لم تعد الكوارث الطبيعية تُقاس فقط بكمية الأمطار أو قوة الرياح، بل بمدى جاهزية الدولة والمدينة لمواجهتها. ما حدث في آسفي ليس “قضاءً وقدراً” بقدر ما هو نتيجة مباشرة لتراكم سنوات من الإهمال، وسوء التخطيط، وغياب المحاسبة.
ففي مدينة ساحلية تعرف تاريخياً هشاشة بنيتها التحتية أمام التساقطات القوية، تحوّلت أمطار لساعات قليلة إلى فيضانات قاتلة، جرفت الأرواح والمنازل والطرقات. السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: لماذا لم تكن المدينة مستعدة؟
شبكات صرف صحي غير مؤهلة، قنوات مسدودة، توسّع عمراني في مجاري المياه الطبيعية، ومشاريع تُعلن أكثر مما تُنجز. كلها عناصر تجعل من الكارثة حدثاً “متوقعاً”، لا مفاجئاً. ومع ذلك، تتكرر المأساة بنفس السيناريو: تدخل بعد فوات الأوان، وبيانات تعزية، ثم صمت.
إن مساءلة المنتخبين المحليين، ومكاتب الدراسات، والجهات الوصية على التخطيط الحضري، لم تعد ترفاً سياسياً، بل ضرورة أخلاقية. فالأرواح التي فُقدت ليست أرقاماً في بلاغ رسمي، بل ضحايا نظام لم يستثمر بما يكفي في الوقاية.
كارثة آسفي تضع الدولة أمام اختبار حقيقي: إما فتح تحقيقات شفافة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، أو الاستعداد لتكرار المأساة في مدينة أخرى.









