HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

عندما كان المكتب الشريف للفوسفاط صندوقا اسودا بامتياز


م. الحلالي/ فضاء الحوار
الثلاثاء 16 أبريل 2013




عندما كان المكتب الشريف للفوسفاط صندوقا اسودا بامتياز
في السابق كان اسم المكتب الشريف للفوسفاط حاضرا بقوة ، بشكل أو بآخر ، في مختلف النقاشات المهتمة بنهب و هدر المال العام ، علما أن الجميع أقر الآن بأن بلادنا عانت على امتداد اربعة عقود من نهب ممنهج للثروات الوطنية في ظل سيادة غياب الرقابة و الافلات من المساءلة . قد مست هذه الظاهرة مختلف المؤسسات العمومية و شبه العمومية . و مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط لم تكن خارج الدائرة و انما في محورها ، اذ شكلت صندوقا اسودا بامتياز تصرف فيه اكتر من، كل بطريقته الخاصة. و الملفت للنظر هو أنه لم يسبق الاهتمام الكافي بالكشف عما طاله من نهب و هدر للمال العام ، و هي المؤسسة العمومية المتحكمة في أهم ثروة وطنية ، التي عولت عليها البلاد لإرساء اسس التنمية منذ الحصول على الاستقلال في منتصف خمسينيات القرن الماضي . و اعتبار لكون مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط ظلت تضطلع بمهمة تدبير أهم ثروة طبيعية وطنية في ملك الشعب تقوم بإدارتها الدولة ، فانه من حق المواطن أن يتساءل عن مآل الاموال المجنية منها و وجوه استعمالها و طرق صرفها.
إن المكتب الشريف للفوسفاط من المؤسسات العمومية التي تعرضت ، منذ الاستقلال ، إلى نهب و هدر المال العام بالرغم من أننا لم نسمع عن مساءلة أي مسؤول سابق بهذا الخصوص ، لقد تعاقب على هذا المكتب اشخاص مارسوا الرشوة و المحسوبية و اختلاس و نهب المال العام ، و بذلك اقترفوا جرائم اقتصادية في حق الشعب المغربي باعتبار أن الامر يهم أهم ثروة وطنية ، الفوسفاط فقد ظلوا يعاينون البلاد و هي في ادنى مراتب سلم التنمية و في المواقع المتقدمة بخصوص استشراء الفساد و تغلغل الرشوة و انتشار الفقر و التهميش و الاقصاء. وبعض هؤلاء بالأمس عوضوا مفهوم التنمية الاقتصادية و مؤشراتها بتنمية ارصدتهم البنكية و تنمية مصالحهم بالداخل و الخارج ، ولم تحرك اي جهة ساكنا . هؤلاء و غيرهم اعتبروا ، على امتداد سنين طويلة ، المكتب الشريف للفوسفاط بمثابة صندوق أسود خاص بهم يتصرفون فيه كما يحلو لهم ، كالمالك في ملكه دون حسيب ولا رقيب.
نعم ، سيكون من الصعب التوصل الى معطيات دقيقة ، نظرا لان عمليات النهب و الهدر بالمكتب الشريف للفوسفاط تمت في ظروف غاب فيها أي نوع من المراقبة، و حتى لو تم الوقوف على بعضها سيبقى من الصعب بمكان تقدير حجمها ، ما دام أن هذه المؤسسة كانت صندوقا اسودا بعيدا عن الاضواء ، و ذلك رغم أنها من المؤسسات التي دأبت على نشر حساباتها سنويا . و حسب أحد المصادر المطلعة ، منذ بداية سنة 2006 ، علم القصر الملكي بالوضعية التي تعيشها مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط و في فبراير 2006 ، بدا الغضب جليا على الملك محمد السادس ، و في نفس الشهر تم تعويض مراد الشريف بمصطفى التراب الذي نودي عليه من واشنطن ، حيث كان يشغل منصبا رفيعا بالبنك الدولي .
و قد سبق لأكثر من مصدر أن نهب مبالغ هامة و تبذير اموال طائلة في الحفلات و الاسفار و المناسبات و الخدمات الصورية ، ناهيك عن الاجور و التعويضات الخيالية التي توصل بها جملة من المسؤولين بالمكتب التي تتعدى في الحد الادنى 30 مليون سنتيما وقد يصل احداها الى 100 مليون سنتيما ، كما سبق أن تم تقديم رقم 10 مليار درهم من طرف جهة نهبت في فترة تاريخية معينة ، علما أن مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط تتصرف في ميزانية ضخمة ، لا مثيل لها في أي مؤسسة عمومية أخرى ، اعتبارا لاحتكار مكتبها الشريف تدبير أهم ثروة وطنية.
لقد استفاد من نهب و هدر انال الذي طال المكتب ، ثلة من الاشخاص الذين كانوا يستفيدون اصلا في منفه ظن من اجور "طيطانكة " قدرت بالملايين و من عدة امتيازات اخرى ، كامتياز " البرستيج" الذي كان يكلف مالية المكتب اموالا طائلة . وساد هذا الوضع و استشرى في ظل غياب المراقبة ، القبلية منها و البعدية ، علما أن المكتب مؤسسة عمومية من المفروض أن تكون تحت مراقبة الدولة.
و من المفارقات الغريبة ، انه بموازاة مع نهب و هدر المال العام الذي طال مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط ، فانها تقوم بمبادرات اجتماعية ، منها ما وضعها القائمون عليها تحت عنوان "سياسة المواطنة المنتهجة من طرف المكتب " ملايير نهبت و ملايير اهدرت سنويا ، و المكتب يبادر بتوزيع بعض المواد الغذائية على اسر معوزة في بعض المناطق المجاورة للمدن الفوسفاطية ، و تتكون هذه المواد من الدقيق و السكر و الزيت و الشاي ، و بعدها تنشر بلاغات تختتم مرارا بعبارة : "وقد خلفت هذه الاعلانات كسابقاتها ارتياحا و اثر طيبا في نفوس المستفيدين و كافة السكان بشكل عام".
ففي غضون شهر نوفمبر 2006، أكد أكثر من مصدر أنه تم تكليف شركات أجنبية للقيام بتدقيق حسابات المجموعة ، و قيل آنذاك إن انجليزيين و فرنسيين تكلفوا بهذه المهمة ، و مرد ذلك انه تم كشف ثقب اسود نزفت منه ملايير على امتداد سنوات.
و من النقط السوداء التي بدأت تتناسل بخصوصها عدة تساؤلات في المضمار :
مكتب باريس
الصفقات المرتبطة ببيع الفوسفاط الخام و الحامض الفوسفوري .
مصالح المشتريات الدولية و الوطنية و المحلية .
الصفقات العالمية للصيانة و اشغال الصيانة الوطنية و المحلية.
عقود الخدمات المقدمة للمكتب من طرف الاوراش المحلية . المصالح الاجتماعية على الصعيد المركزي و الجهوي و المحلي.
إن بعض العاملين بالمكتب سابقا ، خلقوا شركات بالخارج ، الجزء الكبير من رقم معاملاتها تحققه من خلال تعاملاتها مع المكتب ، علما أن هذا الارتباط تقوى منذ عهد كريم العمراني . فكيف كان يتم نهب الاموال؟
من الاساليب المتتبعة و التي ساهمت في التغطية عن نهب وهدر المال العام بالمكتب ، ابرام صفقات على هامش القانون ، مع شركات بعينها ظلت مرتبطة بالمكتب منذ سنوات . و كذلك التعاقد الضمني بالتراضي بخصوص صفقات تهم ملايير الدراهم على امتداد أكثر من 10 سنوات . و تفويت الاشغال عن طريق التراضي ايضا عوض اعتماد المسطرة المتعارف عليها . هذه الاساليب و غيرها أدت الى إثراء جملة من الاشخاص بطريقة غير مشروعة ، و اصبحوا الان من ذوي الثروات العالمية و اصحاب شركات ، مقرها بالخارج ، و ظلوا على علاقة بالمكتب الشريف للفوسفاط " ولي نعمتهم" ، سواء في مجال الوساطة في تسويق الفوسفاط و المنتوجات المصدرة أو في مجال الصيانة و التزويد بالمعدات و الاليات.
و من " المناطق السوداء" التي تناسلت في إطارها عدة تساؤلات ، المصالح الاجتماعية للمكتب التي أشار الكثيرون إلى تداعيات التلاعب باعتماداتها الاجتماعية و الرياضية و الثقافية.
و قد شكل مكتب باريس التابع للمكتب الشريف للفوسفاط صندوقا أسودا مستقلا بداته. و قد لف غموض كثيف حساباته عل امتداد سنوات طويلة الشيء الذي ساهم في تغليف التعاطي للرشوة و التواطؤ و هدر المال العام بخصوص بيع الفوسفاط بأثمنة بخسة لبعض الشركات بعينها ، تديرها عائلة كان أحد أفرادها يعمل سابقا بالمكتب المذكور . و صرح لنا أحد العارفين بخبايا أمور المكتب الشريف للفوسفاط ، انه بالأمس ، و على امتداد سنوات طويلة ، ظلت الادارة المركزية للمكتب كواجهة ، آنذاك كان على رأسه أحد الفرنسيين يدعى "دافوفيل"، و كان قائما على أمور المالية أحد اليهود، و كانت تربطه علاقة متينة مع جملة من الشركات من ضمنها الشركة الالمانية "كروب" الذائعة الصيت ، و كان مكتب باريس يتحكم عن قرب في مختلف أليات التسويق و الدواليب المالية مع زبنائه بفرنسا و المانيا و الولايات المتحدة الامريكية .
و من الامور التي اثارت جملة من التساؤلات ، الصناديق السوداء التي ظل يتصرف فيها مكتب باريس و التي همت مبالغ مالية لا يعلم قدرها إلا الله ، غير مثبتة في الوثائق المحاسباتية المتعارف عليها ، علما أن مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط تعتمد أحدث المناهج و التقنيات في مجال الحسابات المالية و الشؤون المحاسباتية و تتوفر على احسن الكوادر المغربية في هذا الاختصاص.

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

الاربعاء 10 ديسمبر 2025 - 17:07 بيـــــــــــــــــــــــــــان

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير