عثرة أخرى (كي لا نقول شيئا آخر)، جاءت لتؤكد لنا أن دبلوماسيتنا ليست بخير، وما يراد لنا أن نحتفل به من إنجازات يراها البعض خارقة ليس صحيحا ولا يعدو أن يكون ضربا من الوهم.
شخصيا لم يقنعني شبه البلاغ الذي صدر أول أمس عن وكالة المغرب العربي، ولم أجد سبيلا إلى هضمه ولا استيعابه رغم تقليب الموضوع والبحث عن تفاصيله هنا وهناك (بالأحرى هنالك أما هنا فلا وقت لديهم لتقديم التفاصيل).
أولا وقبل أي تناول لموضوع اجتماع البريكس المرتقب اليوم في جنوب أفريقيا، لابد من تسجيل “التكرفيس” الذي مارسه مسؤولولنا علينا، والتضليل المفضوح الذي تورطوا فيه. أنا لا ألوم بتاتا ونهائيا وسائل الإعلام المغربية التي انخرطت على مدى أكثر من أسبوع في تحليل وتفسير فكرة طلب العضوية في البريكس. لا أتحدث عن هواة الطبل بسبب أو بدونه، بل أقصد المنابر الإعلامية التي تناولت بما ينبغي من غزارة وتنوع موضوعا مثل هذا، لأننا كنا أمام معلومة ذات مصدر رسمي وتتمتع بكامل عناصر الصحة.
معلومة رسمية لأنها صدرت عن وزيرة العلاقات الدولية والتعاون لدولة جنوب أفريقيا، وذلك خلال ندوة صحافية رسمية نظمتها يوم 7 غشت، نعم يوم 7 غشت، أي قبل أسبوعين من اليوم، وقالت فيها أمام حشد من الصحفيين من مختلف منابر ودول العالم، إن المغرب من الدول التي عبرت عن رغبتها في الانضمام إلى البريكس.
منذ ذلك اليوم ووسائل الإعلام الدولية والإقليمية والوطنية تتحدث عن الموضوع وتقلبه وتسائله، وعن حق وبسند من مهنية اعتبرته معنى صحيحا ورسميا، وهو فعلا كذلك، بما أن مؤسسات الدولة المغربية لم تعترض ولم تصرح ولم تسرب ما يناقض ذلك. نحن في هذه الحالة أمام سلوك دول، وزيرة صرحت في ندوة صحافية هناك ودولة تفرجت وصمتت هنا.
لا يمكن ولا يعقل ولا يتخيل حتى من باب السخرية والمزاح، أن دولة ذات مؤسسات ولها تدبير جدي، من الجدية التي تحدث عنها خطاب العرش، تراقب إعلانا من هذا الحجم ولا تتفاعل معه بالقليل أو الكثير.
لا يعقل في عصر الانترنت والفضاء والسماء المفتوحة، أن وزارة للخارجية وكل ما تحتها وما حولها من مؤسسات وإدارات وجيوش من الموظفين والإمكانيات والأموال، لم تستيقظ للتفاعل مع إعلان من هذا الحجم، إلا بعد مرور أسبوعين تقريبا، ولتقول ماذا؟ لتقول من ثقب الباب (بدعة المصدر المأذون) إن الدولة المعنية بهكذا إعلان لم تقدم طلبا للعضوية!
آ سبحان الله! أهكذا تدبر شؤون ومصالح المغاربة؟ أ هذه هي قيمة من يدفعون لكم الضرائب لديكم؟
هل يرفع القائمون على دبلوماسيتنا رؤوسهم بين الحين والآخر ليشاهدوا عمل الناطقين باسم خارجية الدول التي تحترم مواطنيها؟ هل يتابعون حسابات وزراء الخارجية عبر تويتر؟ هل يتابعون اللقاءات المنتظمة مع الصحافة؟ موحااال!
تعالوا ننتقل إلى المضمون، قال حقا ما حقا، ردا على بعض وسائل الإعلام! لا يا وزارة بوريطة، الذي تحدث هو وزيرة في دولة تعتبر “رئيسة” لمنظمة بريكس، وليست وسائل إعلام. الذي تحدث هو مسؤولة رسمية تمثل دولتها، في لقاء رسمي وبمناسبة اجتماع دولي، فلماذا تستيقظون اليوم للرد على… وسائل الإعلام؟
ثم فجأة ينطلق الضرب في جنوب أفريقيا، لماذا؟ صراحة لا نفهم. قال المصدر المأذون إن جنوب أفريقيا أبدت دائما عدوانية مطلقة تجاه المملكة.
الله أكبر.
جنوب أفريقيا دولة لها سياسة داعمة لجبهة البوليساريو، في إطار اختيارها السيادي والمحور الذي تشكله إلى جانب الجزائر في أفريقيا وعجزنا عن إخراجها منه، لكننا منذ زمن اخترنا العمل على تغيير موقفها تدريجيا واعتمدنا السفراء لديها وأبرمنا صفقة المليار دولار مع رأسمالها الخاص الذي منحناه شركة كبرى للتأمينات… كيف نصبح اليوم فجأة أمام “عدوانية مطلقة” و”دائما”؟
وسرعان ما يكشف المصدر المأذون عن مربط الفرس في خروجه هذا، حين يشير إلى دعوة جنوب أفريقيا للعديد من الدول و”الكيانات”، بمعنى أن المقصود من هذه الخرجة هو إقناع الرأي العام المغربي أننا سنغيب عن اجتماع دولي هام.. بسبب حضور البوليساريو.
تصريحات المصدر “المأذون” تحمل تناقضاتها بنفسها، حين تقول إن المغرب يرتبط بعلاقات ثنائية هامة وواعدة وشراكات استراتيجية” مع الأعضاء الأربعة الآخرين في مجموعة البريكس، أي الصين وروسيا والهند والبرازيل.
كيف تكون هذه العلاقات والشراكات استراتيجية وهي لا تسعفنا في انتزاع حضور مشرف في الاجتماع؟ وهل يعقل أن دولة تضحي بعلاقات هامة وواعدة واستراتيجية بسبب دولة “هامشية” في المجموعة و”كيان”؟ ثم إلى متى سيستمر هذا “الكيان” في طردنا من اجتماعات ولقاءات دولية هامة وحيوية لمصالحنا؟ ولماذا بالأمس القريب حضرنا اجتماعا للاتحاد الأوروبي بمشاركة “الكيان”؟ ولماذا عدنا أصلا إلى الاتحاد الأفريقي الذي نجالس في كل اجتماعاته هذا الكيان وهو يرفع علمه الخاص؟
هناك عطب كبير في الدبلوماسية المغربية، لا تكفي الصفقة “الابراهيمية” لإخفائه مهما تضخمت مكاسبها. ومثلما صفقنا وقلنا “مبروك العيد” عندما قُدم لنا الاعتراف الاسرائيلي بمغربية الصحراء على أنه إنجاز دبلوماسي، علينا أن نقول أيضا إن ما حصل في علاقة بقمة بريكس يحملنا على الاعتقاد أننا بصدد دفع ثمن باهظ من مصالحنا واستقلالية قرارنا السيادي.
والمصدر المأذون إذا لم يكن تعبيرا عن ضغوط أو ابتزاز تعرضت له بلادنا من جانب “حلفائها” الغربيين، فعليه أن يشرح لنا لماذا دخل في غيبوبة دامت قرابة أسبوعين، ترك خلالها صحافة العالم وصحافة البلاد ورأيها العام الوطني، يناقش خطوة ساهم سلوك المسؤولين في تأكيد صحتها؟
لقد قلتها سابقا وأكررها، إن قضيتنا الوطنية الأولى عادلة، وجبهتنا الداخلية قوية ومتماسكة، لكن أداءنا الدبلوماسي ضعيف، والجزائر ذات الأطماع غير المشروعة، تحاصرنا وتسحب البساط من تحت أقدامنا، بلعبها على حبال التحولات الكبرى التي يعرفها العالم، بينما نبدو نحن كما لو سلمنا مفاتيح قدرنا لمن لن يعبأ بنا أو يرحمنا في لحظة الحسم.
