HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة
تصفحوا العدد 329 من جريدة حقائق جهوية الكترونيا pdf




الأكثر تصفحا


عبد الرحيم العلام: ” قرار إجبارية جواز التلقيح غير سليم ويخالف قانون الطوارئ في حد ذاته”


* أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش
السبت 18 ديسمبر 2021




عبد الرحيم العلام: ” قرار إجبارية جواز التلقيح غير سليم ويخالف قانون الطوارئ في حد ذاته”

قال عبد الرحيم العلام، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، ” إن قرار إجبارية التلقيح من الناحية الشكلية يحاول استقاء شرعيته من قانون الطوارئ الذي يقول بأن الحكومة رغم كل التشريعات وكل القوانين بإمكانها أن تصدر بعض الإجراءات الاحترازية أو شيء من هذا القبيل، وهذا موجود في المادة الثالثة، أيضا في قانون إعلان حالة الطوارئ وخاصة في المادة الثالثة التي تفيد بأنه بإمكان السلطات العمومية أن تدبر تنظيم عملية الإجراءات الاحترازية عبر بيانات وبلاغات “.

وأضاف العلام، في تصريح لجريدة ملفات تادلة، “أنه إلى حدود هذه اللحظة من الناحية الشرعية، يمكن القول إن القرار سليم، ولكن إذا أردنا أن نتعمق أكثر، وإذا أردنا أن نبحث في قانون الطوارئ، وقانون إعلان حالة الطوارئ، فإننا سنجد بأن قانون حالة الطوارئ وخاصة المادة الثالثة أجاز فعلا للحكومة أن تدبر الحياة الاجتماعية للمواطنين عبر بلاغات، لكن هذه المادة تتضمن فقرة أخيرة تقول إن هذا الأمر لا ينبغي أن يؤثر على استفادة المواطنين من المرافق الحيوية “، وهذا يطرح يتابع العلام ” إشكالا إذا كان المواطن يريد أن يستفيد من خدمة عمومية، مستشفى أو مدرسة أو غيره، سيمنع بموجب هذا البلاغ، وبالتالي فإنه من هذه الناحية فقرار إجبارية جواز التلقيح يخالف الفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون حالة الطوارئ “.

وأوضح، أنه في قانون إعلان حالة الطوارئ، وفي المادة الثالثة أيضا، فإن الجهة المكلفة بمراقبة مدى تنفيذ البيانات والبلاغات الحكومية التي تنص على الإجراءات الاحترازية، هي الشرطة الإدارية أو الشرطة القضائية ( السلطة العمومية)، فإذا كان القرار قد فوض الصلاحية للأغيار أي المواطنين لتفتيش ومطالبة بعضهم البعض بجوازات التلقيح، وإغلاق عليهم أبواب المؤسسات العمومية، فهذا القرار يفوض صلاحيات الشرطة الإدارية والقضائية لأفراد عاديين، وستصبح الدولة غير محتكرة للعنف، ويصبح المواطن العادي يمارس العنف على مواطن آخر، وهنا تسقط فكرة الدولة في حد ذاتها، لأن الدولة هي من تحتكر العنف حسب “ماكس فيبر” وغيره من السوسيولوجيين ومن منظري الدولة الذين يعتبرون في تعريفاتهم لها أن هذه الأخيرة هي من تحتكر العنف.

لكن ما حدث، يقول العلام ” أننا شاهدنا مدراء مؤسسات معينة يمنعون الناس من ولوجها آخرون يحتجزون مواطنين في وكالات بنكية، وغيرها من الأحداث التي تابعناها يوميا منذ فرض القرار، وانطلاقا من هذا، فإن قرار إجبارية جواز التلقيح غير سليم ويخالف قانون الطوارئ في حد ذاته “.

وحول الشكل الذي صدر فيه هذا البلاغ الحكومي حول إجبارية جواز التلقيح، قال أستاذ القانون الدستوري ” إن البلاغ الذي صدر لم ينشر على أي موقع إلكتروني للمؤسسات الرسمية، لا في موقع الأمانة العامة للحكومة، أو رئاسة الحكومة أو البرلمان، بل صدر على شكل قصاصة إخبارية في وكالة المغرب العربي للأنباء بدون رمز للحكومة أو توقيع رئيسها “، وتساءل العلام “كيف يمكن منع المواطنين من ولوج المرافق العمومية واحتجازهم والتسبب في اعتقالهم إذا رفضوا الامتثال لقصاصة إخبارية؟ وهذا أمر غير معقول، لذلك كان من المفروض على الحكومة إذا أرادت أن تطبق هذا البلاغ أن تراعي أولا أنها تخالف قانون الطوارئ في حد ذاته، وقانون إعلان حالة الطوارئ، وإذا كانت مستمرة ومستميتة وغير مبالية بهذا الموضوع، كان على الأقل أن تمهل الناس شهورا متعددة، وأن تنشر البلاغ في الجريدة الرسمية أو أن تصدر قانونا لأنه لا يعقل أن قانون الطوارئ الذي صدر في مارس 2020، والذي كانت فيه الظروف غير الظروف الحالية، بحيث كان الناس فيه يعيشون حالة رعب وخوف وكان أي قرار يمكن أن يتم التوافق عليه، لأننا لم نكن نعرف طبيعة العدو وما هو شكله “.

واعتبر العلام، أنه أصبح اليوم من المفروض أن يعدل قانون الطوارئ، أو على الأقل لما أرادت الحكومة أن تصدر جواز التلقيح كان عليها أن تفرضه من خلال قانون ويكون نقاش عام حوله، مشيرا إلى أن الحكومة بدأت تتدارك الأمر رغم صدور القرار، فتارة يقولون إن الخروج إلى الشارع ينبغي أن يكون بجواز التلقيح ثم بعد ذلك يتم التراجع عن هذا الأمر، وبعد ذلك قالوا إن الخروج إلى الشارع لا يستدعي جواز التلقيح، ثم فيما بعد قالوا التنقل بين المدن يستدعى جواز التلقيح ثم تراجعوا عن هذا الموضوع، وبعده تم القول بأن المدارس والجامعات معنية بجواز التلقيح وتراجعت وزارة التربية الوطنية عبر بلاغ قالت فيه بأن أطفال المدارس غير معنيون بهذا الأمر.

وتساءل العلام، لماذا في البداية لم تتريث الحكومة قبل إصدار قرار أثار الكثير من المشاكل، بحيث أن هناك معتقلين بسبب الاحتجاجات ضد هذا القرار؟ مضيفا، “لو أن القرار صدر على الأقل بأن هناك إمكانية للناس لكي يحصلوا على شهادة صحية تعفيهم من جواز التلقيح أو تسمح بـPCR وتمهل المواطنين مدة شهرين كما فعلت تونس، لربما تكون حدة الرفض والاحتجاجات أقل”.

فالحكومة اليوم يقول العلام، ” لم ترغب في فرض التلقيح، وفرضته بطريقة أخرى غير مباشرة من خلال فرض جواز التلقيح” مضيفا، “اعتقد أن الحكومة لم تلجأ إلى فرض جواز التلقيح لأنها تخشى أن الناس الذين يتعرضون لأضرار جانبية نتيجة التلقيح سيطالبون الحكومة بتعويضات، وبالتالي عليها أن تعوض الذين تضرروا، وستكثر عليها الدعاوي في المحاكم، وربما ستستنزف خزينة الدولة، لذلك فهي فرضت التلقيح بطريقة أخرى، وحتى الذي تضرر، فإنها تقول بأنها لم تقرر إجبارية التلقيح.

وأكد أستاذ القانون الدستوري، أن” هذا القرار غير سليم وخالف قانون الطوارئ وقانون حالة الطوارئ، وفوض صلاحيات الشرطة الإدارية للأغيار، ولم يكن متريثا وإنما مستعجلا، ولم يمهل المواطنين لتدبر أمورهم، بل المستغرب هو أن هناك من اعتقل في بداية عملية التلقيح والكثير من المسؤولين تمت محاسبتهم لأنهم سمحوا لأناس غير معنيين بالتلقيح، وهناك مواطنون تمت معاقبتهم في البداية لأنهم لقحوا وكانت الحكومة تقول إنه لا توجد إجبارية التلقيح، واليوم أيضا أعتقل مواطنين لأنهم لم يلقحوا، وهذا هو مشكل تدبير الحكومة لهذه الأزمة الوبائية، والذي يتميز بالعشوائية والارتجالية في التعامل مع الأزمة الوبائية.

وحول موضوع منع الوقفات الاحتجاجية الرافضة لإجبارية التلقيح ، أشار العلام إلى أن الحكومات تنتظر مثل هذه الأوبئة والأزمات لتفرض بعض الإجراءات، وهذا ما أشار إليه “مشيل فوكو ” في كتابه “المراقبة والمعاقبة ولادة السجن” يتابع العلام، لذلك لم تكن الحكومة المغربية استثناء في هذا الموضوع، بل كانت من أبرز من جسد هذا الانتظار، مضيفا ” أن هناك بعض التجمعات مثل الأعراس ممكن مسموح بها وفي الجنائز أو مدرجات الجامعات التي تحوي أزيد من مئات الطلاب مسموح بها، لكن وقفة احتجاجية لعشرة أفراد في فضاء مفتوح، يتم منعها بذريعة قانون الطوارئ، وبالتالي فإن الحكومة استغلت حالة الطوارئ للمزيد من التضييق واستغلال حالة الطوارئ كشماعة تعلق عليها أعمال القمع التي يواجه بها المحتجون في الشارع العام.

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير