الحُكومة تُغلق كليات و تفتح مكانها سجونا

أعلن وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار؛ عبد اللطيف ميراوي، يوم الثلاثاء الماضي، بمجلس المستشارين، نهاية الكليات المتعددة التخصصات، قائلا “أعلن من هذا المنبر أن هذه الكليات ماغتبقاش فالبلاد”.

ودافع الوزير على طرحه من خلال الإستناد على التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، الذي كشف بحسب ميرواي عن “خبايا هذه الكليات”، معتبرا أنه “لا يمكن الكذب على المغاربة بتوفير كليات قريبة من المواطنين لا توفر تعليما جيدا لأبناء المغاربة”.

من جهة أخرى، أعلن الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، يوم الثلاثاء الماضي بمجلس المستشارين، أن العمل جار لبناء 11 مؤسسة سجنية جديدة للحد من ظاهرة الإكتظاظ داخل السجون، مشيرا إلى أنه خلال الفترة الممتدة من 2014 إلى 2022، تم افتتاح 23 مؤسسة سجنية جديدة.

تصريحات الوزيرين داخل الحكومة الجديدة، يطرح علامات استفهام حول توجه هذه الحكومة من خلال الإشارات التي ترسلها من مثل هذه القرارات، حيث إن مجمل المظاهرات التي شهدها المغرب قبل شهر رمضان و خلال السنوات الأخيرة يرفع فيها شعار “بركا من البوليس .. زيدونا فالمدراس”.

وعكس الشعار الذي ترفعه فئة عريضة من المغاربة، عمدت الحكومة الجديدة إلى إغلاق الكليات متعددة التخصصات بغض النظر عن الأسباب، معلنة في نفس اليوم داخل نفس القاعة الشروع في بناء 11 مؤسسة سجنية، فهل ستحل الحكومة الجديدة مشاكل المغاربة بالإعتماد على المؤسسات السجنية؟ وما هي الرسالة التي توجهها من خلال إغلاق كليات و بناء السجون بعد سبعة أشهر من تنصيبها؟

المثير فيما أعلن عنه الناطق الرسمي باسم الحكومة بخصوص الشروع في بناء مؤسسات سجنية جديدة وفتح 23 مؤسسة جديدة ما بين 2014 إلى 2022، هو أنه يناقض ما صرح به وزير العدل؛ عبد اللطيف وهبي، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بالبرلمان، عندما أكد أن تعديل القانون الجنائي يروم تعويض العديد من العقوبات الحبسية بالعقوبات البديلة.

فوزير العدل وهبي؛ اتخذ من التنصيص على العقوبات البديلة والتعويض المالي بدل العقوبات السجنية شعارا لتبرير سحب الحكومة للقانون الجنائي من البرلمان. وهو شعار يناقض ما صرح به زميله في الحكومة بايتاس. فكيف يمكن اقناع المغاربة بتوجه الحكومة نحو استبدال العقوبات السجنية كما قال وهبي، وفي نفس الوقت شرع في بناء مؤسسات سجنية جديدة كما قال بايتاس؟

الحكومة من خلال تصريحات وزرائها المتناقضة تظهر أنها فاقدة للبوصلة، ولا تعرف ما تريد؟ وكيف تصل إليه؟ وهذه رسالة أكدتها مجموعة من القرارات المتخذة من طرف الحكومة خلال الأشهر الأولى من تنصيبها، والتي تظهر ارتباك الحكومة. ما ينذر بمظاهرات قد ترفع أكثر من شعار “بركا من البوليس .. زيدونا فالمدراس”.