HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة
تصفحوا العدد 328 من جريدة حقائق جهوية الكترونيا pdf






فضيحة أراضي "خدام الدولة" استمرار لمنطق الريع


حقائق بريس
الاثنين 8 غشت 2016




فضيحة أراضي "خدام الدولة" استمرار لمنطق الريع







وتستمر حلقة الفساد الضاربة جدوره في العمق..ببلادنا ولا حياة لمن تنادي، هذا ما يمكن قوله حول ملف قضية تفويت عقارات للدولة بطريق زعير بمدينة الرباط لفائدة "خدام الدولة" هذا المفهوم الذي يطرح اشكالية الريع بمختلف انواعه، وهذا اساءة الى المغاربة وضرب للقوانين، الامر الذي جعل الرآي العام ينخرط في نقاش حاد حول القضية التي اثارت جدلا سياسيا واسعا في الاوساط السياسية والمدنية ومواقع التواصل الاجتماعي، هي اكبر من صراع سياسي، ليس مجرد مزايدة اعلامية وتصفية حسابات سياسية كما اعتبره البعض، فهو قضية اخلاقية في جوهرها في مواجهة الرآي العام الذي لايدرك سوى شخصيات كبيرة محظوظة في هذا البلد حصلت على امتيازات تساوي الملايير، رجال الدولة، موظفون كبار في الدولة، وزراء سابقون وحاليون وعسكريون يستفيدون من عقارات فخمة مقابل اثمنة بخسة بموجب عقد مع مديرية املاك الدولة، ومنذ انفجار هذه القضية ورئيس الحكومة يعيش حالة احراج كبرى، والذي فضل الصمت، ماعدا ما جاء في بلاغ وزير الداخلية والمالية المعنيان مباشرة بالموضوع، البلاغ الذي كشف فيه عن وجود فئة في المجتمع تدعى "خدام الدولة" لهم الحق في املاك الدولة الخاصة كنوع من المكافأة، علما ان جميع المستفيدين وبالنظر لمسؤولياتهم السابقة او الحالية لم يكونوا بحاجة الى ذلك، في الوقت الذي من المفروض فيه ان تكون الحكومة مسؤولة كذلك من الناحية القانونية والتنظيمية، على اعتبار ان رئيس الحكومة هو المسؤول عن السلطة التنظيمية، حيث ان الملك الخاص للدولة لا يمكن تفويته دون طلب عروض ومنافسة، وان الارض التي حصل عليها خدام الدولة في كلم 9 بطريق زعير بالرباط بـ 350 درهم للمتر المربع صرفت عليها الدولة اكثر من 450 درهم للمتر المربع من اجل تجهيزها تقول المصادر، ما يعني ان المستفيدين لم يدفعوا حتى ثمن تجهيز الارض، علما ان ثمنها الحقيقي وهو 4500 درهم للمتر المربع.
القضية التي اخرجت العشرات من نشطاء تنسيقية 20 فبراير بالرباط الى جانب اعضاء في جمعيات حقوقية مغربية للمطالبة بارجاع الاراضي التي استفاد منها هؤلاء "خدام الدولة" بطريق زعير بارباط مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن اهداء هذه الاراضي وبوضع حد للافلات من العقاب، وذلك من خلال وقفة احتجاجية لهم امام مقر البرلمان بالرباط، فيما صدحت حناجرهم بالشعارات التي كانت تردد ابان الحراك المغربي قبل خمس سنوات، وعرفت الوقفة الاحتجاجية هاته مشاركة العديد من الناشطين في الجمعيات الحقوقية المغربية وكانت بمثابة رسالة موجهة لكل من يعنيه الامر بضرورة وضع حد لمظاهر الفساد التي اصبحت مستشرية في البلاد.
واوضحت هيأة ترانسبر نسي المغرب ان منح بقع ارضية لمن اسماهم المرسوم "خدام الدولة" يشكل مكافآة باملاك للدولة، واستعمال القوانين والانظمة في صالح البعض وليس من اجل الصالح العام، واعتبرت ان الاطلاع على قائمة المستفيدين الاخرين من بقع ارضية خلال العشرين سنة الماضية يؤكد ان عددا كبيرا منهم اصبح معروفا بتكديسه لثروات كبيرة بمثل هذا اللاسلوب وبسبب قربهم من السلطة، وعبر التجاوزات التي يرتكبونها للاستفادة من الممتلكات العامة الموضوعة تحت مراقبتهم، وضمان استمرار اسلوب لتدبير الشأن العام لا يمت بصلة لقيم الحكامة التي وعد بها دستور 2011.
وبخصوص هذا الملف رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام وحسب مصدر موثوق به رفع دعوى قضائية امام المحكمة الادارية بالرباط استنادا الى فصول الدستور والقانون واتفاقية محاربة الفساد بعدما امتنعت الحكومة عن الرد داخل البرلمان حول ملف تجزئة "خدام الدولة" هذا فإن جمعيات اخرى تريد ان تذهب بعيدا بالملف عبر مراسلة رئيس الحكومة من اجل الغاء مرسوم الاستفادة من القطع الرضية بثمن رمزي، لان العملية لا ترتبط بالمساواة وغير قانونية اصلا لانها لا تستند على اساس قانوني.
وقد ترخي القضية بضلالها على الانتخابات المقبلة لكون من بين المستفيدين قياديون حزبيون وسياسيون، وبحكم ان البلاد لا تفصلها الا ايام معدودة على الاستحقاقات المقبلة، حيث لا بد ان يكون لهذا النقاش اثر خلال الموعد الانتخابي المقبل، حيث ان قياديين حزبيين كثيرا ما رددوا خلال حملاتهم الانتخابية السابقة شعارات للوقوف في وجه الفساد، ومن المؤكد ان هذا الملف سيكون حاضرا في الحملات الانتخابية للاحزاب التي دائما ما تردد شعارات محاربة الفساد وخاصة التي لم يصدر عنها اي بلاغ او رد فعل ، والايام المقبلة وحدها ستكشف مدى انعكاس هذا على الانتخابات المقبلة.
وخلاصة القول ان موضوع تجزئة "خدام الدولة" ليست ملفا جديدا بل هو استمرار لمنطق الريع الاقتصادي والهيمنة على مقدرات الدولة منذ سنوات الاستقلال، وان استمرار منطق الامتيازات مقابل الولاء في عهد الدستور الجديد والتنافس الحاد على جلب الاستثمارات يضر بسمعة المغرب على المستوى الخارجي ويزرع الشك في بنية الاقتصاد المغربي، هذا وان بناء دولة الحق والقانون تتطلب تظافر الجهود بين جميع الفاعلين ورغم الاكراهات والعراقيل التي تتعلق اما بمصالح الأطراف المستفيدة من اقتصاد الريع اوالقوانين والمساطر الادارية الجارية، فتشبتنا جميعا بمظلة القانون بعيدا عن مظلة الفساد التي لا تخلق سوى فوارق اجتماعية بشتى انواعها وتخلف الحقد بين ابناء الوطن الواحد.

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير