قضية “ياسين الشبلي”.. العائلة تطرق أبواب المقررين الأمميين تزامنا مع الاستئناف وتواصل الاعتصام للحصول على “أشرطة التعذيب”


حقائق بريس/ متابعة
الأربعاء 14 ماي 2025


جددت عائلة ياسين الشبلي الذي قضى حتفه داخل مخفر للشرطة ببنجرير مطالبتها بالعدالة لابنها، مستهجنة الحكم المخفف الصادر في حق رجال الشرطة، خاصة وأن أشرطة الفيديو التي تم عرضها بالمحكمة تبين تعرضه للصلب والتعذيب حتى الموت، وأكدت طرقها لأبواب المقررين الأمميين، تزامنا مع الطعن بالاستئناف.


وقالت عائلة الشبلي خلال ندوة نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، اليوم الثلاثاء، إنها لا تزال معتصمة أمام المحكمة الابتدائية ببنجرير منذ صدور الحكم، وذلك للمطالبة بنسخ من الأشرطة التي تظهر الحقيقة، وتميط اللثام عما وقع لابنها منذ توقيفه في حديقة عمومية إلى حين وفاته بعد ضربه وتعذيبه.



العائلة تعتبر الحكم “ظالما”

واستنكرت شقيقة الشبلي الحكم وقالت إن ياسين لم يكن رقما في سجل، ولم تقتله رصاصة طائشة ولا حادث عرضي، بل مات بعد ساعات من التعذيب في مكان يفترض أن يكون ملاذا للأمان لا للانتهاك، مشيرة إلى أن العائلة طرقت أبواب القانون الدولي بعدما تعرضت للظلم، وأكدت أنها لا تطلب انتقاما بل الحقيقة والعدالة.

كما انتقدت أخت الضحية موقف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وعدم استجابته لطلبات التحقيق وزيارة مخفر بنجرير وعدم إنصاته للعائلة، واكتفائه في تقريره السنوي بنسخ ما جاء في بلاغ الوكيل العام.

ومن جهتها قالت والدة ياسين الشبلي إن ابنها ظلم حيا ثم ميتا، وإنها تسعى للحقيقة، خاصة بعدما رأت ابنها في أشرطة الفيديو يتعرض للتعذيب حتى الموت بلا رحمة، وأضافت “قتلوا العائلة كلها وليس ياسين فقط”.

وأكدت أم الشبلي أنها وعلى غرار باقي العائلة صدمت بالحكم “الظالم”، وتساءلت “واش هذا حكم التعذيب والقتل؟”، مبرزة أن العائلة لا تزال معتصمة أمام المحكمة تطالب بنسخ من الفيديوهات التي تتضمن الحقيقة.

وبدوره، أشار شقيق ياسين الشبلي إلى أن الوقائع التي عرضتها الأشرطة تفند كثيرا من المعطيات التي جاءت في بلاغ الوكيل العام للملك، وأظهرت أن سبب الوفاة ليس سقطات متكررة بل الضرب والتعذيب، وصلبه، وأضاف “لا يمكن تصور التعذيب، لذلك يرفضون منح العائلة نسخ من الأشرطة.. وهناك تغطية على الجريمة”.

الأشرطة تؤكد التعذيب

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي تنصبت طرفا مدنيا في الملف، أكدت في تصريحها خلال الندوة أن الحق في الكشف عن الحقيقة الذي تنكرت له كل الجهات المعنية، والذي تعتصم من اجله عائلة الشبلي منذ يوم 23 أبريل 2025 امام ابتدائية بن جرير الى غاية يومه، هو حق مكفول للضحية ولعائلته والمجتمع بكامله، وهو حق غير قابل للتصرف أو التقادم، وهو حق يتعلق بالأساس بالانتهاكات الجسيمة المرتبطة بالتعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والاعتقال التعسفي، والتي تشكل تجاوزا صارخا للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وقالت الجمعية إنه ورغم محاولة طمس الحقيقة من خلال بلاغ الوكيل العام بمراكش الذي صرح في البداية، أن وفاة الشبلي كانت نتيجة سقوطه المتكرر على بلاط زنزانته بمخفر الشرطة بسبب فقده لتوازنه نتيجة سكره الطافح، لكن الأشرطة أظهرت التعذيب الهمجي الذي تعرض له الفقيد، منذ لحظة ايقافه بالشارع العام والى ان لفظ انفاسه متأثرا برضوضه وجروحه وكسور فقرات رقبته مما ادى الى اختناقه.

وطالبت الجمعية الدولة المغربية بأن تأخذ الدروس من هذه الفاجعة، وتراجع سياساتها في اتجاه احترام التزاماتها الدولية في مجال الحماية من التعذيب، وإصلاح القضاء ليكون قضاءً مستقلاً قادرا على حماية الحقوق والحريات وليس جهازا يقوم بتبييض الانتهاكات الجسيمة التي تمارسها الأجهزة الأمنية.

استئناف ولجوء للقانون الدولي

وقال عزيز غالي رئيس الجمعية إنها ستستمر في تتبع الملف، عبر دعم صمود العائلة في وقفاتها، ومتابعة الملف في الاستئناف، كما أنها بدأت تشتغل على الآليات الأممية من خلال مراسلة المقررين الأمميين، حيث من ضمن الأسئلة التي ستطرح على المغرب في التقرير الذي سيقدمه حول الحقوق السياسية والمدنية ملف ياسين الشبلي.

وعبر دفاع عائلة الشبلي عن صدمته من الحكم المخفف وغير العادل وغير المنصف، وأكد أنه تقدم بالطعن بالاستئناف، واستنكر ما تعرضت له العائلة من تضييق بسبب مطالبتها بالعدالة لابنها، حيث جرت متابعت الأم وأفراد من العائلة، وأدينوا بأحكام موقوفة وغرامات.

واعتبرت المحامية سعاد لبراهمة أن المشكل ليس الحكم المخفف فقط، بل عدم الاعتراف بالتعذيب، والإنكار التام للحقيقة، وهو ما يجعل هذا الملف مفتوحا إلى حين الوصول للحقيقة.

ومن جهته، قال المحامي عبد الإله تاشفين إن من مؤاخذات الدفاع أن المحكمة قضت بعدم قبول المطالب المدنية المقدمة من طرف الجمعية بواسطة دفاعها، رغم أنها طالبت بدرهم رمزي، وعللت المحكمة الرفض بأنه ليس بالملف ما يفيد على أن الجمعية هي جمعية ذات منفعة عامة، والحقيقة أنه جرى إيداع مذكرات كتابية تضمنت كل الوثائق التي تثبت صفة الجمعية، وقد سبق لذات المحكمة ومحاكم أخرى أن قضت بقبول المطالب المدنية المقدمة من طرف الجمعية، لكن هذا الرفض اليوم يؤكد الاستمرار في التضييق على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.

ويشار إلى أن المحكمة الابتدائية ببنجرير أصدرت حكمها في أبريل المنصرم على ثلاثة رجال شرطة على خلفية هذا الملف، حيث قضت بإدانة أحدهم بالحبس ثلاث سنوات ونصف، وعلى الثاني بسنتين ونصف، في حين برأت الثالث، وكانت المحكمة الابتدائية بمراكش قد قضت قبل سنة بإدانة ضابط في نفس الملف بخمس سنوات وهو حكم أيدته محكمة الاستئناف.

مقالات ذات صلة