رسالة إلى الهمة


عبد الغفار الموفق
الجمعة 18 نونبر 2011



فؤاد عالي الهمة
تتسارع خطاكم وتتأنق كلماتكم راسمة أفقا ورديا وسط وحل الواقع المتعفن ظلما وجورا ، بؤسا وفاقة.
يتراءى الأمل سرابا في عقول الجياع من فرط ما تفننتم في طبخ اللقمة المنزوعة عنوة وعدوانا.
تتعالى الأبواق الخرساء دهرا لتردد لازمتكم ثارة حنينا للكراسي ، وثارة درأ للألغام الذاتية الزرع في الحقول الحكومية والبلدية والقروية والجمعوية.
السيد الوزير السابق،
في بلدتي تمر الأيام رتيبة كسبحة الشيخ ، وتتراكم الآلام بصمت في صدور ساكني أطرافها
في بلدتي لاتسمع إلا صوت الحمالين بعرباتهم وملفوظي المدارس بأصواتهم المبحوحة يبيعون " خردة " الشرق.
في بلدتي كما في بلادي لا نأكل من اللحم إلا القليل ، ولا نلبس من الثوب إلا الرث ولا نلج المدارس إلا لنتركها.
في بلدتي كما في بلادي تشرق الشمس لتغرب كل خمس أو ست سنوات على نفس الرؤوس والهامات الفارغة إلا من صنوف التدليس والتبخيس والتيئيس وهلم جرا.
في بلدتي كما في بلادي كم من ذي حق سيق إلى الزنزانة جورا وكم من حر استعبد رغم أنفه ، وكم من صوت أخرس لرفضه التغريد مع السرب المعلوم.
فما رأيت في استوزاركم ما بدل أو غير إلا ما سمعت وقرأت عن هراوات كسرت أضلعا وصناديق فرخت أكثر من بيضها.
السيد البرلماني السابق والحالي،
يستعصي على الاستيعاب أن ينزل إلى الحلبة مصارع مسلح ، وكسيح أعزل وحكم منزوع الصفارة.
يستعصي على الفهم أن يزور بلدتي " كبار " الفنانين والرياضيين والصحافيين و....من " أجلنا ".
أردتموها رجة فكانت ، فهتفت الأسواق والأحياء ، واشرأبت أعناق الجياع ، ظانة أن انبلاج الصبح آت على ظهور " الكاتكاتات" المكيفة والمرقمة مركزيا ، والنشرات اليومية المليئة مديحا وتزلفا حتى كتب فيها الأخ والرفيق.
وعدتم بأن تستمعوا شكاوى الناس وتلبوا طلباتهم التي عجز أرشيف مكتبكم عن استيعابها.
وعدتم بأن تشغلوا وتعلموا وتعبدوا وتنموا...قافزين على اختصاصات عضو البرلمان.
فما رأيت في ولايتكم شيئا تبدل أو تغير غير أسماء المشاريع التي نسبها بسطاء الناس إلى شخصكم كلما سمعوا حفرا أو صباغة أو هدم طوار ، وأسماء مهرجان تحت الدعوة للزبائن المفترضين.
وما رأيت في ولايتكم إلا موالاة ، تحت الطلب ، لحكومة زادت الوضع احتقانا والاقتصاد اختلالا والحقوق ضياعا ، ومعارضة محسوبة الوقت والرهان.بلغتم فما كفيتم حق من هتف باسمكم مقرونا بالمقدسات. ولا كفيتم حق الفقراء والأميين والعاطلين الذين تمسكوا بخيط الأمل الذي نسجتموه عنكبوتيا ممزوجا بخيال يصدم أفق الانتظار لديهم.
حتى منهم من ، في جدبته ، أسقط عنكم التكليف كما يسقطه المريدون عن الواصل من المتصوفة.
بقدر ما أنتم واضحون بقدر ما أنتم مرمزون مشفرون،محاطون بهالات يظهر لبسطاء الناس وميضها كلما اقتربت الانتخابات أو تكلمت الجرائد المسماة جرائدنا.
هالات لا أدري أرسمتموها عمدا أم هو القدر المتكلم لغة غير التي نجيد.
هالات استقرت في خيال البسطاء،فتجلت تارة قدسية وتارة كفاءة و أحيانا عنتريات.
لا أرى أن هالاتكم ستنجلي بالسرعة التي بها هويات كتمت أنفاسنا حينا من الدهر لسبب واحد:لأن منابع ضوئها و مشارب قزحيتها راسخة متجدرة.
فلولاها ما كنتم حصدتم "الميسا" و لا تهافت عليكم نيام الأمة في القبة و لا تحركت أساطيل الأمن كلما مر موكبكم.
ولولاها لما تهافت الملتحي الموارب والأيسر المكبوت قبل الأيمن العفن تاريخه وخلقه وخلقته وخرقه وخروقاته.
السيد رئيس المجلس البلدي السابق و" اللاحق"
مازال الجياع جياعا والعرايا عراة في مدينتي " مدينتكم "
في المجلس السابق تزعمتم وكان الفضل لتوصيات المكاتب الوطنية لأحزاب اليمين و" اليسار " تمرنتم رسميا فكنتم الطالب النجيب للداخلية والخارجية حتى أنكم ترقيتم فور انهزامكم في الولاية التي لحقتها.
كنت أنتظر منكم أن تمارسوا المعارضة أم أنكم لا تجيدون إلا مسك الزمام ، فلماذا انسحبتم ؟ كان حريا أن تبقوا لصيقي مطالب مريديكم وتدافعوا عن مشروعكم الذي سميتموه مستقلا عن كل شيء إلا عن مركز ترقيتكم.
أم أنكم اكتشفتم أن عودتكم لم يشتد بعد لحصد اليابس والأخضر ، فقررتم تعميق التكوين حيث صادفتكم الأضلع والصناديق.
لا خير فينا إن لم نقلها فيكم ولا خير فيكم إن لم تسمعوها منا..
السيد وكيل اللائحة الممتاز،
حملتم شعار محاربة البلقنة واللبننة في مشهد المسماة أحزابا فكان أن سقطتم في طريق الشمولية العرجاء.
جراركم في بلدي لم يجر إلا رموزا جاءت تغتسل من آثامها في بنزينكم المقدس.
جراركم في بلدي لم إلا أشخاصا يعجز بعضهم عن الظهور نهارا في حيه من فرط ما أثخن جراحهم وبدد آمالهم ، مع احترامي للأتقياء في زاويتكم ممن علمونا فن الحساب ثم آمنوا فاستغفروا وأغوتهم المطية فركبوا آمنين مطمئنين ، لهم منا أطيب المنى وأحر التعازي على مرحومنا المبدأ الرصين.
السيد الوكيل:
في القرية حيث يتسابق هواة المسايفة{ على وزن المسايسة } فرادى.كان أحرى أن تحرث الأرض بالمحراث الخشبي حتى لا يحرث الأشواك والأحراش والبرك الآسنة.
في القرية زكيتم كل ذي حظ وفير دون عناء البحث في تاريخ عطائه/سلبه.زكيتم رموزا كرهناها من فرط ما تفننت في واد المشاريع وتضييع المفاتيح.
غطستموه في مسبح بنزينكم قبل أن يغتسلوا من جربهم الذي آدى وأطفأ الشموع وحز جذور الأمل .
في قريتي أفرطتم هذه المرة وإن كان للأفول بداية فمن قريتي سيبدأ.لا أدعي قوة ولا جبروتا ، إن هو إلا سحر الساحر سينقلب عليه.
بررتموها تربية وإعادة تكوين.قد يكون إيمانكم بما تقولون صادق عميق ، غير أن الفكر غير الفكر والرجال غير الرجال ، ومن حملوا الراية اليوم قد يحملون النعش غدا.
صدقوني ، في قريتي أفرطتم هذه المرة حتى أن شعار تغييركم ألبس الواقع حلة جديدة ، غير أنها شفافة تظهر العورات.
ولنا غدا لقاء يكشف الحقبقة سينجلي الثوب عمن كسوتهم سوءاتهم.
فمن يحب بشدة يكره بقوة.
ما لم أنتظره منكم هو أن تفوضوا الفصالة والخياطة لهؤلاء الذين كرهناهم عقلا وفكرا،هو أن تضعوا مقود جراركم بين أيديهم الملطخة بشيء من النزاهة والتفاني والصدق والشفافية..
اقبلوها منا ،
ليست إلا صرخة صادقة من قلب تراكمت جراحه،
ليست إلا كلمات صادحة منظومة على وزن الحب والإخلاص.
ليست إلا صيحة لحنها غيرة فوق الحدود على وطن حبيب عشيق يسري في الدم.
اقبلوها منا ،
ليست صرخة مغرضة.
ليست كلمات منمقة تروم المحاباة.
ليست صيحاء خرساء.

ملحوظة : كتبت هذه الرسالة بداية يونيو 2007 ، واليوم كالأمس لرسالتي راهنيتها..

مقالات ذات صلة