
اعتبر الصحفي أبو بكر الجامعي أن مشاكل الصحافة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مرتبطة بالتخلف المؤسساتي، مشيرا أنه لا يمكن فهم ما تتعرض له الصحافة في هذه المنطقة دون وضعها في سياقها السياسي والدستوري.
وجاء كلام الجامعي خلال ندوة نظمت أمس الأربعاء، في إطار فعاليات تضامنية مع الصحافيين عمر الراضي وسليمان الريسوني، وكافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي بالمغرب.
وأكد الجامعي أن السنوات الأخيرة من حكم الملك الحسن الثاني هي التي عرفت فيها الصحافة المغربية الحرية، وابتداء من سنة 2000 بدأ المنع والذي كان في البداية إداريا واكبه استعمال القضاء لتصفية الجرائد.
وشدد الجامعي على أنه ليس هناك قضاء مستقل في المغرب، لأن المؤسسة القضائية مروضة وهي أداة لتزكية النخب الحاكمة، ووسيلة زجرية لمنع الصحف.
وأشار أنه إلى جانب استعمال القضاء لتصفية الصحافة المستقلة، استخدم أيضا الضغط الاقتصادي عبر حجب الإشهار والخنق الاقتصادي، وهكذا نجحوا في إبادة الصحافة المستقلة، على حد تعبيره.
وأبرز أنه ليست هناك مؤسسات صحفية مستقلة حاليا في المغرب، وحتى إذا كانت فهي قليلة وضعيفة جدا، وما تبقى هم أفراد لهم كلمة وازنة بحكم مواقفهم ورصانة فكرهم وشجاعتهم، واجهتهم السلطة باستعمال الذرائع الجديدة وهي جرائم الجنس.
وأضاف ” بعد أن قامت السلطة بتصفية المؤسسات الصحفية المستقلة، بقي بعض الصحفيين المستقلين المزعجين استعملت معهم سلاح المس بالسمعة، وهكذا تم استخدام الجرائم المفبركة ضد العديد من الصحفيين والحقوقيين أيضا”.
وتابع ” افتتاحيات سليمان الريسوني كانت صائبة لأنها كانت تنتقد أصحاب القرار الفعليين وليس الكومبارس، ولهذا تم توقفيه وحبسه”.
وأكد أن شراسة تعامل السلطة مع الصحافة المستقلة، جعلت أنه ليس هناك مكان للصحافة المستقلة في البلد، أي صحافة تتعاطى مع الشأن الصحفي بمهنية وتتوجه بالنقد للحكام الحقيقين وليس الصوريين.
وأكمل بالقول ” من السهل انتقاد العثماني صباح مساء لكن من الصعب أن انتقد من يملك القرار الفعلي”.
وزاد ” لهذا أنا أذكر دائما سليمان الريسوني لأنه كان شجاعا فيما يكتب ويشخص حالة المغرب بدقة، وهذا ما يفسر الشراسة التي تم التعامل بها مع جريدة “أخبار اليوم” حتى بعد اعتقال مؤسسها”.
واعتبر الجامعي أنه ليس هناك أي مجال للصحافة المستقلة في المغرب، حيث تمت إبادتها وهدم نموذجها الاقتصادي، مشيرا أن مداخيل صحيفة “لوجورنال” انخفضت بنسبة 80 في المائة ما بين عام 2000 و 2001.
وأبرز أن النموذج الاقتصادي الذي يمكن أن يبرز في المغرب هو مثل تجربة “نواة” أي برنامج تعاوني مدعم من الخارج، داعيا إلى إبداع نماذج اقتصادية جديدة، مثل استغلال تواجد مواطنين مغاربة في الخارج لدعم الصحف الجديدة.
ولفت إلى أن استهداف الأشخاص (الصحفيين) سببه هو غياب المؤسسات الصحفية، موضحا أن وسائل القمع تطورت وتأقلمت مع التكنولوجيا الجديدة، وخاصة في جانب التجسس على الحقوقيين والصحفيين في المغرب عبر برنامج “بيغاسوس”، وهي المسألة التي لم تأخذ حقها في الاهتمام.
وختم الجامعي مداخلته بالتأكيد أن الصحافة المستقلة لا يمكن أن تعيش في المغرب وفي دول المنطقة بشكل عام بدون ترسانة دستورية ديمقراطية، وتعددية رأسمالية تخلق سوق إشهاري قوي، داعيا في نفس الوقت إلى ابتداع وسائل جديدة في تمويل المؤسسات الصحفية.