مدينة ابن جرير غارقة في الاهمال تستنجد ملك البلاد


حقائق بريس
الأربعاء 17 أغسطس/أوت 2016





حال مدينة ابن جرير مؤسف للغاية، وضع غير طبيعي وبكل المقاييس وعلى كافة المستويات، وضع اقتصادي وبنيوي متردي قابل للانفجار في اي وقت، لم يعد يسر ساكنتها، مدينة تعيش تدهورا ملموسا على جميع الاصعدة، وتعاني اهمالا لا مثيل له سببه المسؤولين الذين تعاقبوا على تسيير وتدبير شؤونها منتخبين كانوا ام اداريين، انه اقتناع قد يكون عاما لدى ساكنة المدينة، وكل ما نراه بهذه المدينة لا يبشر بالخير، التهميش بكل اصنافه، ضعف البنية التحتية، النفايات والازبال المتراكمة هنا وهناك، غياب اهم المرافق التي تجعل من المدينة كيانا ملموسا يحتدى به، اما الشباب فلا حول ولا قوة لهم، طاقة كبيرة وقوة فاعلة لكنها تهمشت واقصيت فانحرفت ودخلت عالم الاجرام بكل اشكاله وتعاطت المخدرات وحبوب الهلوسة واصبحت ىتشكل معضلة خطيرة قد تاؤدي الى ما لا تحمد عقباه.
صبحت صاحبة الارقام القياسية من حيث العديد من الاحتجاجات والاعتصامات، لا منافس لها في ذلك على صعيد المغرب، شهدت خلال السنوات الاخيرة نموا عمرانيا وديمغرافيا مهولا ومتسارعا بفضل موقعها الاستراتيجي، الا ان هذا التميز والعمران والتدفق البشري ظلت تنقصه مصاحبة تنموية تمتص البطالة المستفحلة بالمدينة التي عانت الشيء الكثير مع مثل هذه القضايا الساخنة، تنقصها المرافق الترفيهية والمساحات الخضراء والنقص الواضح في الخدمات اللازمة كالصحة، حيث المستشفى الاقليمي الوحيد الذي يفتقد للموارد البشرية المتخصصة التي يحتاجها المواطنون خصوصا مع التزايد الطبيعي وهجرة ساكنة المناطق القريبة من المدينة، لم ينفع مع هذا الورش التنموي الكبير الذي تعرفه المنطقة، انسداد في الافق وعلى جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مما ينذر بالسكتة القبلية وبواعث الامل مسدودة، وكل هذا لا يتوافق مع مصلحة مدينة تنتظرها رهانات عديدة ومشاكل متراكمة وملفات كبرى بمنطقة يعول عليها للدفع بقاطرة التنمية، هذا بالرغم من الخطاب التاريخي الموضوعي لملك البلاد والذي شدد فيه على محاربة اقتصاد الريع والفقر والهشاشة.
التهميش والنسيان هم العنوان العريض لمدينة المستقبل التي تتخلف عن قطار التنمية المستدامة بسبب لوبي الفساد الذي ينخر جسدها وغياب استراتيجية لدعم التشغيل في المنطقة وخلق مشاريع مدرة للدخل تنعكس ايجابا على الفئات الفقيرة والمعوزة خاصة بقطاع الفوسفاط الذي يغلق باب التشغيل في وجه ابناء المنطقة الذين انتزعت اراضيهم بابخس الاثمان لهذا المجمع الذي عليه مسؤولية تجفيف منابع البؤس بالمنطقة، بؤس الشباب العاطل، ناهيك عن اعتماد الزبونية والمحسوبية.
مدينة ابن جرير الساعة تحتضر، فأي ذنب اقترفته عاصمة الرحامنة لكي يطالها الاهمال في اكثر من مجال وتعبث ايادي بمصير ساكنتها، واين اطرها وفعالياتها التي قدمت استقالتها وانصرفت في هدوء تام؟ اين مثقفوها؟ اين ابطالها؟ وهو ان الاحتكار السياسي الذي فرض عليها باث مفضوحا ومكشوفا يخدم المنفعة والمصلحة الخاصة، فبإختيارها هذا تركت المتسلقين والانتهازيين والوصوليين والمتزلفين ينهشون خيراتها على مرأى ومسمع من الجميع دون حسيب ولا رقيب، واين منتخبيها المفروض فيهم الحرص على مصالح
ساكنتها؟ لكن هيهات فالكل انكمش ولم تبق هناك لا اغلبية ولا معارضة لانقاذ المدينة من مستنقع التهميش، الشيء الذي ادخلها في نفق القتامة وعطل محركاتها، وكانت النتيجة مدينة غارقة في متهات الفقر والبطالة والانحراف والفساد الإداري والسياسي، مدينة اضحت من المدن اكثر نتاجا للنفايات بحكم ارتفاع عدد سكانها وتبقى المدينة ايضا مدينة المشردين والمتسولين والظاهرة في تزايد في ظل غياب حلول لذلك من طرف المسؤولين، وقد اصبح الداء مستفحلا ولم يعد معه من بد سوى الاستئصال، وجيوش الاستخبارات والاستعلامات التي تنتشر وسط سكان المدينة ترى ما يرون وتسمع ما يسمعون وتعرف ما يعانون، ورغم وضعية المدينة هاته التي لم ينفع معها لا الصراخ ولا الاحتجاج، ورغم تعالي الاصوات المنددة والشاجبة لكل ما يحدث بها ما يزال الخناق مضروبا عليها من طرف ذوي النفود وممن ركموا الثروات بها، لوبي الفساد هذا حاضر دائما لكبح وعرقلة اي مبادرة جادة لبعث الحياة فيها من جديد، هذا اللوبي الذي احكم سيطرته على كل مؤسسات المدينة الحيوية واصبحت كل المشاريع الاستثمارية خاضعة لسلطته وتحول المجمع الشريف للفوسفاط هو كذلك الى صندوق اسود لتغطية بعض نفاقته. مدينة ابن جرير وما وصلت اليه من تسيب وزبونية في جميع المجالات لا امل في انعاشها، وانما هي بقرة تلد لغيرها وتحلب لغيرها، ملفات كثيرة تهم الساكنة لا زالت تراوح مكانها وعلى راسها ملف الملك العمومي الذي كشف الوجه الحقيقي للسلطات بمختلف اختصاصاتها في تعاطيها مع هذا الملف الشائك الى جانب ظاهرة البناء العشوائي التي حطمت ىكل المقاييس بالمدينة كما هو الوضع الامني الذي اصبح يثير الكثير من ردود الفعل لدى الساكنة بسبب الاعتداء على المواطنين ونهب ممتلكاتهم في واضحة النهار واستفحال ظاهرة الجريمة والمخدرات والاقراص المهلوسة في اوساط الشباب، ناهيك عن احتجاجات ووقفات دائمة منددة بازمة البطالة والفساد المستشري بالمدينة وتوظيف الاموال المشبوهة في العمليات الانتخابية وتوزيع الصفقات والغنائم من اراض الجموع وكلها ملفات سنعود اليها بالتفصيل في القادم من الايام.
امام كل هذه الظروف التي تعيش فيها المدينة لم يعد للساكنة من بد سوى الاستنجاد بملك البلاد ليرفع الظلم والحيف عن مدينتهم ويعتقها من امر ناهبي خيرات وثروات المنطقة كما فعل جلالته مع مدن اخرى بالمملكة، فالسكان ياملون في عطف جلالته ليحررها من لوبيات الفساد التي تلقى بقبضتها على انفاس المدينة واهلها.


مقالات ذات صلة