مالايود أوباما سماعه ..!


ابراهيم السروت
الخميس 2 يونيو/جوان 2011


يبدو أن مالم يسمعه الرئيس باراك أوباما كان أكثر بكثير مما سمعه.. وما أغفله كان أكبر مما ذكره.. وماتعمد تجاهله يشي بالكثير مما أخفاه.. ومارآه أضيق بكثير مما وارب عن رؤيته، وماشاهده أقل مما غض الطرف عنه .


حديث ينتقي مفرداته.. ومصطلحاته، يوصّف الأحداث والتطورات.. الازدواجية في المواقف والتحليلات سمات عامة تتلاقى في معظم ماذهب إليه أوباما في خطابه، بعد قصف تمهيدي سياسي وإعلامي بتسريبات وتسريبات مضادة ليتحول الانتظار إلى حوامل أولية لتسويق أفكار أرادت الإدارة الأميركية أن تدفع بها إلى الصدارة.‏
شريك في التغيير يعتلي منصة الحدث، ويوجه نصائحه المباشرة وغير المباشرة كأوامر عمل لاتخرج عن نطاق مايوجهه لحكومات ولاياته.. يقسم أطراف المعادلة العالمية، ويحدد توجهاتها ثم ينطلق ليتقاسم مغانم التغيير مستحوذاً على قطوعها.‏
المفارقة ليست في الصورة التي قدمت فيها الولايات المتحدة نفسها كمحرك وربما قائد للتغيير فحسب، بل في التلون إلى حدود التماهي.. حتى خيل للبعض أن من خرج إلى الساحات العربية قد تقدمهم أوباما أكثر من مرة.. وتعرف هناك على الشوارع ومفارق الطرق وميادينها.. حتى شعاراتها ساهم بخط يده في كتابة بعضها!!‏
سمع أوباما أصوات أولئك الذين ذكرهم في خطابه بوضوح حتى أنه حفظ كلماتهم.. لكنه لم يسمع صوت مئات الآلاف التي هدرت تطالب بحقها في العودة إلى ديارها وأرض أجدادها.. ولم يصغ طوال ستين عاماً ونيف لصوت الملايين من الشعب الفلسطيني ولا صراخ الأطفال والنساء التكالى في المخيمات.. أو في سجون الاحتلال..!!‏
لم يسمع أوباما.. ولم يرَ ماجرى ويجري في غزة من قتل وحصار وتجويع.. لم يشاهد طائرات الاحتلال الإسرائيلي وهي تغتال الفلسطينيين بهمجية لامثيل لها . ولم يسمع أيضاً أصوات العراقيين الذين قتلتهم طائراته عنوة وغدرا . ولاصراخ الأفغان مما فعلته قواته..‏
لم يسمع ولم يرَ الشاب الفلسطيني حسن حجازي وهو يجتاز حواجز الاحتلال والغامه، ويقطع مئات الكيلومترات ليلوّح بمفتاح بيته في يافا.. ولم يسمع أو يرى جنود الاحتلال وهم يقتلون الأطفال والشباب!‏
حساسية السمع المفرطة لدى الرئيس أوباما.. لم تكن تسمح له بسماع القصف وذوي الانفجارات لكنها تتيح له أن يسمع أصوات من ذكرهم !!. ممن يغتالون يوميا الانسان.‏
وضبابية الرؤية لم تسعفه في رؤية كل مااقترفته إسرائيل.. وما مارسته قواته في العراق وأفغانستان.. لكنها في الوقت ذاته مكنثه من أن يرى تفاصيل سيناريو مفبرك على اليوتيوب والفيسبوك، بينما غابت عنه رؤية تلك الجماعات الإرهابية المسلحة بأذرعها الإقليمية والدولية وهي تقتل وتروع وتدمر وتخرب!‏
تلك هي الأذن الأميركية الحساسة والعين الأكثر حساسية في شاهده ماتراه مناسباً وغض الطرف عما لاترغب فيه.. ومايصلح هناك فإنه بالضرورة لايجوز هنا، بل من المنعذر السماح به.‏
سيمضي حقبة من الزمان.. قبل أن تتحرك الأذن الأميركية خارج دائرة تلك الحساسية.. وقبل أن تغادر العين الأميركية تلك البقع والبؤر التي انتقتها وتنتقيها.. وهي ترهن مستقبلها بما يجري.. وأن قدراتها ستكون كلها لدعم مايجري..‏
هكذا غدت واشنطن شريكاً تطوعيا في التغيير الذي يبيح دماء الأبرياء, موطّناً له.. منطلقاً لفعالياته بمنطق الرؤية المواربة المخادعة.. والسمع المجتزأ القائم على رؤية تفتيتية والحديث المبتور المجزأ الأوصال.. وبالفعل الذي يفرد أوراقه وينتشي ليكون شرطي العالم على الرغم من إرادة أحرار العالم .. يهدد هنا.. ويملي هناك.. يعاقب هذا..ويكافئ ذاك.. دركي عالمي يحشر أنفه بدافع استقواء واستكبار لامبرر لهما ..!!‏

مقالات ذات صلة