كما يراه مؤدلجو الدين الإسلامي، الذين يعتبرون أنه كل ما خالف الشريعة الإسلامية، بمعنى أن ثورة الحكومة البنكرانية، سوف ترجعنا إلى الوراء قرونا، مما يجعلنا نغرق في مظاهر التخلف، المستعادة من ظلمة التاريخ الحالكة، التي لا يمكن الخروج منها، إلى ضوء الحداثة، بالسهولة المطلوبة. وهو ما يجعلنا نزداد تخلفا، وبمتوالية هندسية.

3) الشعب المغربي، باستغراقه في التخلف، وبعجزه، مستقبلا، عن الخروج من التخلف، الذي يصير بنيويا، لا بد أن تتغير نظرته إلى حكومة عبد الإله بنكران، وإلى حزب العدالة، والتنمية، وإلى كل مؤدلجي الدين الإسلامي، ما دامت هذه الحكومة لم تخططن لإيجاد حلول ناجعة للمشكلات الكبرى، التي يعاني منها الشعب المغربي، وفي مقدمتها مشكلة اقتصاد الريع، ومشكلة البطالة، ومشكلة الفساد السياسي، الذي أشاعته الأحزاب الإدارية، وحزب الدولة، ومشكلة تفشي العطالة، المؤهلة أدبيا، وعلميا، وقانونيا، وتكنولوجيا، إلى درجة أنها لم تعد مقبولة، ومشكلة انتشار الاتجار في المخدرات، واستهلاكها، ومشكلة تهريب البضائع، من وإلى المغرب، ومشكلة الاستغلال المشوه للدين الإسلامي، عن طريق الأدلجة، باعتباره دينا للمغاربة جميعا، يعتمد لتأسيس الأحزاب، والجماعات الإسلامية، ومنها حزب العدالة والتنمية.

رابعا: الناخبين، الذين لا بد أن يتتبعوا ما تقوم به حكومة عبد الإله بنكيران، ولا بد أن يستخدموا عقولهم، ولا بد أن يتموقفوا من هذه الحكومة.

فإذا كان ما تقوم به هذه الحكومة لصالح الشعب المغربي، وفي كل القطاعات الاجتماعية، أعادوا التصويت عليها في الانتخابات الجماعية، إن كانوا قد صوتوا عليها، فعلا، في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وعن وعي ببرنامج العدالة، والتنمية: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. أما إذا لم يصوتوا لصالح حزب العدالة، والتنمية، فإن ذلك لا يعني إلا قيام وزارة الداخلية بتزوير الانتخابات، كعادتها، لصالح حزب العدالة، والتنمية.

وإذا كان ما تقوم به حكومة عبد الإله بنكران، في غير صالح الشعب المغربي، فإن الناخبين في الانتخابات الجماعية، أو أي انتخابات أخرى، لا يمكن أن يصوتوا لصالح حزب العدالة، والتنمية، إن كانوا قد صوتوا عليها فعلا، وإن أمسكت وزارة الداخلية عن تزوير الانتخابات لصالحه، وإن أمسك عن شراء الضمائر بأضحيات العيد، وتوقف عن دفع الدقيق، والزيت، والسكر، إلى الأسر في الأحياء الفقيرة، عن طريق الجمعيات التي أسسها حزب العدالة، والتنمية، لهذا الغرض. وإلا فإنهم سوف يستمرون في مقاطعة الانتخابات، وسوف تستمر وزارة الداخلية في تزوير إرادة الشعب المغربي، وسوف تستمر في ملء صناديق الاقتراع، وملء المحاضر قبل التصويت.

خامسا: العدالة، والتنمية، سوف يتراجع إلى الوراء مستقبلا، لكونه:

1) سيبقى رهينا بإرادة المخزن، وإرادة الطبقة الحاكمة، كما تدل على ذلك طبيعة الأغلبية البرلمانية، وطبيعة التشكيلة الحكومية.

2) كون حزب العدالة، والتنمية، صنيعة مخزنية، منذ ظهور ما كان يسمى بالشبيبة الإسلامية، التي تحولت، فيما بعد، إلى حزب العدالة، والتنمية؛ لأنه، في نشأته، وفي تطوره، لم يكن يخدم إلا مصالح المؤسسة المخزنية، والطبقة الحاكمة.

3) كون توظيف حزب العدالة، والتنمية، للدين الإسلامي، لا يختلف، في جوهره، عن توظيف الطبقة الحاكمة لهذا الدين، من أجل جعل الوصول إلى جعل المومنين بالدين الإسلامي، يعتقدون بأن ما يسعى إليه، هو الدين الإسلامي الحقيقي.

4) كونه يصير وسيلة لمحاربة جميع التوجهات اليسارية، التي توصف في خطاب العدالة، والتنمية، بالكفر، والإلحاد، والعلمانية، وغير ذلك من الأوصاف التي تعتمد للفصل بين مختلف التوجهات اليسارية، وبين الجماهير الشعبية.

5) كونه مساهما، بشكل مباشر، في اغتيال الشهيد عمر بنجلون، لوضع حد للدور الذي كان يمكن أن يقوم به، لبناء يسار قوي، وقادر على تحرير الشعب المغربي، وتمكينه من الممارسة الديمقراطية الحقيقية، وتوعيته بأهمية النضال، من أجل تحقيق الاشتراكية.

6) كونه، كباقي الأحزاب، التي لا تسعى إلا إلى الوصول إلى السلطة، وبالإرادة المخزنية، وفي إطار المؤسسات التي تضمن الاستمرار في تكريس الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.

7 كون طبيعة المؤسسة المخزنية، والطبقة الحاكمة، لا يسمحان بالوصول إلى الحكم، إلا لمن يقبل التماهي مع الإرادة المخزنية.

8) كون حكومة عبد الإله بنكران، لا يمكن أن تخدم إلا مصالح المؤسسة المخزنية، ومصالح الطبقة الحاكمة، لفضلهما على حزب العدالة، والتنمية، وعلى بقية أحزاب التحالف الحكومي، حتى تبرهن هذه الحكومة، بأحزاب تحالفها، على الوفاء اللا مشروط للمؤسسة المخزنية، وللطبقة الحاكمة.

واعتبار حزب العدالة، والتنمية، رهينا بإرادة المؤسسة المخزنية، والطبقة الحاكمة، وكونه صنيعة مخزنية، وكونه مشاركا لها في توظيف الدين الإسلامي في الأمور الأيديولوجية، والسياسية، ووسيلة لمحاربة جميع التوجهات اليسارية، ومساهما، بشكل مباشر، مع المؤسسة المخزنية، والطبقة الحاكمة، في اغتيال الشهيد عمر بنجلون، وكون حزب العدالة، والتنمية، يسعى إلى الوصول إلى السلطة، وكونه يقبل التماهي مع المؤسسة المخزنية، والطبقة الحاكمة، ولا يخدم إلا مصالح المؤسسة المخزنية، ومصالح الطبقة الحاكمة، لا يمكن أن يؤدي كل ذلك إلا إلى:

1) فصل حزب العدالة والتنمية عن الشعب، الذي يفقد، تدريجيا، ثقته بحزب العدالة، والتنمية، الذي يصير عاجزا عن الوفاء بوعوده إلى الشعب المغربي.

2) ازدياد ارتباطه، ارتباطا عضويا، بالطبقة الحاكمة، التي تصير مصالحها مرتبطة بمصالح الحزب، وبمصالح المنتمين إليه: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

وإذا تم فصل حزب العدالة، والتنمية، عن الشعب المغربي، وصار ارتباطه عضويا بالمؤسسة المخزنية، وبالطبقة الحاكمة، فإنه يزداد تمسكا بأدلجة الدين الإسلامي، على سبيل الترديد، لا على سبيل الاقتناع، لتصير بذلك أدلجة الدين الإسلامي، جزءا لا يتجزأ من أدلجة المؤسسة المخزنية، والطبقة الحاكمة، للدين الإسلامي، من أجل التغطية على عملية نهب الثروات العمومية، التي تعتبر ملكا للشعب المغربي.

وتمسك حزب العدالة، والتنمية، بأدلجة الدين الإسلامي، وبالمبالغة المطلوبة، والمتناسبة مع المرحلة، سوف يتلقى دعما مضاعفا من:

أولا: الحكومة التي هي حكومة العدالة، والتنمية، في نفس الوقت، والتي تستطيع أن تقدم دعما لا محدودا إلى حزب العدالة، والتنمية، مما يجعل المنتمين إلى هذا الحزب، يصولون، ويجولون، آناء الليل، وأطراف النهار، في طول المغرب، وعرضه، لتحقيق غايتين أساسيتين:

الغاية الأولى: المحافظة على المنتمين إلى حزب العدالة، والتنمية، حتى لا ينفصل عن الحزب، الذي انتموا إليه، على أساس أنه يسعى إلى تغيير الواقع، فإذا به يصير مكرسا له، كما نسجته الطبقة الحاكمة، ودولتها المخزنية.

والغاية الثانية: الانكباب على تنظيم جيوش المنبطحين، إلى حزب العدالة، والتنمية، من أجل جعل ذلك الانبطاح، وسيلة لتحقيق تطلعاتهم الطبقية. وهذا الانكباب على تنظيم هؤلاء، يلعب دورا كبيرا، وأساسيا، لجعل حزب العدالة، والتنمية، يظهر وكأنه حزب لجميع المغاربة.

ولذلك، فالمحافظة على أدلجة الدين الإسلامي، ستبقى أساسية، وضرورية، بالنسبة لحزب العدالة، والتنمية، خاصة، وأنها هي التي أوصلته إلى الحكم، وأن ذلك الحكم، عن طريق ترأس الحكومة، وعن طريق تحمل المسؤولية الأولى، في العديد من الوزارات، يجب أن يسير في خدمة أدلجة الدين الإسلامي، وفي خدمة تطوير تلك الأدلجة، من أجل المحافظة على الحزب، ومن أجل توسيعه.

وإذا لم يحافظ حزب العدالة والتنمية، على أدلجة الدين الإسلامي، فإنه يصير حزبا سياسيا، بدون أيديولوجية، وسيفقد مبرر وجوده، وسيتحول إلى حزب مخزني بامتياز، وسوف يتلقى الأوامر، والتعليمات، من المؤسسة المخزنية، والطبقة الحاكمة، لتصير أيديولوجية المؤسسة المخزنية، والطبقة الحاكمة، هي أيديولوجيته، حتى يحافظ على وجوده كحزب. وإلا، فإنه سوف يتحول، بحكم الاقتناع بان الدين الإسلامي يجب أن يحترم، وبأن أدلجته تحريف له، إلى حزب علماني، ليفقد بذلك مبرر وجوده كحزب مؤدلج للدين الإسلامي، في الحكومة المخزنية، وليتم انفراط عقده، ليبتعد عنه من اعتبر أدلجة الدين الإسلامي هدفا استراتيجيا.

وخلاصة القول: إن الدستور الممنوح، لا يسمح للحكومة التي يترأسها حزب العدالة، والتنمية، بتحقيق العدالة، والتنمية، بأوجهها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، نظرا لكون الشروط الموضوعية القائمة، في مختلف المجالات، لا تسمح بذلك. وهو ما يؤدي، بالضرورة، إلى إثبات عجز حكومة العدالة، والتنمية، عن تحقيق العدالة، والتنمية، مما يجعل وجود حكومة العدالة، والتنمية، لا يخدم إلا مصالح المؤسسة المخزنية، والطبقة الحاكمة، وكل المستفيدين من الاستغلال، والرأسمالية المغربية التابعة، والمؤسسات المالية الدولية، والشركات العابرة للقارات، والنظام الرأسمالي العالمي، وهي الجهات، نفسها، التي تستفيد من خدماتها، ليبقى الشعب المغربي محروما من حقوقه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ولا يستفيد أي شيء من خدمات حكومة العدالة، والتنمية، بقدر ما يزداد ضررا بمضاعفة استغلاله المادي، والمعنوي. وهو ما يجعل نظرة الشعب المغربي، إلى حزب العدالة، والتنمية، تتغير، ونظرته إلى الحكومة التي يقودها، تتغير كذلك، إلى النقيض. والناخبون إن كانوا قد صوتوا فعلا على حزب العدالة، والتنمية، سوف لا يصوتون على مرشحي الحزب مستقبلا؛ لأن تموقفهم من حزب العدالة، والتنمية، سوف يجعلهم يمسكون عن التصويت عليها، لتتراجع بذلك شعبية حزب العدالة، والتنمية، إن كانت له شعبية، ليصير بذلك التراجع، وسيلة للتمسك بأدلجة الدين الإسلامي، ومضاعفة تلك الأدلجة، حتى لا يتحول إلى حزب علماني، كبقية الأحزاب العلمانية، التي تحاصرها المؤسسة المخزنية، بأدلجة الدين الإسلامي.

ونحن عندما نطرح موضوع: (حكومة العدالة والتنمية: هل تحقق العدالة والتنمية...؟ !!!)، فلأننا ندرك جيدا، أن وصول حزب العدالة، والتنمية، إلى الحكومة، كان بقرار مخزني، وأن هذا القرار، كان بغرض قيام حزب العدالة، والتنمية، بخدمة مصالح المؤسسة المخزنية، ومصالح الطبقة الحاكمة، في مقابل تكريس حرمان الشعب المغربي، من كافة حقوقه، لجعل هذا الحزب، يرتبط بالمؤسسة المخزنية، ويصير جزءا لا يتجزأ من الطبقة الحاكمة، لينفصل، بذلك، انفصالا تاما عن الشعب المغربي، بل ليصير عدوا لهذا الشعب.

فهل يدرك حزب العدالة والتنمية، أنه بذلك يصير مجرد وسيلة توظفها المؤسسة المخزنية، لخدمة مصالحها؟

أم أنه لا زال مريضا بالوهم، بأنه سوف يستمر في الارتباط بالجماهير الشعبية الكادحة، وبالطبقة الوسطى؟

ابن جرير في 7 / 1 / 2012


مقالات ذات صلة