HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

من له المصلحة في تقطير الشمع على الصحفيين، وتبخيس دورهم، والمس بشرف مهنتهم


محمد السعيد مازغ
الثلاثاء 7 يوليوز 2020




من له المصلحة في تقطير الشمع على الصحفيين، وتبخيس دورهم، والمس بشرف مهنتهم




من الناس من لا يضيع مناسبة ولا حدثا إلا وتهجم على الصحفيين، ونعتهم بأبشع النعوث، وأقبح الصفات، ولا يجد حرجا في الكشف عن حقده وسوء طويته، متمنيا لو كان يملك من القوة ما يسمح له بجمع صحفيي الوطن في كيس من الخيش النثن ويلقى بهم جميعا في البحر، حتى لا يسمع صوتهم ثانية، ولا تزعجه كتاباتهم وانتقاداتهم، ولا يبقى لهم أثر يذكر…
ومن قدر الصحفيين، أن يتسلط عليهم من لا تربطه بالصحافة الا الخير والإحسان، ومع ذلك، فتجده في كل مكان يتحرك باسم الصحافة، يتسول الإدارات، ويحشر نفسه في كل صغيرة وكبيرة، يرافق الأجهزة التي من المفروض أن تحرص على احترام وتطبيق القانون، فهي من جهتها تلعب دور الحاضنة، و من جهته يتقمص دور ناطقها غير الرسمي، ومتتبع حركاتها وسكناتها، و رفيق مسيرتها المدلل الذي يتحرك وفق توجيهاتها المحددة، تختار من يجيد العزف والتطبيل، ويتمادى في الاطراء والمبالغة والانحياز، ومن يقول فيها ما تخجل أن تقوله هي على نفسها، فمن المبالغة وتفخيم الذات والانبطاح ما يجعل بعضهم يقول ما لم يقله مالك في الخمر،




صنف أخر، من الدخلاء ، مشوهي سمعة الصحافة والصحفيين، اقتحموا الميدان من خلال قنوات “الصرف الصحي” الاجتماعي، وبعض المواقع الإلكترونية فجهزوا آلات تصويرهم، وأقلامهم لإغراق الصفحات بخلق الأحداث، ونشر الإشاعة، والخوض في مواضيع الابتذال والمس بأعراض الناس، وتلفيق التهم، وعدم التحري في نقل الخبر، وما يتلو ذلك من ابتزاز وتمييع حقل الإعلام الشريف.
الكتابة عندهم بضاعة معروضة لمن يدفع أكثر، أو يرغب في تصفية حساباته مع خصومه السياسيين، أو تحصين موقعه وتمديد فترة إقامته في قبة التسيير داخل المجالس المنتخبة، والمسؤوليات المستباحة، فيعمدون الى تكوين شخصيات من ورق، أو فريق متكامل من ” الشلاهبية ” ، يحشرون أنفهم في خصوصيات الناس، ويتصيدون الهفوات، ويوقظون الفتنة، ويزيفون الحقائق، وباختصار تحولوا إلى وسيلة لاخفاء الحقائق والتبرير، والتلاعب بالعقول وفبركة واقع مزيف لا علاقة له بالواقع المعيش، ونقل اللاحقيقة بدلا من الحقيقة.
وقديما قيل، ليس دائما تسلم الجرة، فرب ضارة نافعة، فشراء الدمم، قد يأتي بنتائج عكسية، ويجعل كيد المُضَلّـِلين في نحورهم، لان صناعة الرأي المحلي أو الوطني، لا تتأتى بالزعيق وضرب الأخماس في الأسداس، وإنما بالعمل الملتزم، المعتمد على الدلائل والقرائن، المتشبع بالقيم الإنسانية، والأخلاق الدينية، وبمبادئ حقوق الإنسان ، ومخطئ من يعتقد أن المواطن المغربي سهل خداعه، وإقناعه بصحة المعلومات التي تحبل بها وسائل الإعلام، علما أنه وكما يقول الرئيس ابراهام لنكولن : ” يمكنك أن تخدع كل الناس بعض الوقت، لكن لا يمكنك أن تخدع كل الناس، كل الوقت”.
الحقد والطعن من الخلف

في خضم هذا الخليط غير المتجانس، وما تشهده الساحة من فوضى الصفحات الفيسبوكية، والمواقع الإلكترونية، يكون المتضرر الرئيسي هي صاحبة الجلالة، والصحفيين الشرفاء الذين يجدون أنفسهم مطوقين بلعنة الفساد المستشري في الجسم، محاطين بأصابع الإتهام التي تنفث سمها دون تمييز أو تمحيص. من هؤلاء أيضا من ليس من المدمنين على شراء الصحف والمجلات، ولا من قراء المقالات على المواقع الإلكترونية، ولا من عشاق الإداعة والتلفزة، ولا من النقاد والعارفين بالمجال الإعلامي، ولا ممن تربطه ببعض الصحفيين صلة ، فيتطاول علىهم، ويرميهم بقذائف الهاون، وصواريخ الكورنيت، وحين تحاول الإمساك بالخيوط لمعرفة أسباب الحقد الدفين، تتخبل الخيوط ، وتتخبط الأفكار، وتختل الموازين، وتنتهك الحرمات ظلما وعدوانا، وفي الأخير، تضيع في دروب التفاهة، ولن تعثر على الدليل القاطع الذي يحملك على فهم حقيقة ذلك الحقد، وسر ديمومته وتحوله إلى مرض مزمن.

لا أود أن يفهم من خطابي أنني أزكي الصحفيين، وأعتبرهم ملائكة لا يعصون المجتمع ما أمرهم، وفي ذات الوقت لا اعتبرهم شياطين الإنس المغضوب عليهم، الصحفيون هم أبناء هذا المجتمع، فيهم الصالح ، وفيهم الطالح، فيهم الشرفاء الغيورين على الوطن، المكتوين بهمومه ، المتفانين في الإخلاص له، وفيهم من لا يصلح لنفسه، وبالأحرى أن يصلح لمجتمعه، فيهم من يغرق في النعم حد الثخمة، وفيهم من يعاني الفاقة والعوز، خاصة أصحاب المقاولات الصحفية الحديثة العهد، والصحافة الجهوية المحرومة من الإشهار والدعم،
من الصحفيين أيضا من تشتري ضميره بفتات الخبز، ومنهم من لا يباع ولا يشترى ولا يخشى لومة لائم في الصدع بالحقيقة، وهذه سنة الحياة يتصارع فيها منذ الأزل الشر والخير ، وأي فعل بشري كيف ما كان له دافع إما خير وإما شر، وقد تتضارب المصالح، فيجد البعض في المعلومة خير، لأنها مثلا تفضح فسادا معينا، أو تناصر مظلوما ، أو تتماشى مع قناعته ومصالحه، ويرى فيها آخر اعتداء وتظلما وافتراء ، وبالتالي، فيستحيل إرضاء الناس جميعا ، والعمل وفق قناعتهم ورغباتهم وميولاتهم…
في ظل هذا الواقع البئيس، هل ما زلنا نفتخر بأننا نمارس مهنة شريفة ، تحمل على عاتقها أمانة القلم، وهموم المجتمع وحقه في المعلومة الصحيحة، هل فعلا مات الجهل بميلاد الصحافة، ما يمنع من تفعيل ميثاق أخلاقيات المهنة والضرب على يد الأشخاص الذين يلوثون سمعتها كل يوم، ويشوهون رسالتها النبيلة في كل حين، استحضر كلمة توماس جيفرسون الشهيرة التي قال فيها : (لو أنني خيرت بين أن تكون لدينا حكومة بدون صحافة أو صحافة بدون حكومة لما ترددت لحظة في تفضيل الخيار الثاني)
ورغم ذلك كله، ما زالت القناعة حاضرة بوجود أصوات وضمائر حرة لن تنال منها الشتائم، ولن تطوي صفحتها المؤامرات وما يحاك ضدها في الأروقة المظلمة، ما زال فيها من يدافع عن شرف المهنة، وأخلاقياتها، وما زال الأمل كبيرا في أن يتحرك المجلس الوطني للصحافة والنيابة العامة وكل الجهات المعنية للحد من التسيب والفوضى وما يجري من جرائم باسم الصحافة، والصحافة بريئة مما ينسب إليها براءة الذئب من دم يوسف.

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير