HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

فنجان بدون سكر : طفولة منسية


بقلم: عبدالهادي بريويك
الاثنين 7 مارس 2022




فنجان بدون سكر :  طفولة منسية


تتجرعه المأساة كل يوم وهو يبحث عن لقمة عيش لسد الرمق من قمامات المدينة، يجول ويصول بين الحاويات بحثا عن أشياء مهملة يبيعها من جديد لتجار المهملات – الذين اغتنوا على حسابه- حتى يعيش ويشعر بقليل من الجوع وينفث منها سيجارة تنسيه هم الحياة وأثقالها.
هكذا تراه كل يوم وفي كل ساعة وحتى في الساعات المتأخرة من الليل يحمل الأثقال رغم نحافة بنيانه الجسدي ولا يعرف البكاء ولم تزر شفتاه ذات لحظة ابتسامة،لا يعرف اللعب ولم تطأ قدماه ذات يوم مدرسة .
رماه الزمن في سنين مبكرة إلى الشارع رغم كون غيره وفي سنه ينعمون بحضن العائلة واهتمامات الدولة ويلعبون ويمرحون ولا يعيرون اهتماما للأكل والملبس والألعاب وأماكن الترفيه الخاصة بالطفولة.

ما الفرق بين طفل يحمل الزبالة في مجتمع – راسي يا راسي – وطفل يحمل الكتب في مجتمع الإحساس بالطفولة باعتبارهم رجال الغد ؟؟؟

نحن نجعل من أبنائنا مصدر رزقنا وننفث بهم للشارع الذي لا يرحم ونتخذ من أزمات الزمن ذريعة،وهم يجعلون أبناءهم أرواحا بريئة يتقاسمون معهم البسمة ويضحون لكي يصبحوا رجالا تعتمد عليهم بلدانهم في المستقبل ويعرفون تمام المعرفة حقوق الطفل وتساهم الدولة في تربيتهم ومدهم بكل الإمكانيات الضرورية ليسعدوهم في طفولتهم مهما كانت الكلفة ومهما اشتدت بهم الأزمة.
لعل الإمكانيات المتوفرة لدى وطننا المغرب والتي لو تم استغلالها بالشكل الجيد عن طريق التوزيع العادل للثروات والحقوق واحترام القانون المدني الذي يخول للجميع الحق في العيش بكرامة انطلاقا من دستور البلاد ،لأصبح المغرب في مصاف الدول المتقدمة وأقل فقرا وتخلفا وأمية وبخاصة إذا ما تم ردع مختلسي خيرات البلاد باسم القانون وباسم الفوترة المضبوطة المقدمة للجهات العليا المكلفة بالمراقبة والمحاسبات.

قانون الطفل المغربي المنسي يحيلنا على التساؤلات الآتية:

حين سنموت نحن ونفنى من سيتحمل مسؤولية البلاد من بعدنا وقد جعلنا أبناءنا في واد غير ذي زرع وبدون علم أو معرفة أو شخصية وطنية ثابتة؟

على من سيعول مغرب المستقبل وقد نسي المغرب الحالي واجباته تجاه هذا الجيل الذي ينمو ويكبر ويأكل ويشرب ماء عكرا ممزوجا بدموع الحرمان ويحيى حياة الوحل؟
من بعد هذا الجيل سيحمل المشعل و سيساهم في استكمال البناء بناء وطننا الحالم الذي يغلب على طابعه غنى الثروات الطبيعية وغنى الفقر؟

ربما هي أسئلة حارقة تبحث عن أكثر من جواب وتترك طفولتنا تائهة في أكثر من سرداب وتجعل أقلامنا عاجزة عن تقديم الحلول الملائمة المواتية لنخلق منها لهم ألف ابتسامة قادرة على امتصاص معاناتهم التي لا يجدون لها معنى وعن واقعهم الذي يحولهم إلى مجرمين وجنات ولصوص يلاحقهم القانون الذي لم يحميهم منذ البداية.

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

الثلاثاء 12 مارس 2024 - 23:11 أحزاب المعارضة العائلية

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير