HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

أحزاب المعارضة العائلية


محمد لعبيدي
الثلاثاء 12 مارس 2024




أحزاب المعارضة العائلية
فجر التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات حول الدعم الإضافي المقدم للأحزاب لتغطية المصاريف المترتبة على المهام والأبحاث والدراسات، نقاش سياسي كبير، بلغ حد تقديم شكايات إلى النيابة العامة لتحقيق في تفاصيل صرف هذا الدعم، من طرف جمعيات حماية المال العام، التقرير الذي فضح تلاعبات الأحزاب بهذا الدعم المؤدى من المال العام، خاصة أن الأحزاب المعنية بالتقرير، تعاطت باستعلاء مع التقرير بدل الرد على ما جاء فيه بحجج دامغة، تبرأ ذمتها ، فضلت الكيل بمكيالين وتوجيه اتهامات لا أساس لها من الصحة للمجلس الأعلى للحسابات ولرئيسته في معركة فادحة للهروب إلى الأمام وتهريب النقاش وتحويره، مستندة في ذلك على حجم المبالغ التي صرفتها، كونها بسيطة بتعبير بن كيران مولى سبعة الملايين، والتي تعد بملايين الدارهم، في الوقت الذي لا يجد فيه المواطن ما يكفيه من المال لشراء قفة كاملة لأبنائه.
وجاء في التقرير أن حزب إدريس لشكر حول مبلغ الدعم العمومي المقدر بحوالي 200 مليون سنتيم، لمكتب دراسات MELA STRATEGIE ET CONSEIL ، الذي أسسه نجله إلى جانب عضوي المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، قبيل التوصل بمبلغ الدعم بأسابيع، لإنجاز 23 دراسة في مجالات متعددة، غير أنه لم يقدم للمجلس ما يفيد بإنجاز هذه الدراسات، واكتفى بتقديم مجرد أوراق لا تستند على أي أساس علمي، وهو ما يوضح حجم المأزق الذي سقط فيه الاتحاد الاشتراكي وزعيمه ونجله وعضوي المكتب السياسي.

الاتحاد الاشتراكي الذي خرج مؤخرا يبشر بتقديم ملتمس لرقابة لإسقاط الحكومة، لنكتشف مع صدور التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، أنه في الحقيقة هو من يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى ملتمس رقابة داخلي، لإسقاط التلاعبات في تدبير ماليته المحصلة من الدعم العمومي بشكل شفاف أمام أعضاء المدرسة الاتحادية، ما سايقاتش دارها ومشات تسيق باب الجامع كما يقول المغاربة.

بدوره حزب العدالة والتنمية، لم ينجو من سياط العدوي، وتقريرها الذي تحطمت عليه جميع شعارات الأخ الكبير بن كيران، الذي صار يفتي هذه الأيام في الحلال والحرام، ويستشهد بلاعب الكرة كريستاينو رونالدو، لتزكية أقواله، غير أن تقرير العدوي أعاد عقارب الساعة إلى زمن الصفر لدى بن كيران وما تبقى من جماعته، وكشف ما أخفاه بن كيران عن إخوانه ، حيث أقر التقرير بتقديم حزب العدالة والتنمية غنيمة الدعم الإضافي المقدم للأحزاب لتغطية المصاريف المترتبة على المهام والأبحاث والدراسات، إلى المقربين لابن كيران، حيث تعاقد الحزب مع مكتب الدراسات SDT CONSULTING، وهو المكتب الذي يمكله سليمان العمراني نائب الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، وتعاقد كذلك مع مصطفى الخلفي الوزير السابق، وشبيبة الحزب ومكتب استشاري وشركة أخرى.

في مجمل القول نحن إزاء منظومة متطورة للاستنزاف المالية العمومية، بشكل متحور، وإذ كانت بلادنا دخلت مرحلة جديدة، ومتقدمة في محاربة الفساد، فكيف يمكنها أن تكسب رهان محاربته، إذ كانت بعض الأحزاب تكرسه بشكل أو بأخر، في تناقض فادح مع توجهات بلادنا.

فنحن أمام كيانات سياسية ترسخت لديها فكرة اغتنام المال العام والاغتناء على حسابه، وبدل استثمار الدعم العمومي الإضافي لانجاز دراسات والتفكير في تقديم حلول لإشكالات المجتمع (البطالة في صفوف الشباب، الماء ، التحديات التكنولوجية……)، تصر هذه الأحزاب، على إعادة إنتاج أساليب من الزمن البائد، وإعادة تدوير الفساد وإنتاجه، والعجب أنها أقامت الدنيا ولم تقعدها ضدا في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي فضح جزءا من ممارسات قادتها، التي تقدم نفسها بديلا، أليست معارضة اليوم هي أغلبية في طور التشكل، كما يقولون، غير أن معارضتنا في المغرب هي معارضة في طور الاندثار على اعتبارها مجرد تكتلات منفعية وعائلية بامتياز.

في نهاية صارت بعض الأحزاب عبئا ثقيلا على الديمقراطية المغربية، عبئا على المغاربة، لأنها تضمن استمراريتها، من ما تحصله من الدعم العمومي، الذي يحول إلى حساباتها من المال العام المحصل عليه من دافعي الضرائب، خاصة أن عائدات الانخراط بالأحزاب، تكاد تتجاوز الصفر بقليل، فأين تتجسد هذه الأحزاب قاعديا ومجتمعيا؟.

وصارت عبئا على الدولة، حيث أنها تسير عكس توجهات البلاد، في الوقت الذي تشن الدولة حربا لا هوادة على الفساد تكرسه بعض الأحزاب، سواء باحتضانها للفاسدين، أو بتلاعبها بالدعم العمومي، وغيرها من الممارسات، التي زادت من بعد المغاربة عن ممارسة السياسية.

ومنه لا بد من إعادة النظر في مسألة الدعم العمومي للأحزاب، كما هو الشأن في الدول الغربية، حيث تعتمد الأحزاب على نفسها وعلى أعضائها ومنتسبيها ومتعاطيفها، بشكل شفاف، وهذا الأمر من شأنه أن يحسن من أداء الفاعل السياسي الحزبي المغربي، حيث سيكون ملزما على تقديم أطروحة سياسية تنافسية، إلى جانب الاحتكام إلى الشفافية والديمقراطية في الشؤون الداخلية، ما سيساهم لا محالة في تطوير صرح ديمقراطي يكون محوره المصلحة العامة، وليس المصالح الشخصية كما هو الحال اليوم.


         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير