HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

التبضع الساسي


البدالي صافي الدين
الثلاثاء 29 يونيو 2021




التبضع الساسي

ما من مرحلة من مراحل الزمن السياسي، و خاصة في الانتخابات أو الاستفتاءات الشعبية، إلا ولها مظاهرها تجدها تطفو على الساحة، و تكون بعض الأحيان هذه المظاهر غريبة عن الجسم الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي و الثقافي للمجتمع. لقد عشنا في بلدنا في انتخابات الستينات و السبعينات ظاهرة "الحاضر يصوت مكان الغائب" في الاستفتاءات أو الانتخابات حتى و إن كان ذلك الغائب ميتا أو مختلا عقليا.و القاصر يصوت مكان البالغ إن كان هذا الأخير غير موجود و الرجل يصوت مكان زوجته حتى لا يراها أعضاء مكتب التصويت , و رغم كل ذلك يتم الإعلان بأن المشاركة كانت بنسبة 99 ,999% و يسارع أشباح السياسة إلى قراءة النتائج بانها عنوان الديمقراطية المغربية .و عشنا في الثمانينات ظاهرة "بدل صندوق بصندوق " أي تتم عملية سحب صندوق الاقتراع و وضع مكانه صندوق يضمن نجاح المرغوب فيه ، و تتم العملية بشكل غريب بعد إغلاق مكاتب التصويت و هو ما تسميه العامة " بالسماوي " أو " برق ما تقشع"، و هي مظاهر كان بطلها النظام المخزني كي يضمن فوز نخبة مخزنية للتحكم في البرلمان و في الغرفة الثانية و الغرف المهنية و في المجالس الجماعية و الإقليمية . و في زمننا هذا صارت بعض الأحزاب تقوم مقام النظام المخزني في تعطيل البناء الديمقراطي ، لكن بصيغة اكثر غرابة ، إنها ظاهرة "التبضع السياسي" ، و هي ظاهرة جديدة لم يسبق للمغاربة ان عاشوها . حيث ترى الزعيم الحزبي يطوف في البلاد بحثا عن من هو أكثر مالا و استغلالا للناس أو للعمال أو من هو من الإقطاعين الجدد الذين راكموا ثروات جمة عن طريق الريع و الاستلاء على أرضي الغير ليكون وكيلا للائحة العامة او اللائحة المحلية او الجهوية حتى و إن كان من الأميين أو من ذوي السوابق . و يختار الزعيم من بين الذين يتهافتون على المناصب و على المقاعد و المكاسب من هو انسب من حيث ماله ، و لا تعنيه كفاءته أو نزاهته شيء او استقامته و قد يكون من بين هؤلاء من هو متابع قضائيا بتهمة الفساد و نهب المال العام أو الرشوة أو التزوير ، فالزعيم سيضغط على القضاء حتى تتعلق المتابعات القضائية إلى ما بعد الانتخابات . فالزعيم يراهن على قدرة فوز الباحث عن التزكية لحنكته في الاغتناء غير المشروع و نفوذه المالي أو الإداري ، و هكذا أصبحت الاستعدادات الانتخابية في بلادنا عبارة عن "اسواق المتلاشيات السياسية" تجد فيها من طرده الزعيم من صفوف حزبه أو باحث عن تزكية بأي تمن أو من انتهت صلاحيته السياسية ، و هي تستقبل أصحاب "الخردة السياسية " من بائع و من مشتري . لأن الكفاءات الوطنية و الشباب الواعد لا يوجدون في هذه الأسواق ، لأنهم ينأون بأنفسهم حتى لا تتلطخ أيديهم بأوساخ الفساد و الردة السياسية ، و لا يبحثون عن منافذ الانتهازية أو الوصولية إلا قليلا منهم الذين يرضون بان يكونوا بضاعة في أسواق المتلاشيات السياسية . إن هذه المظاهر هي بمثابة إعلان واضح عن انهيار الأخلاق السياسية و القيم الإنسانية و عن إفلاس المنظومة السياسية بشكل عام .

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير