HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة
تصفحوا العدد 328 من جريدة حقائق جهوية الكترونيا pdf






هل الحل السياسي للصراع في سوريا كاف لرتق ما مزقته الحرب ؟


ابراهيم السروت
الثلاثاء 5 مارس 2013




هل الحل السياسي للصراع في سوريا كاف لرتق ما مزقته الحرب ؟
هل أصبح الحل السياسي للصراع في سوريا بمثابة علاج متأخر لمريض شارف على الموت؟ لقد أرجأت الأطراف المتناحرة فكرة اللجوء إلى الحوار إلى أن تأكدت من أن الطريق التي تمشي فيها ستكون طويلة وما من إشارة توحي ببارقة أمل. فعلى الأرض صار واضحا أن أحدا من تلك الأطراف ليس في إمكانه أن يحسم الصراع لصالحه. لا الحكومة قادرة على القضاء على ما تسميه بالجماعات المسلحة ولا قوات المعارضة قادرة على أن تعلن ظفرها من خلال إسقاط النظام الحاكم في دمشق. صارت تلك العقدة المستعصية تعبر عن نفسها من خلال معارك يغلب عليها طابع الكر والفر. تستولي قوات المعارضة على مكان لتسحقها القوات الحكومية فتستولي على مكان جديد وتُسحق لتظهر مرة أخرى في مكان آخر وهكذا. دائرة نار مغلقة على نفسها، وقودها الناس والحجارة ومعهما القيم والتاريخ والأخلاق والمستقبل والثروات.عداد القتلى لم يتوقف. المجازر التي ارتبكت ببشاعة ذهبت بالجميع إلى الحضيض. لقد توزعت الاتهامات بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية بين الجميع. لم يكن هناك طرف أفضل من الآخر. لذلك فإن اللغة المتشائمة لا يمكن إخفاؤها حين يتعلق الحديث بالحل السياسي. فمَن يحاور مَن بعد أكثر من سبعين ألف قتيل، معظمهم من المدنيين الذين تبين ألا مصلحة لهم في تلك الحرب؟ مَن يحاور مَن بعد مئات الألوف من المشردين والمهجرين داخل البلد واللاجئين إلى البلدان المجاورة؟ مَن يحاور مَن بعد كل هذا الخراب الذي أصاب البنية التحتية لبلد كانت بنيته في الأساس هشة ومتداعية، بعد أن ادثرت قرى وبلدات وأحياء بكاملها؟ مَن يحاور مَن بعد أن انتزع الصراع المسلح الطمأنينة من قلوب الأقليات، وسوريا هي أشبه بالموزائيك الديني والمذهبي والعرقي؟ وسط كل هذا تبدو قاعدة الحوار السياسي غير متماسكة وقابلة للاقتلاع بيسر. غير أن هناك ما يجعل من المحاولة في اتجاه الخيار السلمي واجبا أخلاقيا تحتمه النتائج العبثية التي وصل إليها الصراع، حيث لا غالب ولا مغلوب، فيما الشعب والوطن يتجهان إلى هاوية لا قرار لها. صار الطرفان المتصارعان يعلنان عن رغبتهما في بدء حوار اضطراري لإنقاذ سوريا والحيلولة دون إراقة المزيد من الدماء. وما يؤكد ذلك الاضطرار أن النظام الذي كان إلى وقت قريب يتحدث عن جماعات مسلحة صار يعلن عن قبوله بإجراء حوار مع المعارضة السياسية والمسلحة، في الداخل وفي الخارج على حد سواء. المعارضة من جهتها، وبعد أن يئست من إمكانية أن يساهم التدخل الخارجي في القضاء على النظام صارت تتحدث عن تخلي الجميع عنها. وهي في ذلك لا تقول الحقيقة كلها. الواقع يقول إن هناك قوى عربية ودولية لا تزال تدعم تلك المعارضة. والدليل على ذلك الضغط الذي تمارسه بعض الدول الأوروبية على الاتحاد الأوروبي من أجل تسليح تلك المعارضة. غير أن ذلك النوع من الدعم، من وجهة نظر المعارضة لا يكفي لإنهاء النزاع على الأرض لصالحها. ذلك لأنها ستظل عاجزة عن حسم الصراع لوحدها، حتى لو استمر تدفق السلاح من الخارج. كان هناك مَن يحلم بالتدخل الخارجي، على غرار ما حدث في ليبيا. وهو ما لم يقع وما لا يمكن توقع وقوعه، بسبب ما أحاط بالمسألة السورية من تجاذبات دولية معقدة. لم يبق إذاً أمام المعارضة سوى أن تقبل بالحوار. ولكنها رغم اضطرارها، تعلن حسب معاذ الخطيب زعيمها أنها تذهب إلى حوار مشروط بزوال النظام. من جهته فإن النظام حين أعلن عن رغبته في الحوار فإنه قد قفز على تلك الفقرة التي تتضمن شرط زواله. إنه يرغب في حوار غير مشروط، مع أية جهة تنتدبها المعارضة ممثلة لها. هنا بالضبط تنزلق الرغبة في الحوار إلى الهاوية أيضا. إذ المعارضة لا يمكنها بعد كل ذلك القتل الذي مارسه النظام وهي التي كانت تظن أن جرائم النظام ستكون سلمها إلى الحكم أن تذهب إلى حوار لا تضمن نتائجه. أما النظام فإنه هو الآخر لا يمكنه أن يذهب إلى حوار يعرف مسبقا أنه يهدف إلى إزاحته. ما لم تتفق الأطراف الدولية التي تعاظم دورها في المسألة السورية على حل للعقدة، فإن دماء السوريين لن توقف تدفقها النيات الطيبة.


         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير