للعلا عنوان

” نحن شعب أبيّ فخور بتاريخه، ومجروح بظلم الحاضر الذي تقزمت فيه المملكة بفعل تكالب الأطماع الأجنبية، حتى صارت الإمبراطورية الشريفة في النهاية تحارب من أجل وحدتها الترابية بلا هوادة لمدة أكثر من نصف قرن، بعدما خاضت حربا أخرى ضد الاستعمار لمدة نصف قرن آخر. مائة عام ونحن نواجه هذا التكالب، حتى إذا اطمأن العدو لانهيارنا اكتشف أننا في كل مرّة، ووسط الانهيار، لا نعمل إلا على إعادة ترتيب الأوراق. نحن صامدون، ونحن في الصحراء، والسيادة عليها أمر واقع في الميدان رغم المنازعة في الأمم المتحدة ومواجهة أكبر خصم وهو الجزائر بقوتها الغازودولارية، هذا لا ينكره إلا جاحد. وهذا هو الجدار الذي يحرسه بُناته وقد ساهم فيه كل مغربي وحدوي صادق بقدر جهده، وكل خصاص أو هشاشة اجتماعية هي مساهمة بشكل أو بآخر في مجهود الوحدة الترابية.
هذا عين الصواب، ولكن، أمام التحديات التي رضعنا مواجهتها من الأجداد، كان يمكن أن نكون أحسن وأقوى وأكثر ارتقاء في سلم بناء الإنسان. لقد تكالب علينا أعداء الخارج، ولكن، كان لنا أعداء في الداخل مجتمعون أو متفرقون في حزب الفساد. نحن قادرون على مواجهة فرنسا وعجرفتها، والجزائر وجينرالاتها، وأمريكا وترددها، وأوروبا وابتزازها، ولكننا عاجزون عن مواجهة أخطبوط مصالحي ليس من مصلحته أن يسير قطار الإصلاح إلى منتهاه. هناك رجال ونساء في كل المؤسسات يحلمون بهذا المغرب الذي ننشده عزيزا منتصرا، ولكن هناك دائما جيوب للمقاومة، وهي قويّة لدرجة أن المرحلة الغامضة التي نعيشها هي بالضبط مرحلة هذه المعركة الداخلية، التي إذا انتصر فيها الإصلاح فالقوس سيزهر، وإذا تغلب المركب المصالحي فإن قوسنا سيغلق، وهذا ما سندعو الله ألا يجعلنا نعيش مآسيه، لأننا نستحق أن نبقى للعلا عنوان”.