مؤسساتنا العمومية .. إلى أين ؟


ابريك عبودي
الاثنين 6 يونيو/جوان 2011



عاش المغرب وقائع ممارسات و تسيب كبار المسؤولين ببعض كبريات مؤسساتنا العمومية و شبه العمومية بسبب الفساد المالي و الاختلاسات لإثراء مصالحهم وكان الأمر يتعلق بتورط بعض كبار المسؤولين في اختلاس الأموال العمومية ، وعشنا كل هذا و نحن لا نحس و لا ندرك خطورة وثقل التسيب الذي عرفته بلادنا في هذا المجال ، مجال التسيب الذي ظل يمارسه بعض كبار المسؤولين المشرفين على تسيير شؤون مؤسساتنا العمومية و شبه العمومية التي عرفت الكثير من الاختلاسات من جراء الفساد الحاصل بها و الذي تجلت خطورته في كل التجاوزات التي ميزت ممارسة المسؤولين عن بعض مؤسساتنا الكبرى التابعة للدولة " الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، القرض العقاري السياحي ، و الخطوط الملكية المغربية ، التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية ، البنك الشعبي ، القرض الفلاحي ، و ما صاحب ذلك من مؤسسات كالجماعات المحلية في اختلاس الملايير من السنتيمات و بأشكال متنوعة ، و برزت على الساحة العشرات من ملفات الفساد و الاختلاسات حين أخل كل المتورطين بجميع التزاماتهم و الأمانة الملقاة على عاتقهم ، و انطلقوا في إثراء مصالحهم الشخصية بصرف أموال المؤسسات التي يشرفون على تسيير شؤونها مستغلين لنفوذهم بها.

وفي تقريره السنوي لسنة 2009 وقف المجلس الأعلى للحسابات على نواقص كثيرة تعتري تدبير المال العام و على مجموعة من الاختلالات التي تم تشخصيها في بعض الأجهزة العمومية المراقبة نتيجة النقص الحاصل في القدرة على التصور و ضعف المبادرة أو غياب وظيفة الإشراف داخل هذه الأجهزة و قد حظي الصندوق العقاري و السياحي بحيز هام في هذا التقرير ، و ظل المتتبعون يأملون أن تكون البداية الحقيقية لمحاسبة المفسدين بالمغرب .

و أن تقرير المجلس الأعلى للقضاء يكشف المستور في مجموعة من الملفات التي تهم التدبير الإداري و المالي لعدد من المؤسسات العمومية في حين ما يزال تحريك مساطير المتابعة القضائية في مراحله الأولى بخصوص بعض الملفات التي أثارها المجلس في تقرير 2008 على غرار ملف الخطوط الملكية المغربية ، و تستمر مع ذلك المحاكمات في صفوف المتورطين من رؤساء جماعات و إدارات عمومية وشبه عمومية .

إن حجم الفساد يجعلنا نتساءل كيف نفسر أن السنوات التي أعقبت الاستقلال لم تعرف فيه المؤسسات التي أزكمت الأنوف لفسادها افتحاصات و بالنظر لحجم الفساد تبدو الحاجة ماسة لتجسيد دولة الحق و القانون على أرض الواقع و العمل بمبدأ عدم الإفلات من العقاب وتخليق الحياة العامة .

فمشكل مؤسساتنا العمومية يتطلب أكثر من أي وقت مضى مسؤولية وطنية ، تستدعي هذه المسؤولية ضرورة التعجيل بالمعالجة الجادة لكل أصناف الفساد الذي ينمو ببلادنا و خاصة بكبريات مؤسساتنا العمومية و من ضمنها ما تبث على أرض الواقع ، فتلك حقائق مازال الحسم فيها للتاريخ بعد أن تعرف عليها الجيل الجديد و أن حتى من عايشوا الأحداث مازالوا على قيد الحياة فليدع المسؤولون الأمور بكل وضوح ليطلع الجيل الجديد و يتعرف أكثر على مؤسسة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و الدور الذي أنشأت من أجله و من كان وراء اختلاسات الملايير بهذه المؤسسة العمومية حجم المبالغ المختلسة 15 مليار درهم ، كذلك الدور الذي تقوم به مؤسسة التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية وكم من الملايير بالدرهم التي زهقت منها ، و أن هذا الملف كان نقطة تحول كبرى في التعامل مع ملف الفساد المالي ببلادنا، و كم عدد المتورطين في اختلاسات القرض العقاري و السياحي وغيره من كبريات مؤسساتنا العمومية ؟ وكم منهم خارج أرض الوطن ؟

مقالات ذات صلة