شخصيا لم يقنعني شبه البلاغ الذي صدر أول أمس عن وكالة المغرب العربي، ولم أجد سبيلا إلى هضمه ولا استيعابه رغم تقليب الموضوع والبحث عن تفاصيله هنا وهناك (بالأحرى هنالك أما هنا فلا وقت لديهم لتقديم التفاصيل).
أولا وقبل أي تناول لموضوع اجتماع البريكس المرتقب اليوم في جنوب أفريقيا، لابد من تسجيل “التكرفيس” الذي مارسه مسؤولولنا علينا، والتضليل المفضوح الذي تورطوا فيه. أنا لا ألوم بتاتا ونهائيا وسائل الإعلام المغربية التي انخرطت على مدى أكثر من أسبوع في تحليل وتفسير فكرة طلب العضوية في البريكس. لا أتحدث عن هواة الطبل بسبب أو بدونه، بل أقصد المنابر الإعلامية التي تناولت بما ينبغي من غزارة وتنوع موضوعا مثل هذا، لأننا كنا أمام معلومة ذات مصدر رسمي وتتمتع بكامل عناصر الصحة.
معلومة رسمية لأنها صدرت عن وزيرة العلاقات الدولية والتعاون لدولة جنوب أفريقيا، وذلك خلال ندوة صحافية رسمية نظمتها يوم 7 غشت، نعم يوم 7 غشت، أي قبل أسبوعين من اليوم، وقالت فيها أمام حشد من الصحفيين من مختلف منابر ودول العالم، إن المغرب من الدول التي عبرت عن رغبتها في الانضمام إلى البريكس.
منذ ذلك اليوم ووسائل الإعلام الدولية والإقليمية والوطنية تتحدث عن الموضوع وتقلبه وتسائله، وعن حق وبسند من مهنية اعتبرته معنى صحيحا ورسميا، وهو فعلا كذلك، بما أن مؤسسات الدولة المغربية لم تعترض ولم تصرح ولم تسرب ما يناقض ذلك. نحن في هذه الحالة أمام سلوك دول، وزيرة صرحت في ندوة صحافية هناك ودولة تفرجت وصمتت هنا.
لا يمكن ولا يعقل ولا يتخيل حتى من باب السخرية والمزاح، أن دولة ذات مؤسسات ولها تدبير جدي، من الجدية التي تحدث عنها خطاب العرش، تراقب إعلانا من هذا الحجم ولا تتفاعل معه بالقليل أو الكثير.
لا يعقل في عصر الانترنت والفضاء والسماء المفتوحة، أن وزارة للخارجية وكل ما تحتها وما حولها من مؤسسات وإدارات وجيوش من الموظفين والإمكانيات والأموال، لم تستيقظ للتفاعل مع إعلان من هذا الحجم، إلا بعد مرور أسبوعين تقريبا، ولتقول ماذا؟ لتقول من ثقب الباب (بدعة المصدر المأذون) إن الدولة المعنية بهكذا إعلان لم تقدم طلبا للعضوية!
آ سبحان الله! أهكذا تدبر شؤون ومصالح المغاربة؟ أ هذه هي قيمة من يدفعون لكم الضرائب لديكم؟
هل يرفع القائمون على دبلوماسيتنا رؤوسهم بين الحين والآخر ليشاهدوا عمل الناطقين باسم خارجية الدول التي تحترم مواطنيها؟ هل يتابعون حسابات وزراء الخارجية عبر تويتر؟ هل يتابعون اللقاءات المنتظمة مع الصحافة؟ موحااال!
تعالوا ننتقل إلى المضمون، قال حقا ما حقا، ردا على بعض وسائل الإعلام! لا يا وزارة بوريطة، الذي تحدث هو وزيرة في دولة تعتبر “رئيسة” لمنظمة بريكس، وليست وسائل إعلام. الذي تحدث هو مسؤولة رسمية تمثل دولتها، في لقاء رسمي وبمناسبة اجتماع دولي، فلماذا تستيقظون اليوم للرد على… وسائل الإعلام؟
ثم فجأة ينطلق الضرب في جنوب أفريقيا، لماذا؟ صراحة لا نفهم. قال المصدر المأذون إن جنوب أفريقيا أبدت دائما عدوانية مطلقة تجاه المملكة.
الله أكبر.
جنوب أفريقيا دولة لها سياسة داعمة لجبهة البوليساريو، في إطار اختيارها السيادي والمحور الذي تشكله إلى جانب الجزائر في أفريقيا وعجزنا عن إخراجها منه، لكننا منذ زمن اخترنا العمل على تغيير موقفها تدريجيا واعتمدنا السفراء لديها وأبرمنا صفقة المليار دولار مع رأسمالها الخاص الذي منحناه شركة كبرى للتأمينات… كيف نصبح اليوم فجأة أمام “عدوانية مطلقة” و”دائما”؟
وسرعان ما يكشف المصدر المأذون عن مربط الفرس في خروجه هذا، حين يشير إلى دعوة جنوب أفريقيا للعديد من الدول و”الكيانات”، بمعنى أن المقصود من هذه الخرجة هو إقناع الرأي العام المغربي أننا سنغيب عن اجتماع دولي هام.. بسبب حضور البوليساريو.
تصريحات المصدر “المأذون” تحمل تناقضاتها بنفسها، حين تقول إن المغرب يرتبط بعلاقات ثنائية هامة وواعدة وشراكات استراتيجية” مع الأعضاء الأربعة الآخرين في مجموعة البريكس، أي الصين وروسيا والهند والبرازيل.
كيف تكون هذه العلاقات والشراكات استراتيجية وهي لا تسعفنا في انتزاع حضور مشرف في الاجتماع؟ وهل يعقل أن دولة تضحي بعلاقات هامة وواعدة واستراتيجية بسبب دولة “هامشية” في المجموعة و”كيان”؟ ثم إلى متى سيستمر هذا “الكيان” في طردنا من اجتماعات ولقاءات دولية هامة وحيوية لمصالحنا؟ ولماذا بالأمس القريب حضرنا اجتماعا للاتحاد الأوروبي بمشاركة “الكيان”؟ ولماذا عدنا أصلا إلى الاتحاد الأفريقي الذي نجالس في كل اجتماعاته هذا الكيان وهو يرفع علمه الخاص؟
هناك عطب كبير في الدبلوماسية المغربية، لا تكفي الصفقة “الابراهيمية” لإخفائه مهما تضخمت مكاسبها. ومثلما صفقنا وقلنا “مبروك العيد” عندما قُدم لنا الاعتراف الاسرائيلي بمغربية الصحراء على أنه إنجاز دبلوماسي، علينا أن نقول أيضا إن ما حصل في علاقة بقمة بريكس يحملنا على الاعتقاد أننا بصدد دفع ثمن باهظ من مصالحنا واستقلالية قرارنا السيادي.
والمصدر المأذون إذا لم يكن تعبيرا عن ضغوط أو ابتزاز تعرضت له بلادنا من جانب “حلفائها” الغربيين، فعليه أن يشرح لنا لماذا دخل في غيبوبة دامت قرابة أسبوعين، ترك خلالها صحافة العالم وصحافة البلاد ورأيها العام الوطني، يناقش خطوة ساهم سلوك المسؤولين في تأكيد صحتها؟
لقد قلتها سابقا وأكررها، إن قضيتنا الوطنية الأولى عادلة، وجبهتنا الداخلية قوية ومتماسكة، لكن أداءنا الدبلوماسي ضعيف، والجزائر ذات الأطماع غير المشروعة، تحاصرنا وتسحب البساط من تحت أقدامنا، بلعبها على حبال التحولات الكبرى التي يعرفها العالم، بينما نبدو نحن كما لو سلمنا مفاتيح قدرنا لمن لن يعبأ بنا أو يرحمنا في لحظة الحسم.