HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

عاشوراء بطعم مفرقعات جطو


بقلم : بوشعيب حمراوي
الجمعة 27 سبتمبر 2019




عاشوراء بطعم مفرقعات جطو

هكذا اعتبرها الشارع المغربي.. مجرد مفرقعات يراد منها تهدئة النفوس الهائجة والبائسة وإلهاءها.. فيما رأى فيها المتضررون ممن ذاقوا جحيم تلك الاختلالات المرصودة، مجرد تقليب للمواجع، ومضاعفات لآلام الحسرة والإحباط الذي لازمهم... الحديث هنا عن مفرقعات إدريس جطو التي شغلت الناس، وغطت على اهتمامهم بصواريخ وقنابل عاشوراء ومياه الشيخ (زم زم)، وما أفرزته تلك المناسبة المبتدعة، لدى مجموعة من الشبان والأطفال، من قصور في التربية والتعليم، وانحراف أخلاقي وسلوكي...
مفرقعات جطو لا هي أشبعت رغبتهم في الإنصاف وترتيب الجزاءات، ولا هي طمأنتهم بفرج قريب ومستقبل أحلى... ولا هي تركت الأسر تنتبه لما يمارسه أطفالها من سلوكات مشينة لا تمت لعاشوراء بصلة.
إنه التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2018، الصادر علنا بتاريخ 11 شتنبر الجاري، الذي شغل الأسر والإعلام ومنصات التواصل، وأطلق العنان للألسنة والأقلام، للسباحة والغوص والتحليق في متاهات التحليل والتعليق والنقد. تحولت بوصلات الرأي العام الوطني بكل أطيافها إلى البحث في حصيلة قضاة جطو المثيرة. حصيلة أو (حصلة)، ظلت وفية لحصائل السنوات السابقة من حيث المحتوى المظلم. الممزوج بالفساد ونزيف المال العام والزمن الذي لا يعود.
المحتوى الذي نسجه قضاة جطو بلطف وحنان. وظفوا فيه كلمات وعبارات جد متسامحة، وغير خادشة ولا مدينة ولا حتى منتقدة لأصحابها. من قبيل (الاختلالات، النواقص، القصور، عدم الالتزام، عدم الوفاء..). بينما المتضررين ينتظرون عبارات جد قاسية ومهينة تشفي غليلهم. وتبرز مدى هول تلك (الاختلالات والنواقص والقصور و..). التي تدخل في خانة خيانة الأمانة واستغلال المناصب والنفوذ وتبذير ونهب أموال دافعي الضرائب، وضياع للأزمان السياسية والاجتماعية والاقتصادية و.. . وإفساد لمسارات أجيال متعاقبة... والتي كان لابد أن تنتهي بالإدانة القضائية.
(الشعالة) أوقظها جطو بدون نار كافية، لإتمام طهي غذاء شعب متذمر وجائع. شعب ما انفك يناضل من أجل لقمة عيش كريمة وقطرة ماء غير ملوثة، وهواء نقي طاهر من الفساد والاستعباد والاستبداد. (شعالة) زادت الشارع غليانا، فوق غليان وانحرافات الشبان والأطفال التي يتم تفجيرهما سنويا احتفاء بذكرى عاشوراء.
(شعالة جطو) التي شغلت الشباب والكبار، تزامنت مع احتفالات الأطفال بذكرى عاشوراء، حيث يسمو الانحراف والتسيب، وحيث الفرصة لخروج الأطفال والقاصرين من منازلهم، و احتلال الأزقة والشوارع. وفرض قوانينهم الخاصة في الحرق والرشق والتفجير.. وحيث التنافس على (أكبر شعالة)، و(أخطر تفجير)، و(أسوأ اعتداء على المارة)، بالمتفجرات والمياه المستعملة والحارقة والبيض الفاسد... بل إن التحدي بلغ إلى مستوى طرد ممثلي السلطات ورشقهم بالحجارة.
مفرقات جطو أمطرت بعض المعنيين بها من منتخبين وموظفين ومقاولين، بمياه باردة، أنستهم طقوس وعادات (زم زم). وأغرقتهم في دواليب انتظار ما بعد تشخيص وتشريح قضاة جطو. أغلقوا أفواههم على طريقة (زم). وجلسوا ينتظرون مرور غبار وأدخنة تلك المفرقعات، والعودة لاستئناف نهبهم واستنزافهم لثروات البلاد وحقوق شعبها. فهم يعلمون أنه لا قوة ولا تأثير لتلك المتفجرات، التي سبق وفجرها جطو في وجوه سابقين على شاكلتهم. و لاشيء أصابهم.
البحث والكشف عن حقائق الأمور يتطلب جهودا وجرأة وخصال حميدة. لكن الاكتفاء بنقلها وتسويقها للعموم من أجل إبراز من كانوا وراءها والقائمين عليها. لن يجدي نفعا. إذا لم تكلل تلك الجهود بالتسوية والإنصاف وترتيب الجزاءات. كما أن الشجاعة لا تنتهي عند التلويح بالإصبع لمكامن الخلل والخطأ، ولكن الشجاعة تكون في أوجها عند الانتقال إلى مرحلة البحث عن الحلول للتصحيح وإرساء البدائل.
فتقارير (صانع الأحذية السابق) الذي سبق وقاد الحكومة كتكنقراط ، تتقاطر علينا سنويا. تمدنا بمواطن ومكنونات الاختلالات والأخطاء، وتفاصيل حدوثها وتكشف عن هويات صانعيها. كما تنتقل بالرصد والتشخيص والتشريح إلى وضع توصيات ونصائح. لكنها تبقى حبيسة رفوف ودواليب وحواسيب المجلس الأعلى للحسابات، ومجالسه الجهوية.
كما أن المجلس الأعلى للحسابات في وضعه القانوني الحالي ، يصرف المال والوقت والجهد من أجل إصدار تقارير، يتعامل من خلالها مع المتجاوزين والمخطئين، كمعاملة الأب المدلل لطفله. الأب الذي ناذرا ما يعاتب ابنه أو يعنفه، لكنه بالمقابل يكثر من وصاياه التي لا تلقى آذانا صاغية. حتى أن بعض تقارير قضاة المجلس الأعلى للحسابات، لا نجد لها في التقرير ردودا من طرف الجهات المعنية. وكأن هؤلاء يهمسون في أذني جطو وقضاته بعبارة العامية ( لمن تعاود زبورك أداود؟).
فالمطلوب، أن يكون لتقارير المجلس الأعلى للحسابات، جسور أخرى سريعة وجادة ومتممة، تنتهي بوضع ملفاته لدى محاكم المملكة المختصة. وأن تتم العملية في إطار عمل يومي روتيني، لا تحتاج إلى إذن من وزير أو أي مسؤول حكومي.
فالأمل كل الأمل في أن يتم الإسراع في إحداث لجنة الكفاءات التي دعا إليها الملك. من أجل الإعداد لمشروع مخطط تنموي جديد. وهو الأمل الذي تعمل جاهدة، عدة جهات تدعي امتلاكها الكفاءة واحتضانها للكفاءات. من أجل إجهاضه. بمحاولة فرضها لكفاءات مصطنعة، أو تغليف بعض الكفاءات المستقلة، بسترات حزبية أو نقابية. من أجل ضمها للجنة الملكية أو تقديم ترشيحها لمناصب المسؤولية.
على العموم فلا خير يرجى من مسؤول عجز عن التصدي للكوارث الطبيعية، ولم يتمكن من كتم فرحته بإقدام مديرية الأرصاد الجوية على إصدار نشرة جوية إنذارية باللغة العربية. إلى درجة أنه نشر الوثيقة على موقعه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك. ليبلغنا أن الإنجاز الحكومي المتمثل في أول إصدار في التاريخ المغربي لهذه النشرة. ويشارك المغاربة فرحته.. وبما أنني متأكد من صفاء عقل هذا المسؤول باعتبار وظيفته الأصلية. فإنني أصف ما بدر منه ب(الطنز العكري).


         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

الثلاثاء 12 مارس 2024 - 23:11 أحزاب المعارضة العائلية

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير